السبت، 05 أكتوبر 2024

05:42 م

لهذه الأسباب.. توترات البحر الأحمر تهدد التصنيف الائتماني لمصر

سفينة شحن عملاقة في أثناء عبورها قناة السويس

سفينة شحن عملاقة في أثناء عبورها قناة السويس

ولاء عدلان

A A

كشف رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، منذ أيام تراجع العائد الدولاري لقناة السويس خلال الشهر الجاري بنحو 44 بالمائة على خلفية التصعيد الأمني الراهن في البحر الأحمر، لتتحقق مخاوف وكالات التصنيف الائتماني التي سبق وحذرت من أن مصر ستكون في مقدمة المتضررين من تداعيات حرب غزة وتوترات البحر الأحمر. 

وقال رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، "كلما طال أمد حرب غزة تزامنا مع  استمرار التصعيد الأمني جنوب البحر الأحمر تحديدا في مضيق باب المندب قبالة السواحل اليمنية، هذه العوامل من شأنها تقويض مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات الراهنة وفي مقدمتها أزمة نقص الدولار". 

الحرب تضاعف الأزمة

أضاف، أن "استهداف جماعة الحوثي للسفن العابرة إلى مضيق باب المندب منذ 19 نوفمبر الماضي أجبر شركات شحن عالمية على تحويل مسار سفنها من قناة السويس ومضيق باب المندب إلى طريق رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي أضر بعائدات القناة ومن شأنه على المدى الطويل تعطيل حركة سلاسل الإمداد العالمية، والذي سيترجم في السوق المحلية بزيادة جديدة في أسعار السلع المستوردة، وهو عبء إضافي لأعباء التضخم الحالية والمرشحة للارتفاع حال تحرك البنك المركزي بنحو خفض جديد لقيمة الجنيه". 
وتابع أن اتجاه واشنطن وعدد من حلفائها نهاية ديسمبر الماضي للرد على هجمات الحوثي عبر استهداف مواقعها في العمق اليمني، سيعزز المخاوف الأمنية في المنطقة خلال الفترة المقبلة، وبالتبعية ستتأثر عوائد قناة السويس وقطاع السياحة، لذا فأي خفض لتصنيف مصر الائتماني سيكون بسبب هذه الضغوط الجديدة وتأثيرها على الحصيلة الدولارية للدولة".  

تراجع عدد السفن

ومنذ بداية 2024 تراجع عدد السفن العابرة لقناة السويس بنحو 34% وحال استمرار توترات البحر الأحمر فقد تتراجع إيرادات القناة إلى 6 مليارات دولار انخفاضا من مستوى 10.3 مليار دولار المسجل العام الماضي، حسب تصريحات سابقة لرئيس هيئة قناة السويس.


التصنيف الائتماني

وخفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني في 21 أكتوبر الماضي تصنيف مصر الائتماني إلى الدرجة –B من B، محذرة من تداعيات ارتفاع تكاليف خدمة الدين العام وتباطؤ تنفيذ الاصلاحيات الهيكلية التي تشترطتها مؤسسات التمويل الدولية، ووقتها ورغم عدم مرور شهر واحد على اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر 2023 رجحت الوكالة أن تواجه مصر ضغوطا إضافية بسبب هذه الحرب. 

وفي نوفمبر لحقت بها وكالة فيتش مخفضة التصنيف الائتماني لمصر إلى المستوى نفسه –B، الذي يشير إلى قدرة منخفضة على تحمل أعباء الديون مع ارتفاع مستوى المخاطر المستقبلية، ولفتت فيتش في مضمون قرارها إلى أن حرب غزة تشكل مخاطر سلبية كبيرة على الاقتصاد وتحديدا إيرادات السياحة.

موديز تغير نظرتها

وخلال الشهر الجاري غيرت موديز نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية مع الإبقاء على التصنيف الائتماني عند درجة Caa1 وهي درجة غير استثمارية بمخاطر مرتفعة ما يعني بالتبعية أن موديز تنصح بالحذر الشديد عند شراء أدوات الدين المصرية.

ويُرجح أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة حسن الصادي، أن يمهد تراجع نظرة موديز لتصنيف مصر إلى سلبية لخفض جديد للتصنيف الائتماني في وقت لاحق. 
وأضاف أن استمرار حرب غزة سيؤثر بشكل مباشر على إيرادات قناة السويس التي تمثل نحو 8% من حصيلة الدولة الدولارية وبالتالي ستتفاقم أزمة نقص الدولار الأمر الذي سيضر بتصنيف مصر الائتماني وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها الخارجية أو حتى إصدار أوراق دين جديدة كونها ستقابل بعزوف من قبل المستثمرين الأجانب وسط ارتفاع المخاطر.

قرض الصندوق

توقعت موديز خلال الأسبوع الماضي أن ترتفع قيمة قرض صندوق النقد الدولي إلى مصر من 3 مليارات إلى 10 مليارات دولار، بحسب الدكتور حسن الصادي، هذا التمويل الإضافي لن يكون كافيا لحل الأزمة الراهنة برمتها، كون أموال الصندوق ستستخدم لسداد أقساط وفوائد ديون خارجية، مشككا في أن يتم رفع قيمة التمويل دون شروط جديدة من الصندوق. 
ومعلقا على تقديرات موديز لخفض قيمة الجنيه ليتراوح سعره الرسمي بين 40 و45 جنيها للدولار الواحد بدلا من 31 جنيها حاليا، وكذلك توقعات ستاندرد آند بورز منذ يومين لخفض قيمة الجنيه  بمقدار النصف، قال "إنه حتى لو قام البنك المركزي بخفض الجنيه إلى مستوياته الراهنة في السوق السوداء (يتداول الدولار حاليا قرب 68.8 جنيه في السوق الموازية)، فهذا لن يقضي على الأزمة بل بالعكس سيرفع أسعار السوق السوداء أكثر، لا سيما وأن المضاربات تتحكم في 40% من إجمالي تعاملاتها. 
وتابع أن القضاء على الأزمة يبدأ بتفعيل القوانين التي تجرم ممارسات السوق السوداء وليس بأن يتحرك المركزي وفقها، لافتا إلى أن مصر لديها نحو 9 ملايين لاجئ ومهاجر يستقبلون من الخارج أموالا بالدولار تشكل جزء من الأزمة إذ يتداول أغلب هذه الأموال في السوق السوداء خارج رقابة الدولة، حسب قوله. 

توقعات متفائلة 

أشار الخبير المصرفي الدكتور محمد بدرة إلى أن مصر تجري حاليا مباحثات مع بعثة صندوق النقد، لإتمام المراجعات المُعلقة منذ 2022 والحصول على باقي شرائح قرض الـ 3 مليارات وحسم قيمة التمويل الإضافي الذي وعد به الصندوق نهاية العام الماضي لدعم الاقتصاد المصري في مواجهة تداعيات حرب غزة. 
وتوقع أن "تتوصل القاهرة قريبا لاتفاق مع الصندوق لرفع قيمة القرض لأكثر من 6 مليارات دولار، موضحا أن استئناف استلام تمويل الصندوق وإتمام المراجعات المعلقة التي من شأنها تحسين تصنيف مصر الائتماني، وبالتبعية ستصبح الدولة أقدر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية والتوجه إلى أسواق الدين العالمية لاسيما وأن الاتفاق مع الصندوق هو بمثابة شهادة ثقة في قدرة الدولة على تجاوز الأزمة والوفاء بالتزاماتها الخارجية". 

search