الأربعاء، 25 ديسمبر 2024

02:55 م

بين الإهمال والايجار القديم وتحديات المناخ.. عقارات الإسكندرية في خطر

أحد المباني المنهارة بالاسكندرية

أحد المباني المنهارة بالاسكندرية

محمد لطفي أبوعقيل

A A

تشهد مصر أزمة متكررة تهدد أرواح المواطنين وممتلكاتهم، تتمثل في انهيار العقارات، خاصةً في محافظة الإسكندرية، التي تواجه تحديات إضافية بسبب عوامل بيئية، كالارتفاع المستمر للرطوبة وتهالك المباني القديمة. 

تزايد هذه الحوادث يكشف إهمالًا في صيانة تلك العقارات، وضعف الرقابة، ومشكلات متعلقة ببعض القوانين، خاصةً المتعلقة بنظام الإيجار القديم.

أزمة الإيجار القديم

قال عضو مجلس النواب إيهاب منصور، إن أزمة انهيار العقارات أمر متكرر ومأساوي، مشيرًا إلى أن 99٪ من العقارات المنهارة هي إيجار قديم.

النائب إيهاب منصور


وأضاف لـ"تليجراف مصر"، أن كلًا من المالك والمستأجر في مأزق، موضحًا أن أزمة المالك تكمن في قيمة الإيجار الشهري للعقارات، حيث إن بعض الملاك لا يحصلون سوى على 80 جنيهًا من عشرة أو عشرين شقة بالعقار.

مقابل الإيجار القديم

وتابع: "هذه المبالغ لا تكفي شيئاً، حيث إن إنارة السلم ونظافته تتكلف المئات من الجنيهات شهريًا، كما أن أغلب المستأجرين لا يسكنون هذه العقارات"، مشيراً إلى أن الملاك أصبحوا غير قادرين على أعمال كثيرة منها الصيانة في العقارات القديمة.

وأكد أنه يجب إعادة النظر في الكثير من الأمور بالنسبة للعقارات القديمة، لافتًا إلى أنه عندما يصل الأمر إلى انهيار العقار فإنه لا يفرق بين مالك ومستأجر، ويصبح الاثنان تحت الأنقاض.

المنشآت الآيلة للسقوط

وأشار إلى وجود العديد من لجان الأحياء الخاصة بالمنشآت الآيلة للسقوط، وهذه اللجان ذات أهمية كبيرة وتقوم بعمل جيد، إلا أن عددها وعدد المهندسين الموجودين بالأحياء ضعيف جدًا.

وواصل: "يجب أن يصدر قرار من الحكومة بضخ دماء وإعداد جديدة من المهندسين القادرين على المتابعة وعمل تقارير حقيقية، وليس لمجرد عمل تقارير وركنها"، متابعًا: "هناك الكثير من التقارير ولا يوجد من يتابع الاحتياجات أو الشكاوى الواردة عن المباني".

دعم الحكومة 

وشدد: "نحتاج إلى دعم الحكومة في هذا الأمر من خلال تعيين المهندسين في الأحياء بشكل سريع، كذلك دعم اللجان المختصة بالمنشآت الآيلة للسقوط لتستطيع القيام بالدور المنوط بها وحل المشاكل التي تواجه السكان ومنع أزمة السقوط".

ولفت إلى سرعة الحاجة لإصدار قانون الإيجار القديم وتعديل البند الذي حكمت به المحكمة الدستورية، لحل أزمة قلة المقابل المادي لمساعدة المالك في القيام بالصيانة التي تحتاج إلى مئات الآلاف حاليًا.

وضع خطة عاجلة

وأكمل: "يجب أن تكون هناك إرادة لدى الحكومة للحل ووضع خطة عاجلة وحقيقية، حيث إن الأمر يتعلق بأرواح المواطنين لتكون هناك رقابة حقيقية ومراجعة لتطبيق القانون".

مر عليها زمن طويل

ويرى خبير التنمية المحلية الدكتور ممدوح الحسيني أن أسباب الانهيار كثيرة، منها أن هذه العقارات قديمة ومر عليها زمن طويل جدًا، كذلك إهمال المسؤولين في وزارة الإسكان أو المحليات للشكاوى المقدمة بخصوص المباني الآيلة للسقوط.

