الإثنين، 06 يناير 2025

05:07 ص

محمد صالح
A A

2-0.. لماذا نجح الحريفة في المهمة الثانية؟

ربما أبرز ما يهدد صناعة السينما في غالبية الأوقات، الملل الذي يضربها، يمل الجمهور مما يقدمه الصُناع، ما بين تكرار السيناريوهات التي قد تكون مُقتبسة من الأساس، أو تكرار الوجوه والظهور بأدوار متكررة.
تحتاج الصناعة في كل فترة لصدمة جديدة، ولا تصلح الأحوال السينمائية بغير ذلك، الصدمة ينبغي أن يكون لها مقومات لتنجح، جرأة إنتاجية، وسيناريو وأفكار جيدة، ومواهب فنية تستطيع ترجمة كل هذا. 
وعلى الرغم من المفاجأة التي تعرض لها البعض بعد النجاح الكبير لأولى أجزاء فيلم "الحريفة"، إلا أن التدقيق في الأمر يجعل النجاح طبيعيًا، ويجعلنا نؤمن بشكل أكبر أن الجمهور في احتياج مستمر للأفكار الجديدة، وأن مقولة "أصل الناس عايزة كده" تُثبت فشلها. 
نجح الحريفة منذ بداية عرضه، وأحكم قبضته على مركز المقدمة لشباك تذاكر السينما المصرية ولم يتركها سوى بعد شهور، وسطر صُناعه أسمائهم في قائمة أكثر 10 أفلام مصرية حققت إيرادات في التاريخ، واقترب إجمالي إيراداته من 75 مليون جنيهًا داخل مصر فقط. 
وقبل نهاية العام، استقبل الجمهور ثاني أجزاء "الحريفة"، لتمتلىء القاعات بالمشاهدين من كل الأعمار، وتصبح مهمة أن تجد كرسيًا فارغًا من الأمور الصعبة، إذا تجولت بين قاعات العرض في مختلف السينمات ستجد الفيلم يُعرض في 3 و4 شاشات في وقت واحد، وفي حفلات متأخرة بعد منتصف الليل. 


لماذا نجح "الحريفة" في مهتمهم الثانية؟ 

*بعض التفاصيل تناولها غير كامل لعدم حرق الأحداث

النجاح، خاصة وإن كان ساحقًا، لا بد وأن تكون له مجموعة من الأسباب، ما بين فنية وإخراجية وإنتاجية، وهو ما نجح فيه صُناع "الحريفة" بشكل كبير.


سرعة

عامل السرعة ليس مهمًا فقط في حلبات "الفورميلا" أو بالنسبة لظهيري الجنب بملاعب الكرة، في صناعة السينما لا يكفي فقط أن تُقدم أفكارًا جيدة ولديك الجرأة لتنفيذها، ولكن عليك أن تستكمل جرأتك ويظهر عملك للنور سريعًا، أفلام كثيرة ومسلسلات أيضًا نجحت بشكل كبير، وأعلن صناعها تنفيذ الجزء الثاني، ومرت سنوات ولم يحدث. 
استثمر صُناع "الحريفة" نجاح أول الأجزاء وقرروا فورًا تنفيذ الجزء الثاني وطرحه قبل نهاية العام، الجزء الأول طُرح في 4 يناير، والثاني عُرض للجمهور في 4 ديسمبر، ليصبح "الحريفة" هو أول فيلم مصري يطرح جزئين دفعة واحدة في عام واحد. 

الحريفة نجحوا للمباراة الثانية على التوالي


ألعاب نفسية 

وضع الكاتب إياد صالح بداية مثالية لمهمته الثانية مع الحريفة، تبدأ الأحداث من حيث انتهت في الجزء الأول، يدخل الحريفة إحدى الجامعات الراقية ويصطدمون بالواقع داخلها، ويذهب ماجد للبرتغال باحثًا عن التألق في ملاعب أوروبا، ينتهي حلم ماجد بشكل مؤقت ويفاجىء الجمهور ببعض التفاصيل النفسية والإنسانية التي تتحكم في الأحداث لاحقًا.


بلا تعقيد

السيناريو الجيد لا يشترط معه بشكل دائم أن تفاجىء الجمهور بشكل مستمر، أو أن تعتمد على "البلوت تويست" في الأحداث، طالما الفكرة جيدة وأحبها الجمهور، لا مانع أن تستكمل على نفس النهج، أنت هنا لا تبحث عن النجاح، النجاح تحقق بالفعل والبحث هنا عن استمراره، وهي مهمة ليست بالسهلة، اختار إياد صالح السير على نفس نهج الجزء الأول، وكان اختيارًا صائبًا يرتبط بطبيعة الفيلم والأبطال المشاركين.


الحفاظ على الأبطال 

كان جيدًا أن يظهر الحريفة بمجموعتهم الكاملة، وعدم استبدال أفراد من المجموعة بآخرين، ارتباط الجمهور بالحريفة كان لا بد وأن يكتمل، في الوقت نفسه تبدلت بعض الأسماء الأخرى، غاب ميدو وبيومي فؤاد في الوقت الذي ظهر به آسر ياسين بشكل مميز بشخصية دكتور منصور، كما أن مشاركة أسماء جلال بشخصيتها الحقيقية أضفى مشاهد كوميدية جديدة نالت إعجاب الجمهور، وكان توظيف الجميع جيدًا من جانب المخرج كريم سعد.


جمهور عام

عبارة "جمهور عام" كانت من أهم نجاح أول أجزاء الحريفة، ويُحسب للصناع الحفاظ على ذلك في ثاني الأجزاء، وعدم الاستسلام لأفكار جديدة غير ملائمة، من النجاح أن تجد فيلم يعتمد على حوار بين مجموعة من الشباب من طبقات مختلفة بلا ألفاظ جريئة أو مشاهد، والمثير في الأمر أن الجمهور من نفس الفئة العمرية يتقبل ذلك ويرحب به.


دعايا

على صناع السينما أن يؤمنوا بأن الأمر حاليًا لا يدور في إطار من السيناريو الجيد والأبطال فقط، التسويق والدعايا أمرين مهمين، وكانت تفاصيل الحملة الدعائية للفيلم جيدة، خاصة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن التحضير للعرض الخاص بشكل مميز شجع الجمهور على مشاهدة الفيلم.
إلى صُناع "الحريفة".. في انتظار الهاتريك قريبًا.

search