الإثنين، 13 يناير 2025

09:40 ص

بعد عودة الكتاتيب.. كيف تحمي الدولة النشء من وسوسة الجماعات الإسلامية؟

الكتاتيب  _ صورة تعبيرية

الكتاتيب _ صورة تعبيرية

أسامة حماد

A .A

تمثل الكتاتيب ركنًا أساسيًا في التراث التعليمي والديني للمجتمع المصري، إذ كانت ولا تزال رمزًا للتعليم الأولي وحفظ القرآن الكريم ونشر قيم الدين الإسلامي، ورغم هذا الدور الريادي، فإنه من الوارد تعرضها لمحاولات استغلال من قبل جماعات متطرفة سعت لتحويلها إلى منصات لنشر الفكر المتشدد بين الأجيال الناشئة، مما يثير قلقًا متزايدًا بشأن ضرورة وضع إطار رقابي محكم يضمن سلامة دورها التربوي.

عودة الكتاتيب

وفي خطوة نحو بناء شخصية النشء على أسس راسخة من الأخلاق الرفيعة، والفهم العميق لمعاني الدين، والانتماء للوطن، أطلقت وزارة الأوقاف في ديسمبر الماضي، مبادرة “عودة الكتاتيب من جديد” لحفظ القرآن الكريم ومعرفة معانيه والتعرف على أصول الدين الإسلامي من خلال المنهج الوسطي على أيدى نخبة منتقاه من المحفظين، واستقطاب النشء وتحصينهم. 

تسلل الجماعات الإسلامية إلى الكتاتيب 

وحذر الكاتب والمفكر السياسي ثروت الخرباوي، من خطر تسلل الجماعات الإسلامية إلى الكتاتيب واحتمالية محاولات الجماعات للسيطرة عليها لإعادة نشر الأفكار المتطرفة بين النشء، مطالبا بتشديد الرقابة على الكتاتيب حفاظا على الأطفال والدولة المصرية، خاصة وأن انتشارها سيكون كثيفا بمختلف المناطق. 

الدكتور ثروت الخرباوي

وأضاف “الخرباوي”، في تصريحات لـ “تليجراف مصر”: “الكتاتيب أخرجت عظماء مصر في الأدب والدين مثل طه حسين وأحمد أمين ومصطفى المنفلوطي والشيخ علي عبد الرازق والشيخ علي الخفيف والشيخ عبد المتعال الصعيدي وغيرهم، ولكنها أيضا أخرجت لنا رموز الإرهاب مثل سيد قطب ويوسف القرضاوي وعمر عبد الرحمن وعبد الحميد كشك وعبد الله السماوي وغيرهم”.

الإشراف على الكتاتيب

وواصل: “هذا يعني أن المشكلة ليست في الكتاتيب ولكنها في الشيوخ الذين يشرفون عليها”، مؤكدا أن الكتاتيب يجب ألا تكون مكانا لطرح الأفكار ولكنها لتعليم اللغة العربية وحفظ القرآن وقواعد الحساب الأولية.

وشدد الدكتور ثروت الخرباوي، على ضرورة أن تكون لدى الدولة المصرية القدرة للسيطرة على الكتاتيب قبل إعادة تفعيلها مرة أخرى، وإلا سيطر عليها الإخوان والسلفيون والجهاديون، حسب قوله.

قنابل بشرية

وأشار المفكر السياسي، إلى أن تسلل الفكر المتشدد والمتطرف للكتاتيب سينتج “قنابل بشرية” متحركة ستفسد المستقبل، متابعا أن طريقة إدارة الكتاتيب بتشددها وغلظتها وسياستها في التأديب من الممكن أن تنتج لنا أعدادا كبيرة متمردة على الدين نفسه وقابلة للإلحاد.

السيطرة على العقول

من جانبه، أوضح رئيس حزب الإصلاح والنهضة هشام عبد العزيز، أن الجماعات المتطرفة دأبت في العهد القديم على استغلال المؤسسات الدينية التي تحمل القدسية لدى المصريين مثل الكتاتيب، كأدوات لنشر أفكارهم وتجنيد عناصرهم، مشيرًا إلى أن هذا النهج كان جزءًا من المحاولة للسيطرة على العقول الشابة وإحداث اختراق داخل النسيج المجتمعي.

وأضاف عبد العزيز، في تصريحات لـ “تليجراف مصر”، أن الكتاتيب كانت ولا تزال جزءًا من تراثنا التعليمي والديني، لكنها ـ كجزء من تلك المؤسسات الدينية ـ  تعرضت للاستغلال في بعض الفترات من قبل عناصر متطرفة لبث أيديولوجيات تتعارض مع سماحة الإسلام وقيمه النبيلة، مؤكدًا أن اتخاذ التدابير القانونية والرقابية اللازمة من وزارة الأوقاف والمؤسسات الرسمية كفيلة بمواجهة تلك المحاولات الخبيثة من تلك الجماعات المنتهية. 

رئيس حزب الإصلاح والنهضة الدكتور _ هشام عبدالغزيز

 تفسيرات مغلوطة 

وأوضح عبد العزيز أن هذه الجماعات اعتمدت على تقديم تفسيرات مغلوطة للنصوص الدينية، ما ساهم في خلق بيئة خصبة لنشر الفكر المتطرف، خاصة في المناطق الريفية والمهمشة، مضيفًا أنه كان استغلال هذه الأماكن التي تحمل قدسية لدى المجتمع وسيلة خطيرة لبث الكراهية والعداء ضد الآخرين، وهو ما يتطلب منا جميعًا العمل على مواجهة هذه المحاولات بعقلانية وحكمة.  

إعادة تأهيل منظومة الكتاتيب

وأشار رئيس حزب الإصلاح والنهضة، إلى أن الدولة اتخذت خطوات جادة في السنوات الأخيرة لإعادة تأهيل منظومة الكتاتيب ومراكز تحفيظ القرآن، لضمان تقديم محتوى تعليمي معتدل يعزز من قيم التسامح والانتماء الوطني. 

وقال: "نحن بحاجة إلى تطوير هذه المؤسسات وربطها بمناهج تعليمية حديثة تُعلي من قيم المواطنة وتُسهم في بناء عقول مستنيرة وقادرة على مواجهة التحديات الفكرية".  

واختتم عبد العزيز بدعوة المؤسسات الدينية والتعليمية إلى مواصلة العمل على حماية الكتاتيب وغيرها من المؤسسات الدينية من أي محاولات للاستغلال، مشددًا على ضرورة تعزيز الدور الرقابي والتثقيفي لهذه المؤسسات للتأكيد أن الإسلام دين سلام ومحبة، وعلينا أن نضمن أن تظل الكتاتيب منارة لنشر هذه القيم بعيدًا عن أي محاولات تشويه أو استغلال.

search