بعد دعوات "الهلالي".. الإفتاء: المساواة في الميراث نزع لقداسة النص

دار الإفتاء
محمد لطفي أبوعقيل
ردت دار الإفتاء على تصريحات أستاذ الفقه المقارن الدكتور سعد الدين الهلالي، حول المواريث، والذي قال إنه لا يوجد نص قرآني صريح يمنع المطالبة بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، خاصةً إذا كانا متساويين في درجة القرابة مثل الأخ والأخت.
التبرع الفردي
وقالت دار الإفتاء في بيان لها، إن التبرع الفردي لا ينتج تشريعًا عامًا يلغي أصل جواز التبرع ويجعله إلزامًا قانونيًّا، ولا خلاف بين العلماء في جواز تبرع الشخص لأخته أو غيرها من ماله أو نصيبه من الميراث أو غيره من الأموال، كما لا يوجد ما يمنع من تبرع الأخت لأخيها ومساعدته من مال الميراث أو غيره أيضًا، إذ التبرع باب من أبواب الإحسان، وهو مشروع ومحمود شرعًا؛ ولكن أن يُتخذ هذا الجواز الفردي ذريعة لاقتراح تشريع عام ملزم يُلغي أصل جواز التبرع علاوة على أحكام المواريث القطعية، فذلك خلط شنيع بين التصرف الفردي والتشريع الإلزامي، وهو مغالطة لا تخفى على ذوي العقول والبصيرة.
وأوضحت، أن الفرضيات الجدلية لا تُنتج أحكامًا شرعية فحين يُقال: “لو تراضى المجتمع على المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث، فلماذا لا يُشرّع ذلك؟”، فهذه فرضية مفتعلة لا تُغير من الحقيقة شيئًا؛ فإن الأحكام الشرعية توقيفية لا تُغيَّر بالتصويت ولا بالتوافق المجتمعي، خصوصًا وأن من يدعون إلى ذلك أو ينادون به يتغافلون أن من أسماء هذا العلم علم الفرائض جمع فريضة وهو ينزع عنه صفة الفريضة والواجب عند التوزيع إلى صفة الحق فقط، وينسى أن الله تعالى قال في آيات الميراث: {فريضةً من الله} [النساء: 11]، فأحكام الميراث ليست حقًا فقط لصاحبه التبرع به؛ بل واجب وفريضة وليس رأيًا بشريًّا قابلاً للإلغاء أو التطويع؛ وإلا فلمن يأكل ميراث أخته أن يقول بمنطق صاحب الطرح ألا تملك أن تتبرع به لي فلماذا لا آخذه أنا، وهو ليس فريضة كالصلاة إلى غير ذلك من الحجج الواهية، على أن أي مجتمع هذا الذي سيتفق على أن يسلب حقوقه الشرعية المالية من أجل دعاوى لا يطبقها صاحبها على نفسه فضلًا عن غيره.
مغالطة القياس على التبرع
وأكدت أن القياس بين التبرع (وهو مباح) وبين تغيير فريضة الميراث (وهو محظور) هو قياس فاسد، أشبه بمن يقترح توزيع أموال الأغنياء بين الفقراء بالقوة لأنهم «يستطيعون التبرع بها!» فلو كان هذا منطقًا سليمًا، لما بقي حقٌ ثابت ولا مالٌ مصون.
المقصد الحقيقي نزع قدسية النص
وتابعت، إن ما يُراد فعليًا من هذه الدعوات ليس المساواة كما يُدعى؛ بل نزع القداسة عن النصوص القطعية، وتحويلها إلى ساحة نقاش وجدال، تمهيدًا للتقليل من أحكام الأسرة.
فوضى التأويلات الباطلة
وأكملت، إذا قُبل هذا المنطق المخالف فستُفتح الأبواب لكل تأويل باطل، يُقاس فيه المشروع «التبرع» على غير المشروع "تغيير الفرائض"، ويمهد لهدم الضروريات الخمس، تحت غطاء «الاجتهاد المجتمعي»، والواقع أنه إلغاء للشريعة باسم الاجتهاد.
