الإثنين، 20 يناير 2025

07:34 ص

"الرمادية العاطفية".. عندما يعتم الحزن ألوان الحياة

الحزن-تعبيرية

الحزن-تعبيرية

الحزن ليس مجرد شعور داخلي يعصف بالإنسان، إذ يمتد تأثيره ليشمل حواسنا وإدراكنا للعالم من حولنا، بما في ذلك رؤية الألوان، وهذا ما كشفت عنه دراسات علمية حديثة تؤكد أن الحزن قد يغير الطريقة التي نرى بها الألوان، محولًا العالم إلى لوحة باهتة تفتقر للحيوية.

الحزن وإدراك الألوان

وفقًا لمجلة العلوم النفسية (Psychological Science)، فكشفت دراسة أجرتها جامعة روتشستر الأمريكية أن المشاعر السلبية، مثل الحزن والاكتئاب، يمكن أن تؤثر على الخلايا العصبية المسؤولة عن تفسير الإشارات البصرية، حيث أُجريت اختبارات على مجموعة من الأشخاص الذين تعرضوا لمواقف حزينة، وطُلب منهم تحديد الألوان بدقة، لتظهر النتائج انخفاضًا ملحوظًا في قدرتهم على التمييز بين الألوان الزاهية، خاصة الأحمر والأصفر، مقارنة بمجموعة أخرى كانت في حالة عاطفية محايدة.

الألوان

وفسر الباحثون هذه الظاهرة بأن الحزن يثقل كاهل الدماغ، مما يضعف قدرة العين على معالجة الألوان بفعالية، أو بمعنى آخر، عندما نكون في حالة نفسية سيئة، فإن دماغنا يميل إلى التركيز على المشاعر بدلاً من التفاصيل البصرية، مما يؤدي إلى إدراك أقل حدة للألوان.

العلاقة بين المزاج والجهاز البصري

الألوان التي نراها ليست فقط نتيجة انعكاس الضوء، بل تعتمد أيضًا على كيفية معالجتها من قبل الدماغ، فالحزن يؤثر على نشاط اللوزة الدماغية والقشرة البصرية، وهما مسؤولتان عن التفاعل بين المشاعر والرؤية، وفي حالة الحزن، فيُعاد توجيه الطاقة العصبية نحو التعامل مع العاطفة بدلاً من تحسين وظائف الإحساس، ما يتركنا عاجزين عن التفاعل الكامل مع الألوان.

وفي دراسة أخرى أجرتها جامعة فرايبورج في ألمانيا دعمت هذه النتائج، حيث أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من الحزن الشديد أو الاكتئاب يرون العالم بدرجات لونية باهتة، عرف هذا التأثير بظاهرة “الرمادية العاطفية” (Emotional Grayscale)، وهو مصطلح يصف كيف تتداخل الحالة النفسية مع التجارب الحسية.

التأثير النفسي والاجتماعي

إن ضعف إدراك الألوان أثناء الحزن لا يؤثر فقط على تجربة الإنسان البصرية، بل يمتد إلى نواحٍ حياتية أخرى، فعلى سبيل المثال، قد يشعر الشخص بفقدان الشغف في الأنشطة اليومية أو حتى في اتخاذ قرارات تتعلق بالمظهر الشخصي، مثل اختيار الملابس، كما قد يؤثر ذلك على التفاعل مع الأعمال الفنية والطبيعة، التي غالبًا ما تعتمد على الألوان الزاهية لإثارة المشاعر الإيجابية.

هل يمكن عكس تأثير الرمادية العاطفية؟

تأثير الحزن على إدراك الألوان ليس دائمًا، فبمجرد أن يتحسن المزاج، تعود حدة الألوان إلى طبيعتها، إذ ينصح الخبراء بمحاولة مواجهة الحزن عبر تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل أو قضاء الوقت في الطبيعة، حيث يمكن أن تساعد الألوان الزاهية في تحفيز المشاعر الإيجابية.

search