الأحد، 19 يناير 2025

02:06 ص

مصر والقضية الفلسطينية.. دور استراتيجي منذ بداية الحرب حتى الهدنة

الدور المصري في القضية الفلسطينية

الدور المصري في القضية الفلسطينية

أسامة حماد

A .A

لطالما لعبت مصر أدوارًا دبلوماسية وإنسانية بارزة في القضية الفلسطينية، مدفوعة بأسباب تاريخية، سياسية، جغرافية وأمنية جعلتها تتحمل مسؤولية كبرى تجاه هذا الملف الحيوي، فمنذ بدايات الصراع الأخير 7 أكتوبر 2023، اتخذت موقفًا ثابتًا في دعم الحقوق الفلسطينية، إيمانًا بأن استقرار الأراضي الفلسطينية يشكل جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي.

وبذلت الدولة جهودا حثيثة لدعم الشعب الفلسطيني، من دبلوماسية رفيعة المستوى إلى مبادرات إنسانية حثيثة، لتستمر في دورها كدرع واقٍ للقضية الفلسطينية في ظل الأزمات الراهنة.

الدعم المصري للقضية الفلسطينية

وكيل المخابرات العامة المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، يرى أن تمسك مصر بمساندة القضية الفلسطينية، ضمن أسبابه أن استقرار الأوضاع في قطاع غزة يشكل أمنا قوميا بالنسبة للدولة لمصرية وأي صراع يشكل بالنسبة لنا العديد من المخاطر.

اللواء محمد رشاد
اللواء محمد رشاد

المفكر بمركز الأهرام الاستراتيجي الدكتور سعيد عكاشة، قال إن الدور المصري في القضية الفلسطينية أساسي منذ بدايتها كونه ممتدا لأربعة أسباب (تاريخية وسياسية وجغرافية وأمنية)، مما جعل مصر تقدم دورا كبيرا بما بتناسب مع حجم قدراتها على التأثير في المنطقة.

وأوضح “عكاشة” أن مصر دولة تقدس حدودها خاصة وأنها تعرضت على مر التاريخ لمخاطر وتهديدات، جعلت منها تحرص على سلامة واستقرار الدول العربية المحيطة بها، خاصة وأن الأراضي الفلسطينية كانت بوابة لدفاع مصر عن أراضيها في العديد من الحروب.

التصدي لمخطط تصفية القضية

وفي العديد من اللقاءات التي حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حذر من وجود مخطط صهيوني لتهجير الشعب الفلسطيني قسرا خاصة سكان غزة إلى سيناء، مؤكدًا عدم السماح بنجاح هذا المخطط على الإطلاق منعا لتصفية القضية الفلسطينية وحفاظا على الأمن القومي المصري.

الرئيس عبد الفتاح السيسي

وقال اللواء محمد رشاد إن التصدي لمخطط التهجير القسري يحسب للدولة المصرية معبرا عن تخوفه من مخططات للتهجير الطوعي للفلسطينيين خلال الفترة المقبلة، من خلال إغواء الشباب برعاية منظمات خارجية خاصة الأمريكية بهدف تصفية القضية.

بينما أشار الدكتور سعيد عكاشة إلى أن الدور المصري في عدم تصفية القضية وتنفيذ مخطط التهجير كان ثابتا من البداية ويحملا موقفا واضحا، حيث لعبت مصر دورا مهما استطاعت من خلاله التأثير على إسرائيل من خلال الضغوط وحشد المجتمع الدولي وتمكنت من إفشاله حتى هذه اللحظة.

حشد المجتمع الدولي

وقال “عكاشة” إن مصر عملت جاهدة طوال الحرب الأخيرة على حشد الرأي العام الدولي لمساندة الشعب الفلسطيني للضغط على الاحتلال لوقف جرائمه بالقطاع، سواء في المؤسسات الدولية أو اللقاءات الثنائية مع ممثلي الدول.

دعم حل الدولتين

وقال وكيل المخابرات العامة المصرية الأسبق، إن مصر تطالب بإقامة الدولة الفلسطينية جنبا إلى جنب مع إسرائيل من قبل اتفاقية أوسلو عام 1993 التي أبرمت ثم جاء نتنياهو وقام بنسفها، فأصبح الأمر مجرد حديث يصعب تطبيقه على ارض الواقع.