وأضاف الحسيني، لـ"تليجراف مصر"، أنه بالتأكيد تم الإبلاغ عن تصدعات في هذه المباني للحي أو المسؤولين.

خبير التنمية المحلية الدكتور ممدوح الحسيني

وأكد أنه كان يجب أن يتم تشكيل لجنة من وزارة الإسكان وأخرى من المحليات للتأكد من السلامة الإنشائية لهذه المباني بشتى الطرق.

وواصل: "أنا متأكد أنه تم الإبلاغ عن المباني التي يوجد بها تصدعات وسقطت خلال الأيام الأخيرة"، مشيرًا إلى الإهمال المتراكم نتيجة البلاغات وعدم اهتمام المسؤولين بسرعة الاستجابة لهذه البلاغات لتجنب سقوط هذه المباني.

توفير بديل

وأكمل أن سكان هذه العقارات قد لا يجدون مكانًا آخر ليسكنوا فيه، مشيرًا إلى أن الدولة تسرع بتوفير بديل عن الإبلاغ عن وجود مبانٍ آيلة للسقوط.

وتابع أن الحي يجب أن يهتم ببلاغ السكان ويقوم بتبليغ المسؤولين في الدولة لتوفير بدائل للسكان لتجنب حدوث خسائر في أرواح المصريين لأسباب يمكن علاجها قبل حدوثها".

تتأثر بشكل كبير

وأشار إلى أنه يجب العمل على الفعل وليس رد الفعل، حيث إنه لا يجب الانتظار حتى انهيار العقار للتحرك وإيجاد بدائل.

ولفت إلى أن مباني محافظة الإسكندرية تتأثر بشكل كبير نظرًا لقربها من البحر، وعدم الالتزام بالسلامة الإنشائية في الكثير من المباني أو عدم تأسيس المباني بشكل علمي وهندسي جيد، بالإضافة إلى تأثرها بالزلازل والنوات.

الرطوبة العالية

من جانبه، يرى أستاذ العلوم البيئية وحيد إمام، أن السبب الرئيسي لانهيار المباني في محافظة الإسكندرية هو الرطوبة العالية و المحملة ببخار المياه، الذي يحمل نسبة عالية من الأملاح التي تسبب تآكلًا في الأسمنت والحديد بالمباني.

وأضاف لـ"تليجراف مصر"، أن التغييرات المناخية يمكن أن تزيد من حدة الأمر، حيث إن الرطوبة تزداد والحرارة كذلك بشكل كبير، مع زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما يؤدي إلى سقوط أمطار حمضية التي تأكل في أساسات المباني.

أستاذ العلوم البيئية الدكتور وحيد إمام

قدم المباني

وتابع: "كذلك قدم المباني بالإسكندرية من العوامل، حيث إنه ليس هناك شرفة تم بناؤها بشكل يطابق المعايير للمحافظة وسقطت بعد شهر أو اثنين من بنائها"، مشيرًا إلى أن لها عمر افتراضي مع عوامل النحر بالمحافظة، حيث إن الأساس هو جودة البناء وليس التغييرات المناخية وحدها.


وواصل أن غرق الإسكندرية والأماكن المنخفضة والساحلية وباطن البحر بها تربة رملية وليس صخوراً، فسوف تتأثر بشكل سلبي كبير بارتفاع مستوى سطح البحر، حيث إنه يرتفع سنويًا مع وجود هبوط في التربة".
وأكمل أن كل التوقعات تشير إلى ارتفاع سطح البحر لأكثر من نصف متر في منطقة البحر المتوسط، وهناك الكثير من الأفكار لمنع هذا الأمر، ولكن جميعها غير مقبول.


وأشار إلى أن كل الجهود منصبة نحو عملية الحماية بالردم بالحواجز ثلاثية الأبعاد لتقليل نسبة النحر وتآكل الشواطئ"، موضحًا أن هذه الحلول تعطل الأمر قليلًا ولكن لا تمنعه، لذلك من الوارد كثيرًا أن يحدث غرق بالمحافظة.

search