السبت، 11 يناير 2025

07:56 م

ترامب يثير قلق البنوك المركزية حول العالم.. هل تتغير بوصلة الفائدة؟

دونالد ترامب

دونالد ترامب

أعرب العديد من البنوك المركزية حول العالم عن قلقها من التأثير المحتمل لسياسات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، على الاقتصاد العالمي ومعدلات التضخم، بعد أن أعلنت هذه البنوك وفي مقدمتها الاحتياطي الفيدرالي تجاوز الجزء الأصعب من معركتها ضد التضخم خلال 2024.   

قال عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، محمد أنيس، إن عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ستؤثر على الاقتصاد العالمي ككل ومعدلات النمو الاقتصادي وبالتبعية التضخم.

تأثير ترامب 

وأوضح محمد أنيس في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن دونالد ترامب حال أقدم على تنفيذ وعوده الانتخابية المتعلقة بالتوسع في فرض الرسوم الجمركية وخفض الضرائب وتقييد سياسات الهجرة سيتبب في إرباك لصناع السياسة النقدية، فهذه العوامل من شأنها تقييد حركة التجارة عالميًا ورفع معلدات التضخم فضلًا عن التأثير سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي. 

وحذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، خلال مؤتمر صحفي أمس، من أن السياسات التجارية لإدارة ترامب ستزيد من الرياح المعاكسة للاقتصاد العالمي على نحو يسهم في دفع أسعار الفائدة طويلة الأجل إلى الارتفاع في جميع أنحاء العالم، ومع حقيقة أن الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم. 

وأكدت أن  تأثير السياسات التجارية لترامب سيكون أكثر حدة على الاقتصادات المتوسطة الحجم ومنطقة آسيا تحديدًا، لافتة إلى أن قوة الدولار ستؤدي إلى زيادة تكاليف التمويل بالنسبة لاقتصادات الأسواق الناشئة، وخاصة البلدان منخفضة الدخل.

ترامب يربك بوصلة الفيدرالي

من داخل الولايات المتحدة نفسها، أعرب صناع السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) خلال اجتماع ديسمبر عن قلقهم بشأن مسار التضخم في ظل التأثير المحتمل لسياسات ترامب الاقتصادية، وخفضوا في توقعاتهم للعام الحالي التخفيضات المتوقعة لأسعار الفائدة إلى مرتين من 4 مرات في تقديرات نوفمبر. 

وتوقع  محمد أنيس، أن يبطئ الاحتياطي الفيدرالي وتيرة خفض أسعار الفائدة خلال العام الحالي، بعد أن أقدم خلال 2024 على خفضها بوتيرة فاقت التوقعات، لافتا إلى أنه بنهاية 2025 قد تصل الفائدة على الدولار إلى 3.5%. 

وأضاف أن الفيدرالي سيكون بحاجة لمزيد من الوقت لتقييم تأثير سياسات ترامب على التضخم وعجز الموازنة ومستويات الدين العام الذي تجاوزت نسبته 122% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وبالتبعية سيكون هناك حاجة للضغط عبر آليات السياسة النقدية على الحكومة للسيطرة على مستويات الديون.

وأكد أنيس أن قوة سوق العمل الأمريكية ومرونة الاقتصاد تسمح للفيدرالي بأبطأ وتيرة خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة وانتظار المزيد من المؤشرات على اتجاه التضخم نحو مستهدفه البالغ 2%. 

رئيس الفيدرالي الامريكي جيروم باول وترامب 

استبعد “بنك أوف أمريكا” في مذكرة حديثة سيناريو خفض الفائدة على الدولار خلال 2025، وقال إن قوة سوق العمل ترجح انتهاء دورة خفض الفائدة الأمريكية وبقاء التضخم لفترة أطول أعلى مستهدفه، وسط مخاطر صعودية قد تفرض رفع الفائدة في وقت لاحق. 

فيما حافظت بنوك مثل جيه بي مورجان وسيتي جروب وجولدمان ساكس على توقعاتهم لخفض الفائدة الأمريكية بواقع مرتين خلال 2025 على أن يكون أول خفض في يونيو المقبل أو مايو نظرا للحاجة لاستكشاف السياسات الاقتصادية للإدارة الجديدة.

بنوك آسيا أول المتضررين 

خلال نوفمبر الماضي تعهد ترامب بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على الصين وعدد من الدول الأوروبية والمكسيك وكندا، والترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، خفض الضرائب، كما تعهد بالدفاع عن قوة الدولار الأمر الذي قد يشكل تحديًا للبنوك المركزية خارج أمريكا.

قال استراتيجي الأسواق في شركة  "تايجر بروكرز"، جيمس أوي،  في تصريح لشبكة "سي إن بي سي" إن استمرار قوة الدولار والتمسك بها سيضع البنوك المركزية الآسيوية تحديدًا في مأزق نتيجة لزيادة الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع تكاليف الاستيراد. 

وأضاف أن البنوك الآسيوية ستضطر للتدخل في سوق الصرف للدفاع عن قيم عملاتها مقابل الدولار الأمر الذي سيرهق احتياطياتها من النقد الأجنبي، وفي النهاية لن تتمكن هذه البنوك من خفض الفائدة وسط ارتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية. 

ترامب ورئيسة المركزي الاوروبي كريستين لاجارد

خلال اجتماع ديسمبر، أعرب بنك المكسيك المركزي عن قلقه من تأثير الرسوم الجمركية المحتمل فرضها من قبل إدارة ترامب وقال صانعو السياسة النقدية إن هذا التأثير سيمتد لمعدلات التضخم المحلية وقيمة العملة على نحو يفرض توخي الحذر في خفض الفائدة خلال 2025. 

رغم تخفيض البنك المركزي الأوروبي للفائدة بواقع 4 مرات خلال 2024، إلا أن عضو مجلس إدراته بييرو سيبولوني، حذر خلال مؤتمر صحفي في ديسمبر الماضي من أن الرسوم الجمركية الأمريكية المحتملة قد تؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي وكذلك التضخم في دول الاتحاد الأوروبي، إذ ستؤدي إلى تعزيز قيمة الدولار ما يرفع تكلفة استيراد الاتحاد للسلع الأولية. 

البنك المركزي المصري أيضا أشار إلى ارتفاع حالة عدم اليقين بشأن تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد العالمي خلال اجتماع ديسمبر، إذ قال في بيانه (تتضمن المخاطر المحيطة بالتضخم احتمالات عودة السياسات الحمائية في إشارة إلى الرسوم الجمركية المتوقع فرضها من قبل إدارة ترامب) .

search