الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:09 م

الاقتصاد المصري.. انفراجة وشيكة وتحذير من التضخم

صورة للدولار مموهة بعلم مصر

صورة للدولار مموهة بعلم مصر

ولاء عدلان

A A

شهد الأسبوع المنقضي تطورات إيجابية على الصعيد الاقتصادي، أبرزها تراجع حاد لسعر الدولار الموازي واستلام الدفعة الأولى من أموال صفقة رأس الحكمة، وتصريحات إيجابية لمسئولي صندوق النقد الدولي، ما عزز الرهانات على انفراجة وشيكة لأزمة ممتدة منذ أكثر من عامين.

قال أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، حسن الصادي، إن صفقة رأس الحكمة والصفقات المشابهة التي يُجرى الإعداد لها مثل مشروع رأس جميلة ستشكل انفراجة قوية للأزمة الحالية، وستسهم في تعزيز الثقة الدولية في الاقتصاد المصري.

أعباء الديون 

أوضح الصادي أن صفقة رأس الحكمة ستوفر سيولة مباشرة بنحو 24 مليار دولار وسيولة غير مباشرة عبارة عن ودائع لدولة الإمارات لدى البنك المركزي بقيمة 11 مليار دولار، وبالتالي ستسهم في تعزيز الحصيلة الدولارية للدولة ومن جهة أخرى ستخفف من عبء الديون الخارجية باعتبار أن الوديعة الإماراتية هي جزء من هذه الديون.

توقع أن تعلن الحكومة، خلال الفترة المقبلة، عن مزيد من الصفقات على غرار رأس الحكمة مع شركاء إقليميين أبرزهم السعودية وقطر والكويت، ما سيساعد في تخفيف أعباء الديون والضغط أكثر على دولار السوق السوداء، وهنا نوه إلى ضرورة أن تستغل الحكومة تدفقات صفقة رأس الحكمة في إعادة هيكلة الاقتصاد، وتحجيم السوق السوداء للعملة، وتجنب التوسع في إصدار سندات بفائدة مبالغ فيها، تتجاوز المستويات المعروضة على سندات دول مثل البرازيل والهند.

أضاف أنه في حال استخدمت الحكومة التدفقات المباشرة لصفقة رأس الحكمة في إطلاق عملية تحريك جديد لسعر الصرف (خفض قيمة الجنيه) فإن هذا التحرك سيكون غير محبذ في الوقت الراهن، خصوصًا أنه قد يدفع السوق السوداء، للقفز أعلى المستوى الرسمي الذي سيعلنه المركزي، مشيرا إلى أن توقعات المؤسسات المالية الدولية ترجح خفض المركزي للجنيه إلى نطاق بين 40 و45 جنيهًا للدولار الواحد من مستواه الحالي البالغ 30.8 جنيه للدولار.

واستطرد أن خفض سعر الجنيه مرة أخرى لن يحل الأزمة بقدر ما سيعقد المشهد وسيدفع مستويات التضخم للصعود وسيرفع أعباء الديون، الأمر الذي “يجعلنا ندور في دائرة مفرغة لنجد صندوق النقد الدولي بعد فترة يطالبنا مرة أخرى بخفض جديد لسعر الصرف”.

خسر الجنيه خلال عامي 2022 و2023 نحو 60% و25%، على الترتيب، من قيمته مقابل الدولار، بالتزامن مع خروج أموال ساخنة بنحو 20 مليار دولار على خلفية حرب أوكرانيا، الأمر الذي تسبب في تراجع مستمر لاحتياطي النقد الأجنبي منذ نهاية 2021، عندما سجل 40.9 مليار دولار، ليصل بنهاية ديسمبر الماضي إلى 35.3 مليار دولار. 

تعزيز الثقة الدولية

شدد الصادي على أن صفقة رأس الحكمة ستمهد الطريق للحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد والبنك الدولي وغيرهم من المانحين الدوليين، لكنه حذر من أن أموال الصندوق ستأتي بشروط وفوائد جديدة وستسهم في ترحيل الأزمة الاقتصادية، التي لن تحل إلا بتعزيز الرهان على تنمية الاقتصاد الحقيقي الممثل في القطاعات الإنتاجية والصناعية.

