الإثنين، 16 ديسمبر 2024

12:41 ص

محمد صالح
A A

القبطان الحكيم.. نبيل الحلفاوي الذي يُشبه أبي

يُعرف القبطان بأنه أعلى سلطة متواجدة على سطح السفينة، يضمن امتثالها للقوانين المحلية والدولية، وصلاحية السفينة والملاحة الآمنة لها. 
يظهر القبطان قائدًا في كل الأوقات، أنيقًا في ملابسه، يحافظ على هدوئه وحكمته حتى في أصعب الأوقات، كما أنه في غالبية الأمر يملك لحية بيضاء كما عودتنا الأفلام الأمريكية. 
والفنان الراحل نبيل الحلفاوي استحق لقب "القبطان" بجدارة وليس ذلك من فراغ، أو على سبيل المصادفة، كونه تميز على مدار تاريخه الكبير بالصفات الرائعة، خلال أعماله الفنية الهامة، أو على صعيد حياته الشخصية. 
قد يكون منحه الجمهور اللقب بعد دوره الأيقوني بفيلم "الطريق إلى إيلات"، وتداول الجمهور كوميكس “العسلية” اعتزازًا وتقديرًا لفنان كبير، ولكن الحلفاوي على مدار عمره كان مثًلا أعلى، إنسانيًا وفنيًا، وقدوة في احترام الجمهور، واحترامه لنفسه وقيمة فنه. 
نبيل الحلفاوي أحد أهم أبرز المواهب الفنية التي ربما لم تنل حقها في أدوار البطولة، إذا تحدثنا بوجهة نظهر فنية نقدية، وأكاد أن أجزم بأن الأمر لم يخطر بباله في أي مرحلة من مراحل عمره، معتبرًا أن الأهم هو ترك قيمة فنية وإنسانية في وجدان من يشاهده. 
على الصعيد الشخصي، كان نبيل الحلفاوي إنسانًا في تعامله مع الآخر، لم يعش في قوقعة كنجوم آخرين، تفاعل مع جمهوره بشكل مستمر على مدار سنوات عبر حسابه على منصة “إكس”، وحتى قبل وعكته الصحية بساعات قليلة، شارك جمهوره تفاصيل كروية وأدبية وثقافية.
جنى الحلفاوي قبل وفاته بأيام قليلة ثمار ما قدمه، وغرد المتابعون على مدار أيام من أجله، وأوجدوا مساحة للدعاء عبر الفضاء الافتراضي ليعود إليهم من جديد. 
قبل ساعات، أرسلت لي شقيقتي تُنبهني إلى وفاة الحلفاوي، استقبلت رسالتها قبل أن تباغتني برسالة صوتية، أخبرتني خلالها أن نبيل الحلفاوي يُذكرها بوالدنا، بطريقته وصوته. 
اشترك والدي الراحل مع الحلفاوي في صفات عدة؛ الحكمة التي افتقدتها بعد وفاته، وصوته الحنون الهادىء، وعُزلته الاختيارية أحيانًا بعيدًا عن التجمعات الزائفة، وآراؤه الحكيمة، ولحيته البيضاء.
حينما علمت بالمرض الشديد الذي يعاني منه نبيل الحلفاوي، ودخوله غرفة العناية المركزة، تمنيت له الراحة والسلام، وفي نعي ولديه بعد وفاته، كتبا أن الله استجاب لدعاء الوالد، ولم يمر بعذاب طويل مع مرض وألم طويل، وكان دائما يدعي بذلك، وأن الله لم يخذله.
تذكرت والدي حينما اشتد عليه المرض، حاول الإفلات منه لسنوات بالحفاظ على عادات غذائية وصحية أمًلا في ألا يسيطر عليه أكثر من ذلك، وحينما تمكن منه، تمنيت له الرحمة، حيًا قبل وفاته، لعل الله يمنحه الراحة بلا ألم، طالما أصبح الشفاء بعيدًا.


رحم الله نبيل الحلفاوي ووالدي.
 

search