النفط تحت ضغط العقوبات الأمريكية.. هل تمسك أوبك بخيوط الأسعار؟

حذرت وكالة الطاقة الدولية اليوم من احتمالية حدوث اضطرابات في أسواق النفط على خلفية الجولة الجديدة من العقوبات الأمريكية ضد نفط روسيا وإيران، في وقت تواصل فيه أسعار النفط عالميًا الصعود اللافت للنظر منذ بداية العام الحالي. 

قال نائب رئيس هيئة البترول السابق مدحت يوسف إن هذه الجولة من العقوبات الأمريكية على إيران وروسيا تأتي بالتزامن مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بالمنطقة الأمر الذي يفسر ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة الراهنة ووصول خام برنت إلى مستوى 81 دولارًا للبرميل بعد أن كان يتحرك داخل نطاق السبعين دولارًا. 

توسيع رقعة العقوبات 

وأوضح يوسف لـ"تليجراف مصر"، أن العقوبات الأمريكية والدولية عمومًا على نفط روسيا، مستمرة منذ  اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 2022، إلا أن الجديد في هذه العقوبات هو توسيع رقعتها لتشديد القيود على شركات النفط الروسية "غازبروم" و"سورجوت للنفط والغازوأكثر من 180 ناقلة تعمل في شحن النفط الروسي في الظل. 

وتابع: شملت العقوبات الجديدة أيضًا فرض مزيد من القيود على شركات التأمين الروسية وكذلك التجار المتعاملين مع النفط الروسي والإيراني بهدف شل حركة الاقتصاد الروسي والإيراني والحد من عائداتهم النفطية، في إطار خطة أوسع للضغط على أنظمة البلدين  للوصول لاتفاق مرضي بشأن أوكرانيا وخضوع إيران للشروط الأمريكية.

وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الصادر اليوم، إن العقوبات الأمريكية الجديدة ستشمل الكيانات التي تعاملت مع أكثر من ثلث صادرات النفط الخام الروسي والإيراني خلال 2024، الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطرابات في الإمدادات العالمية للخام. 

وتوقعت مجموعة ING الهولندية للاستشارات المالية، أن تتسبب العقوبات الأمريكية على النفط الروسي في سحب نحو 700 ألف برميل يوميًا من المعروض العالمي للخام، ما لم تجد روسيا، وهي واحدة من أكبر منتجي النفط عالميًا إلى جانب السعودية والولايات المتحدة، طرقًا بديلة للالتفاف على العقوبات.

تأثير العقوبات على أسعار النفط

ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي صباح اليوم 0.50% لتسجل 80.32 دولار للبرميل، فيما زادت عقود خام نايمكس الأمريكي 0.70%، لتتداول عند 78.04 دولار للبرميل، وكلا الخامين يعد مرتفعًا بقرابة 8.5% و11% على التوالي منذ بداية العام الحالي، بعد أن تراجعت أسعار النفط خلال 2024 بواقع 3%. 

وقال كبير محللي الاستثمار في شركة XM للسمسرة، شارالامبوس بيسوروس، في تصريح لوكالة رويترز، إن العقوبات الأمريكية ستدفع الدول للبحث عن إمدادات بديلة للنفط الروسي الأمر الذي سيدعم الأسعار لا سيما مع استمرار الضبابية بشأن الطلب القادم من الصين وتوقعات نمو الطلب العالمي على الخام عمومًا.

من جانبه، اعتبر مدحت يوسف أن تأثير العقوبات الأمريكية الجديدة على حركة أسعار النفط سيكون تدريجيًا ومحدودًا ولن يتسبب في زيادة قوية. 

وأفادت وكالة الطاقة الدولية، بأن مكاسب أسعار النفط جراء الجولة الجديدة من العقوبات الأمريكية على إيران وروسيا، قد تتلاشى تدريجيًا بفضل النمو القوي في الإمدادات من خارج مجموعة "أوبك بلس"، واحتمالية تراجع أوبك ن تخفيضات الإنتاج الطوعية، لافتة إلى أنها تتوقع ارتفاع إمدادات النفط العالمية إلى 1.8 مليون برميل يوميًا في عام 2025 مقابل طلب بحدود 1.05 مليون برميل يوميًا. 

قرارات أوبك  

أكد مدحت يوسف أن أسعار النفط لن تشهد تقلبات حادة بسبب العقوبات على روسيا وإيران، في ظل وجود فائض إنتاج كبير لدى دول مجموعة أوبك بلس، يسمح لها بتغطية صادرات روسيا وإيران لأوروبا وغيرها من الدول المتأثرة بالعقوبات.

وتابع: قرارات منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها فيما يعرف باسم مجموعة أوبك بلس، تلعب دورًا محوريًا في استقرار أسواق النفط من خلال سياسة تلبي احتياجات السوق وفي ذات الوقت تضمن الحفاظ على مستويات سعرية معقولة بالنسبة للدول الأعضاء.

وأضاف أن قرارات أوبك بلس غالبا تأتي لإحداث التوازن المطلوب في الأسواق، إذ قد تقدم المجموعة على تخفيف سقف الإنتاج لإحداث التوازن السوقي لأسعار النفط والحد من تأثير العقوبات الأمريكية الجديدة، حال استمرار صعود النفط وحدوث تقلبات حادة، وهو أمر مستبعد حتى اللحظة. 

قررت مجموعة أوبك بلس، نهاية العام الماضي مواصلة تخفيضات للإنتاج (طوعية وغير طوعية ) بواقع 5.86 مليون برميل يوميًا، أي ما يمثل 5.7% من حجم الطلب العالمي على الخام، استمرارًا لسياسة الإنتاج المتفق عليها في نهاية 2022، على أن تبدأ أوبك زيادة الإنتاج بواقع 180 ألف برميل يوميًا اعتبار من أبريل المقبل، وفق آخر اجتماع لها.

وتوقعت مذكرة حديثة لبنك الاستثمار العالمي "جولدمان ساكس" أن يرتفع النفط على المدى القصير إلى نطاق بين 70 و 85 دولارًا للبرميل حال تراجع بمقدار مليون برميل يوميًا في إمدادات وإنتاج الخام الروسي، لكن جولدمان ساكس توقع أن يتلاشى هذا التأثير بفعل  القدرة الاحتياطية الكبيرة لمجموعة "أوبك بلس" التي تستحوذ على قرابة 50% من إمدادات النفط العالمية.