رأى أستاذ الاقتصاد والاستثمار، ماجد عبد العظيم، أنه منذ الإعلان عن صفقة رأس الحكمة في 23 من فبراير الحالي بدأ سعر الدولار في السوق السوداء يتراجع إلى حدود 46 جنيهًا بعد أن كان يتداول عند 73 جنيها خلال يناير، الأمر الذي ساهم في تضييق الفجوة بين السعر الموازي للدولار وسعره الرسمي، بما يسمح للحكومة بهامش مناورة لتعزيز الحصيلة الدولارية في القطاع المصرفي وسد احتياجات المستثمرين من العملة الصعبة.

تابع أن نجاح صفقة رأس الحكمة سيعزز ثقة رؤوس الأموال الأجنبية في الاقتصاد المصري، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على مسار الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، "وسنشهد انفراجة قوية بعد أزمة نقص الدولار الخانقة خلال العامين الماضين".

وتوقع أن تعلن مصر قريبًا عن اتفاق جديد مع صندوق النقد، مشيرًا إلى أن صفقة رأس الحكمة غيرت الموازين، وأن الصندوق الآن أصبح أكثر ثقة في قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الخارجية.

قبل يومين، قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، في تصريح صحفي، إن الصندوق يضع مع القاهرة اللمسات النهائية على حزمة التمويل الإضافية التي ستعلن في غضون أسابيع، بعد الانتهاء من حل كافة القضايا الأساسية المتعلقة بقرض الـ 3 مليارات المتفق عليه نهاية 2022.

وتوقع بنك جولدمان ساكس، في مذكر حديثة، الإعلان عن اتفاق مصر مع الصندوق في غضون أيام، وقال إن التمويل الإضافي بات وشيكًا، وقد يتراوح بين 15 مليار دولار و20 مليار دولار، على أن يشمل طرفًا ثالثًا غير الصندوق، مشيرًا إلى أن شروط الصندوق تدور حول نظام سعر صرف أكثر مرونة وتمكين القطاع الخاص.

مراسم توقيع صفقة راس الحكمة

التضخم والنمو 

قالت وكالة "فيتش"، أمس الجمعة، إن صفقة رأس الحكمة ستخفف من ضغوط السيولة الخارجية لمصر وتسهل تعديل سعر صرف عملتها، لكنها شددت على أن مصر لا تزال تواجه تحديات كبرى على مستوى الاقتصاد الكلي على مدى العامين الماليين 2024 و2025، وسط توقعات بارتفاع التضخم واستمرار الضعف النسبي في معدلات النمو الاقتصادي.

رأى الدكتور ماجد عبد العظيم أن معدلات التضخم سواء في مصر أو العالم ككل مرشحة للارتفاع خلال الفترة المقبلة، نتيجة لعدة عوامل أبرزها استمرار التوترات الجيوسياسية خصوصًا في منطقة البحر الأحمر باعتبارها ممر ملاحي هام لحركة التجارة العالمية، الأمر الذي سيترجم إلى اختناقات في سلاسل الإمداد والتوريد العالمية وبالتبعية ارتفاع في أسعار غالبية السلع فضلًا عن تأثير ارتفاع أسعار الشحن وتكلفة تأمين السفن.

توقع أن تستمر الضغوط على صعيد النمو الاقتصادي، وأن تشهد مصر والعديد من الدول بما فيها الاقتصادات الكبرى تراجعًا في معدلات النمو، نتيجة لاستمرار تداعيات ارتفاع تكاليف الاقتراض.

رجح الخبير الاقتصادي، حسام عيد، أن تشهد الأيام المقبلة تحريكًا جديدًا لسعر الصرف، لاسيما بعد استلام الحكومة للدفعة الأولى من أموال صفقة رأس الحكمة البالغة 10 مليارات دولار، وقرب التوصل لاتفاق مع صندوق النقد، لكنه حذر من أن أي قرار بخفض قيمة الجنيه سيسهم في رفع التضخم لمستويات قد تقترب من 50% بعد أن تباطأ إلى 29% خلال يناير الماضي، كما سيصاحب القرار رفعًا جديدًا لمعدلات الفائدة الأمر الذي سيضغط على معدلات النمو الاقتصادي.

search