هل يبقى التبرع حقًّا بعد تحويله إلى قانون؟
وأوضحت أنه إذا ما تم تشريع المساواة في الميراث، فلن يعود التبرع خيارًا؛ بل يُصبح حقًا قانونيًّا يُمكن أن يُقاضى الأخ إن لم يعطِ أخته ما لم يُفرض عليه شرعًا، فيُسلَب الإنسان ماله، ويُحمّل ما لم يُكلّفه الله به، وهذا هو عين الظلم.
تجلب غضب الله
وشددت أن مثل هذه الأطروحات التي تجلب غضب الله لمخالفة تشريعاته والدعوى العامة لذلك، فإنها أيضًا تشوه صورة المجتمع الذي يقبل هذه الدعاوى في أعين وعقول المسلمين في شتى بقاع الأرض كما يفتح الباب الخلفي للجماعات التكفيرية للطعن في المجتمع وتشريعاته واستباحة حرماته فهل نحن بحاجة لمثل هذه الادعاءات؟.
وأشارت إلى أن الثوابت ليست محل تصويت وهي ليست قاصرة على العبادات أو أركان الإسلام؛ بل كل قطعيات الدين -أي: التي ثبتت بنص قطعي الثبوت وقطعي الدلالة- سواء في كل مجالات التشريع الإسلامي كما لا يخفى ذلك على العامة فضلًا عمن ينتسب للعلم.
التطوع أو الاستفتاء الشعبي
وأكدت أن الدعوة إلى المساواة المطلقة في الميراث، تحت لافتة التطوع أو الاستفتاء الشعبي، ليست إلا ستارًا يراد به نقض الحكم الشرعي، وإسقاط القدسية عن النص، وإلحاق الأمة بركب مفاهيم دخيلة لم تُنتج إلا اضطرابًا وانهيارًا في مجتمعاتها، موضحة أن النص القطعي ليس مادة لإعادة التشكيل؛ بل هو نور يُهتدى به، وحدٌّ لا يُتجاوز، فثوابت الشريعة وفرائض المواريث منها ليست مجالًا للتبديل، وواجب المسلمين حماية تطبيقها وتنفيذها وليس تعطيلها واستبدالها.
ولفتت أن هذه الدعوى تقلب الموازين فبدل أن يحمى التشريع القانوني الحق الشرعي ويضمن تنفيذه على خير وجه، يحاول صاحب الطرح المخالف أن يجعل التشريع القانوني معتديًا على الحقوق الشرعية وطريقًا لسلب الناس حقوقهم وأموالهم، مستندًا في سلبه إلى قابلية الحق للتبرع بعد وجوبه!، وهو يريد تشريعًا يغير أصل وجوبه تمامًا، وهو من أعجب الاستدلالات وتحريف الحق باسم الإحسان.
واختتمت، سيبقى الإسلام محفوظًا، مهما تكاثرت عليه دعاوى التغيير، ومهما تلونت الشعارات، وواجب العلماء الدفاع عن ثوابت دينهم وبيان زيف هذه الأطروحات.
-
12:00 AMالفجْر
-
12:00 AMالشروق
-
12:00 AMالظُّهْر
-
12:00 AMالعَصر
-
12:00 AMالمَغرب
-
12:00 AMالعِشاء


أخبار ذات صلة
كريمة: الميراث ليس قرار شعب ولا ماسورة صرف صحي
20 أبريل 2025 11:40 م
وزير السياحة: خطة متكاملة لتقديم تجربة استثنائية في أهرامات الجيزة
20 أبريل 2025 11:26 م
محافظة أسيوط تعلن جاهزيتها لاستقبال احتفالات شم النسيم
20 أبريل 2025 11:20 م
"تخالف الأمانة العلمية".. أزهري يرد على تصريحات سعاد صالح حول النقاب
20 أبريل 2025 11:05 م
ما هو يوم النحر؟.. أفضل أيام السنة
20 أبريل 2025 11:00 م
تفاصيل طقس شم النسيم ودرجات الحرارة المتوقعة
20 أبريل 2025 10:49 م
من "الراقصة الشهيدة" لـ"جدل الميراث".. عندما "يفتي" سعد الهلالي
20 أبريل 2025 10:37 م
نجاح أول عملية منظار قنوات مرارية وتركيب دعامات لمسنة بالغربية
20 أبريل 2025 10:30 م
أكثر الكلمات انتشاراً