الجمعة، 10 يناير 2025

01:39 م

لبنان "المأزوم" في رقبة رئيس جديد.. هل من المنطقي أن نتفاءل؟

جوزيف عون يستعرض حرس الشرف لدى وصوله إلى البرلمان اللبناني (أ ب)

جوزيف عون يستعرض حرس الشرف لدى وصوله إلى البرلمان اللبناني (أ ب)

وكالات

A .A

في منطقة تتلاحق فيها التطورات كالشرق الأوسط، ما تلبث خطوة تحدث حتى يتم القفز على ما بعدها سريعا. فلم تمرّ ساعات على طي لبنان صفحة الفراغ الرئاسي الذي عانت منه طيلة أكثر من عامين، بانتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للبلاد، حتى أُثير العديد من التساؤلات بشأن التحديات الماثلة أمامه وقدرته على التعامل معها.

وإن كان الكثيرون يعوّلون على التوافق الذي حظي به عون (61 عاما)، ليخرج لبنان من دوامة استمرت 12 جلسة لم يتمكن خلالها نواب البرلمان من انتخاب رئيس للبلاد، وعلى الدعم الدولي الذي بدا واضحا من ردود الفعل عقب إعلانه الرئيس الرابع عشر في تاريخ لبنان منذ الاستقلال، إلا أن ثمة قضايا شائكة تنتظر حلولا جذرية ستحدد ما إذا كان التفاؤل بهذا التطور له ما يبرره أم لا.

في هذا السياق، ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن انتخاب عون يزيد الثقة في صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.

وأشارت الصحيفة إلى أن عون كان المرشح المفضّل لدى قوى دولية مثل المملكة العربية السعودية وفرنسا والولايات المتحدة التي تتمتع بعلاقات جيدة معه وهو في منصب قائد الجيش.

واستشهدت بترحيب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بانتخاب عون باعتباره "خطوة حاسمة نحو التغلب على المأزق السياسي والمؤسساتي في لبنان بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي"، كما ركزت على وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن له بأنه "الزعيم المناسب لهذا الوقت".

ورأت الصحيفة أن المهمة الرئيسية لعون تتمثل في إعادة تأكيد دور الجيش اللبناني، لا سيما في جنوب لبنان، "حيث تتنازع سيطرة الجيش منذ أواخر السبعينيات جماعات مثل منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله".

ونقلت عن ميشال حلو، الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية الإصلاحي، قوله إن "الأولوية الأولى هي وقف إطلاق النار، والثانية هي التعامل مع سلاح حزب الله. لا توجد طريقة واضحة لنزع سلاح حزب الله، ولكن إذا أراد (عون) أن يذكر اسمه فعليه أن يتعامل معه".

وفي كلمة له عقب أداء اليمين أمام البرلمان بعد انتخابه، تعهد عون بـ"تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح"، وأكد على حق الجيش في السيطرة على حدود البلاد.

وقال هلال خشان، الأستاذ في الجامعة الأمريكية ببيروت: "لم يعد حزب الله اليوم كما كان عليه قبل عامين.. أعتقد أن الجيش سيكون قادرا على مواجهة حزب الله، لكن لا أحد من الطرفين يرغب بالمواجهة".

ورأت “الجارديان” في انتخاب عون الخطوة الأولى لإنهاء عزلة لبنان الدولية، معتبرة أن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها البلاد عام 2019، مع انهيار القطاع المصرفي ومصادرة البنوك مدخرات الملايين من المواطنين، "كشفت عن الفساد العميق للطبقة السياسية". وأشارت الصحيفة إلى تعهد المجتمع الدولي بتقديم المساعدات إلى لبنان، ولكن فقط بعد أن تجري الحكومة تغييرات اقتصادية وسياسية عاجلة.

ونقلت عن النائب اللبناني آلان عون قوله "هذا نوع من المصالحة مع المجتمع الدولي ودول الخليج. هذه هي القيمة المضافة الحقيقية لانتخاب جوزيف عون، أن يأتي بترجمة لهذا الدعم الدولي".

وتعهدت قوى دولية بالمساعدة في جهود إعادة إعمار لبنان بعد وقف الحرب التي كبّدت البلاد أضرارا بالمليارات.

ومع ذلك، فإن انتخاب رئيس للجمهورية ليس سوى الخطوة الأولى نحو انتشال لبنان من الأزمات الاقتصادية والسياسية العديدة التي يترّنح فيها منذ عام 2019. وسيرث عون مشكلة اقتصادية مستمرة منذ ست سنوات، ومفاوضات متعثرة مع صندوق النقد الدولي، بحسب الجارديان.

وفي ظل صلاحيات محدودة تحظى بها السلطة التنفيذية في لبنان، ألقت الجارديان الضوء على مهمة ملحة أخرى تنتظر عون، وهي تشكيل حكومة جديدة، واصفة تلك المهمة بغير السهلة في نظام لبنان الطائفي القائم على المحاصصة، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية بقيادة نجيب ميقاتي لم تتشكل إلا بعد 13 شهرا من المشاورات.

من جهته، أشار موقع أكسيوس الإخباري، نقلا عن مسؤول أمريكي ومصدر وصفه بالمطلع، إلى وجود تنسيق وثيق بين إدارة بايدن وفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب ساعد في الدفع باتجاه انتخاب عون رئيسا للبنان.

ووصف أكسيوس عون بأنه حليف للولايات المتحدة، معتبرا أن فوزه "يشكل دفعة للمعسكر الموالي للغرب في لبنان وضربة لحزب الله والجماعات الأخرى الموالية لإيران في المنطقة".

وأضاف أن إدارة بايدن قررت استغلال الوضع بعد اغتيال إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وسلسلة الضربات التي تلقاها الحزب، لدفع القادة اللبنانيين إلى انتخاب رئيس جديد.

ونقل أكسيوس عن مسؤول أمريكي قوله إن فوز عون سيخلق المزيد من الضغط على إسرائيل من الولايات المتحدة ودول غربية وعربية أخرى لإنهاء الانسحاب من جنوب لبنان بحلول 27 يناير/كانون الثاني الجاري.

وأشار الموقع إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين في الأيام الأخيرة عن عدم رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس وقيادة الجيش الإسرائيلي في سحب القوات بالكامل، والسعي للبقاء في ثلاثة مواقع رئيسية في جنوب لبنان.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنه في حين أن إدارة بايدن تعارض ذلك بشدة، فإنهم يأملون أن توافق إدارة ترامب على ذلك، بحسب أكسيوس.

وفي ظل هذه المعطيات داخليا وخارجيا يبدو أن الرئيس اللبناني الجديد سيكون أمام تحد كبير، سيرسم النجاح فيه جزءا من ملامح مرحلة جديدة تتهيأ لها المنطقة ككل بعد التحولات التي شهدتها على مدار الأشهر القليلة الماضية.

search