وأوضح سعيد عكاشة، أن الدولة المصرية تجري جهودا حثيثة لحل الدولتين لإحلال السلام وضمان حقوق الشعب الفلسطيني، لافتًا إلى أن الرغبة المتبادلة في الانتقام والصراع بين الطرفين جعلت فرصة حل الدولتين أبعد نسبيا في من أي وقت، وما تسعى إليه مصر الآن هو إيقاف الاستيطان والحفاظ على الأراضي الفلسطينية.

الدكتور سعيد عكاشة 

انفاذ المساعدات

وتعد مصر الأكثر حرصا بين الدول على إنفاذ المساعدات إلى داخل قطاع غزة، كما أنها بوابة القطاع لجميع دول العالم، لاستقبال المساعدات لتخفيف حدة المعاناة التي يعيشها سكان القطاع إثر الحرب الوحشية التي يرتكبها الاحتلال وانتهاجه لسياسة التجويع هناك.

وقُدر حجم المساعدات المصرية بنسبة 87% من المساعدات التي دخلت القطاع منذ بداية الحرب الأخيرة، تمثلت في شاحنات غذائية وطبية ومستلزمات الإعاشة للفلسطينيين، بواقع 300 شاحنة يومياً في بعض الأيام تدخل عن طريق معبر رفح.

ودخل إلى القطاع أكثر من 19 ألف شاحنة بالتنسيق بين الدولة المصرية ومنظمات المجتمع المدني والعمل الأهلي والأحزاب السياسية حملت 19952 طناً من المواد الطبية، و10435 طناً من الوقود، و123453 طناً من المواد الغذائية، و26692 طناً من المياه، و44103 مواد إغاثية أخرى، و2023 طناً من الخيام والمشمعات.
 

دخول الشاحنات المصرية لقطاع غزة 

وأشار الدكتور سعيد عكاشة  إلى أن الدولة المصرية عملت على إدخال المساعدات الإغاثية لشعب غزة منذ بداية الحرب لتخفيف معاناة الفلسطينيين، فضلا عن إصرارها على ضرورة إعادة دخول المساعدات لمواجهة تفاقم الأزمة الإنسانية الخطيرة خاصة عقب إغلاق الاحتلال المعبر من الجانب الفلسطيني والسيطرة على محور فلادليفيا.

وتابع أن الموقع الجغرافي الذي جعل مصر هي المنفذ الأهم لقطاع غزة ساهم بدور كبير على جعل مصر الدولة الأكثر تقديما للمساعدات، على مدار التاريخ.

وأشار اللواء محمد رشاد، إلى وجود كميات كبيرة من المساعدات المصرية في مدينة العريش تعثر دخولها عند ضرب إسرائيل لمعبر رفح الحدودي مع غزة وتنتظر الدخول حتى الآن.

معالجة ضحايا الحرب من سكان غزة

وفي نوفمبر 2023 مع بداية تفاقم الأوضاع وزيادة وتيرة القصف الإسرائيلي أعلنت السلطات المصرية تدشين مستشفى ميداني للاستخدامات العاجلة والملحة، لاستقبال المصابين الفلسطينيين بسبب الحرب في  غزة.

واستقبلت المستشفيات المصرية عددا كبيرا من الجرحى ومصابي الطوارئ والحالات الحرجة والأمراض المزمنة والذين بلغ عددهم 3764 مصاباً ومريضاً دخلوا عبر بوابة رفح معهم 6191 مرافقاً، و66759 من الرعايا الأجانب ومزدوجي الجنسية، و6330 من المصريين المقيمين هناك شارك في نقلهم حوالي 123 سيارة إسعاف.

دخول سيارات الإسعاف للقطاع

محكمة العدل الدولية

وفي مايو الماضي أعلنت مصر عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في الجرائم الإسرائيلية لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، وذلك في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين في القطاع.

الدور المصري في المفاوضات

وقال اللواء محمد رشاد وكيل المخابرات العامة الأسبق، إن مصر دائما ما تكون على طاولة المفاوضات بحكم دورها الاستراتيجي في القضية ولا يمكن استثناءها في أي جولة للمفاوضات، كما أن مصر تلعب دورا مهما لتقارب وجهات النظر حول النقاط الخلافية في المفاوضات.

ولعبت مصر دورا كبير  في اتفاق وقف إطلاق النار منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 من أجل إعادة الاستقرار للقطاع والتوصل إلى اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى مرتين الأولى نوفمبر 2023 والثانية يوم الأربعاء 15 يناير الجاري.

search