الجمعة، 20 سبتمبر 2024

07:07 ص

تصنيف وكالات الائتمان.. حقيقة أم وهم؟

مؤشرات - أرشيفية

مؤشرات - أرشيفية

محمود كمال

A A

“حقيقة.. أم تصنيف يدخل في دائرة الوهم”، تساؤلات دأب عليها كثيرون ممن تفاجئوا بتقرير وكالة “موديز” التصنيف الائتماني، تخبرهم فيه أن جهود حكومتهم خلال الشهور أو ربما الأعوام الماضية “لا تسير على نحو جيد”.

التصنيف الائتماني يعكس الحكم على مدى قدرة الدولة على سداد ديونها، وذلك وفقًا لعدد من المعايير الاقتصادية والحسابية والتدفقات المالية التي توضح الوضع المالي للدولة.

الخميس الماضي، عدّلت وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية، واضعة في الاعتبار زيادة المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى أزمة سعر الصرف المُتمثلة في شح الدولار مع ارتفاع سعره في السوق الموازية بأكثر من الضعف عن السوق الرسمي.

يأتي هذا التصنيف مع مطالبة مصر بسداد ديون مُقدرة بنحو 42.5 مليار دولار في عام 2024، فهل يتمتع التصنيف بالنزاهة والحيادية التي تجعل من هذه النظرة فاصلة للوضع المالي والأزمات الاقتصادية المُستقبلية للبلاد أم لا؟.

فشل التوقع بالأزمة الأضخم

في عام 2008، وقعت وكالة "ستاندرد أند بورز" في خطأ كبير عرّض العالم إلى أسوأ أزمة اقتصادية بعد أزمة الكساد الكبير سنة 1929، وفقًا لما وصفها بن برنانكي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق.

 أعطت الوكالة تصنيفات مُضللة للمستثمرين ومنح درجات عالية لمنتجات مالية ذات جودة رديئة، ما تسبب في إفلاس 19 بنكا في الولايات المتحدة الأمريكية، أبرزها "بير ستيرنز" والذي كان يملك 10 تريليونات دولار من الأصول المالية، بالإضافة إلى خسائر أسواق الأسهم العالمية نحو 5 تريليونات دولار.

التصنيف تسبب في وفاة 10 آلاف شخص وخسارة الملايين لوظائفهم، خصوصا بعدما امتد إلى أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وهو ما دفع الحكومة الأمريكية إلى ملاحقة وكالة "ستاندرد أند بورز" قانونيًا واتهمتها بتضخيم تصنيف سندات الرهن العقاري رغم معرفتها بخطورة هذا الوضع.

أزمة الرهن العقاري 2008

هيمنة أمريكية أم رخاء اقتصادي؟

تحدث الكاتب حيدر حسين في كتابه الذي يحمل عنوان "وكالات التصنيف الائتماني.. أدوات للرخاء الاقتصادي أم هيمنة أمريكية؟"، عن تصنيف وكالة "ستاندرد اند بورز" لديون اليونان إلى درجة خطيرة في 2010، ما أفقد المستثمرون ثقتهم بالدولة الأوروبية وأدى إلى تعميق الأزمة الاقتصادية، الأمر الذي دفع صندوق النقد الدولي إلى تقديم حزمات مساعدات ضخمة إلى أثينا.

يقول الكاتب أن “تلك الوكالات ليست معصومة من الخطأ، ولا يصح التعامل مع تصنيفاتها على أنها مؤامرة فقط”.

“تصنيف الوكالات صحيح”

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي محمد بدرة، أن تصنيف الوكالات لوضع الاقتصاد يكون “صحيحا” باعتباره يعتمد على (50) معيارا، منها ما يتعلق بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، على أن يأخذ كل باحث نقطة لدراستها ولا يكون التقييم على الأهواء الشخصية، وفق رؤيته.

يقول بدرة لـ "تليجراف مصر"، إن وكالتي "موديز" و"فيتش" من أعلى وكالات التصنيف الائتماني ثقة، وتصنيفها يؤثر على الاستثمارات الأجنبية، خصوصا أن المستثمر عندما يرغب في الاستثمار فإنه يضع في اعتباره استرداد أمواله. 

هل يمكن التغلب على تقييم "موديز"؟

تتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي حول مراجعات برنامج التمويل والذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، خصوصًا مع الفجوة التمويلية التي تتراوح بين 6 وحتى 8 مليارات دولار للعام المالي الحالي، وفقًا لوزير المالية محمد معيط.

يشير الخبير المصرفي إلى أن التغلب على تقييم "موديز" يكون من خلال إتمام صندوق النقد للمراجعات المُعلقة وبدء استلام باقي شرائح قرض الصندوق، الأمر الذي سيساعد على جذب رؤوس الأموال الأجنبية.

شعار وكالة "موديز"

“يؤثر على سعر الفائدة”

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي محمد شادي، إن تصنيف هذه الوكالات تقوم على أساس رياضي بَحْت، والتي توضح أن قدرتنا على الوفاء بالديون تتراجع.

يضيف شادي لـ"تليجراف مصر"، أن تأثير هذا التقييم على الاقتصاد ليس سلبيا بشكل كبير ويمكن للدولة أن تتفاداه بسهولة، خصوصا أن كل تأثيره على سعر الفائدة الذي نقترض به، ويؤدي إلى هبوطها بـ0.4% وهي نسبة ضئيلة جدًا.

فيما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد، يرى الخبير الاقتصادي أن “الشريحة الأولى للقرض قد تصل إلى 3 مليارات دولار، وهو ما سيحسن وضع الاقتصاد المصري بشكل كبير”.

search