الأربعاء، 08 يناير 2025

04:18 م

"الشيخ الممسوس".. قصة جريمة هزت المنصورة وغيرت مصير قاتل والدته

قاتل أمه بالمنصورة

قاتل أمه بالمنصورة

انقضى عام 2024، بمآسيه وحوادثه البشعة التي لا تزال عالقة في الأذهان، ولعل أبرزها قصة “الشيخ الممسوس” الذي قتل أمه في جريمة هزت محافظة الدقهلية.       

في إحدى القرى الصغيرة بمركز المنزلة في المنصورة، كان محمود موافي، المعروف بين أهل قريته بـ الشيخ موافي، نموذجًا يُحتذى به في الأخلاق والدين.  

يبدأ يومه بالصلاة

موافي كان يبدأ يومه بصلاة الفجر في المسجد، وكان يؤم المصلين من أهل منطقته، بحكم أنه حافظ للقرآن الكريم، وكان يعيش حياة هادئة، ملتزمًا بدينه ومسؤولياته كزوج وأب، إلى أن حدث شيء غير حياته تمامًا، وجعله يتحول من "الشيخ موافي" إلى "الشيخ الممسوس".

الابن يقتل أمه

في صباح يوم 14 يونيو 2023، تلقت قوات الأمن، بلاغًا من شاب يُدعى عمر، يبلغ من العمر 19 عامًا، كان يبكي بحرقة ويصرخ: "أمي اتقتلت تعالوا ألحقونا".  

محمود موافي قاتل أمه بالمنصورة

على الفور، انتقلت قوات الأمن إلى موقع الحادث في أحد شوارع المنزلة، ليجدوا الشارع مزدحمًا بالأهالي، وداخل جراج العمارة، كانت الكارثة بانتظارهم، حيث رأوا سيدة تُدعى نرجس السيد، ممددة على الأرض، غارقة في دمائها، بعدما قُتلت بطريقة وحشية.

وكان بجانبها، ابنها محمود موافي، جالس في حالة ذهول، يتحدث مع نفسه وكأنه يُخاطب أشخاصًا غير مرئيين، قائلا: "عملت كل اللي طلبتوه، سيبوني بقى"، وذلك بعد أن قيده الأهالي بالحبال، بينما كان يردد عبارات غير مفهومة.  

الشيخ المثالي

بحسب روايات أهل المنطقة وأقوال محمود في التحقيقات، كان محمود موافي، البالغ من العمر 39 عامًا، رجلًا ملتزمًا، يعمل في محل لبيع قطع غيار السيارات، ومتزوج ولديه طفل صغير، ورغم حبه الكبير لزوجته وابنه، فإن قلبه كان معلقًا بوالدته، التي وصفها بأنها "نور عينيه"، ولا يمكن أن يرفض لها طلبًا.

لكن حياته بدأت تتغير عندما بدأ يشعر بتشنجات غريبة وآلام شديدة في ظهره، تحديدًا عند كتفيه، وكأنه يحمل ثقلًا غير مرئي، حسب أقواله في محضر رسمي.

أصوات غريبة وأوامر مريبة

وفي يوم الجريمة وبعد صلاة الفجر، استيقظ محمود على صوت غريب يُناديه: "اقتل ابنك"، وما إن عزم على إنهاء حياة ابنه بإلقائه من أعلى سطح المنزل حتى أفاق في اللحظات الأخيرة، لكنه لم يلبث قليلا حتى سمع مناديا يقول له: "اقتل أمك"، حسب أقواله أمام هيئة المحكمة.  

بالفعل، صعد إلى منزل والدته، حيث وجدها تصلي ثم انتظر حتى فرغت من الصلاة، ثم اقترب منها محاولًا خنقها بالوسادة لكنها قاومته، وفي لحظة غضب وهياج، جرها وسحلها من ملابسها على السلالم أمام أنظار زوجته وابنه وأخيه الصغير، حتى وصل بها إلى الجراج، وهناك، حاول خنقها مرة أخرى، وعندما لم تفارق الحياة، استل سكينًا وذبحها بطريقة وحشية، للتأكد من موتها. 

التحقيقات تكشف الغموض

في قسم الشرطة، بدأ محمود يروي تفاصيل الحادث، مؤكدًا أنه يسمع أصواتًا غريبة منذ فترة، ويرى أشخاصًا لا يراهم أحد غيره. وأكدت زوجته أيضًا على هذا، حيث قالت إنه كان يتحدث مع "أشخاص غير موجودين"، وطلبت منه زيارة أطباء نفسيين، لكن جميعهم أكدوا أنه سليم نفسيًا وجسديًا.  

وفي محاولة أخيرة، ذهب محمود إلى شيخ، حيث بدأ في قراءة الرقية الشرعية عليه وأثناء الجلسة، بدأ يصرخ ويتشنج بعنف، مما جعل الشيخ يصرح بأنه "ممسوس".

في عام 2023، صدر الحكم على محمود بالإعدام شنقًا، لكن القضية لم تنتهِ عند هذا الحد، لأنه في جلسة الاستئناف يوم 12 ديسمبر 2024، وقعت مفاجأة غيرت مجرى القضية، عندما طلب القاضي استدعاء محمود من قفص الاتهام وسأله مباشرة: “إنت قتلت أمك يا محمود؟”.

ليرد محمود بصوت مرتجف: "أمي كانت نور عنيا، لكني تعبان ومش مضبوط، حسيت بحاجة غلط فيا وأرجوك اقرأ عليا رقية شرعية، أنا ممسوس، وعاوز أموت لأني استحق أكتر من الإعدام".  

كلمات محمود، وتقريره النفسي، دفعت القاضي لتخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن المؤبد، خاصة بعد تنازل أشقائه وأسرته عن حقهم أمام هيئة المحكمة.

search