شوارع شاغرة ومحلات مغلقة.. تهديدات ترامب تحول شيكاغو لمدينة أشباح

تحول مركز الأعمال التجارية في مدينة شيكاغو إلى مدينة أشباح خالية من المشاة وأصحاب الأعمال، بعد يوم واحد من خطاب تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هدد بترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

حملة مداهمات واسعة

هذه الأجواء حدثت بعد نشر تقارير عن خطة ترامب لشن حملة مداهمات واسعة النطاق لترحيل المهاجرين غير الشرعيين بدأت في شيكاغو، أمس، كما تعهد ترامب في أول خطاب له بوقف غزو المهاجرين وترحيل المهاجرين غير المسجلين.

وتزامن ذلك أيضًا مع موجة طقس متجمد تسببت في حبس ملايين الأمريكيين في منازلهم، وإلغاء حفل تنصيب ترامب في الخارج لأول مرة منذ 40 عامًا، حيث نقل الحفل إلى داخل الكونجرس.

وقالت إحصائيات إن حركة التجارة انخفضت بنسبة كبيرة في مركز شيكاغو، أمس، وسط تحذيرات من خسائر كبيرة للتجارة بسبب خطة ترامب، وفقا لتقرير وكالة “بلومبرج” الأمريكية.

الخوف يجمد الحياة

تعد شيكاغو ثالث كبرى المدن في الولايات المتحدة، وتضم ثاني أكثر ممرات تجارة التجزئة ازدحامًا في شيكاغو، وهي منطقة مزدحمة مليئة بالمطاعم ومحلات البقالة المكسيكية جنوب غرب المدينة، لكنها تحولت ظهر أمس الأول (الإثنين)، إلى مدينة أشباح.

ووفقا لـ"بلومبرج"، انخفضت حركة المشاة في امتداد شارع 26 الذي يبلغ طوله ميلين في حي ليتل فيليج، حيث وصل الانخفاض إلى 50%، وفقًا لجنيفر أجيلار، التي ترأس غرفة التجارة المحلية وتحدثت إلى عدد من حوالي 400 شركة في المنطقة.

وفي صباح أمس الثلاثاء، أُغلِق العديد من المتاجر، وقالت أجيلار: "سيكون الأمر كارثيًا، إذا حدثت المداهمات وأصبح الناس خائفين للغاية من الخروج، فسيكون لذلك تأثير سيستمر لسنوات".

وتحرك ترامب سريعًا يوم الإثنين للوفاء بتعهداته الانتخابية بعد خطاب تنصيبه، حيث أعلن تدابير لإنهاء حق المواطنة بالولادة وتعبئة القوات لتكثيف إنفاذ القانون على الحدود، كما أغلق تطبيق CBP One، الذي يستخدمه المهاجرون لعبور الحدود وطلب اللجوء، ما يحطم آمال العديد من الأشخاص الذين ينتظرون في المكسيك للحصول على مواعيد مع السلطات الأمريكية.

وجاء ذلك بعد ثلاثة أيام من تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” الذي أفاد بأن فريق ترامب يخطط لتنفيذ مداهمات واسعة النطاق لسلطات الهجرة والجمارك في شيكاغو تبدأ يوم الثلاثاء، على الرغم من أن توم هومان، مسؤول الحدود، حاول في وقت لاحق التقليل من أهمية ذلك، قائلاً إنه كان يراجع الخطط، مضيفا أن المداهمات تجري في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، أضاف هومان أن الإدارة ستلاحق المجرمين أولًا، لكن إذا تم العثور عليهم مع مهاجرين غير شرعيين آخرين، فسيتم احتجازهم أيضًا.

كانت ثالث أكبر مدينة في الولايات المتحدة بمثابة كيس ملاكمة لترامب منذ فترة طويلة، حيث أصبحت شيكاغو تحت راداره بعد استقبال عشرات الآلاف من المهاجرين خلال رئاسة جو بايدن، حيث نقل العديد منهم بالحافلات من تكساس بواسطة الحاكم جريج أبوت إلى مدن الملاذ التي يديرها الديمقراطيون.

وقال حاكم ولاية إلينوي، جيه بي بريتزكر، في مؤتمر صحفي، أمس: "سمعنا أنهم يستهدفون ما يصل إلى 2000 شخص في البداية في مدينة شيكاغو وحدها، لا أعرف ما إذا كانوا سينفذون ذلك أو كيف، وأريد أن أكون واضحًا بشأن موقفي وما هو القانون هنا: إذا كان هناك مجرمون عنيفون أدينوا بارتكاب جرائم عنيفة، وهم غير موثقين، فمن المفترض ترحيلهم".

مكسيك الغرب الأوسط

تقع قرية ليتل فيليج، المعروفة باسم "مكسيك الغرب الأوسط"، جنوب غرب منطقة الأعمال الرئيسية في شيكاغو، وتجلب المنطقة عائدات ضريبية إلى مبنى البلدية أكثر من أي منطقة أخرى للتجزئة باستثناء شارع ماجنيفيسنت مايل، وهو شارع التسوق في وسط المدينة الذي يضم متاجر فاخرة.

وقال مايك رودريجيز، عضو مجلس مدينة الدائرة 22، التي تضم قرية ليتل فيليج: “كنت أسير في ممر الأعمال قبل ثلاثة أيام يوم الجمعة، وتحدثت مع بائع متجول قال إن مبيعاته انخفضت بنحو 60%”.

وأضاف: "كانت الأعمال منخفضة، وظل الناس في منازلهم، وكانوا قلقين بشأن: أولاً، البرد، وثانيًا، كانوا خائفين من التعامل مع إدارة الهجرة والجمارك".

لقد كافحت شيكاغو ومدن أخرى مثل نيويورك لدفع تكاليف الإسكان وإطعام المهاجرين، وقدر مجلس الهجرة الأمريكي أن عملية ترحيل جماعي لمرة واحدة لنحو 13 مليون شخص ستكلف ما لا يقل عن 315 مليار دولار، محذرًا من أن الرقم "متحفظ للغاية"، وأنه إذا تم توزيع الرقم على مدى فترة زمنية، فقد يكون أكبر من ذلك بكثير، وهذا لا يشمل التأثير الاقتصادي لعدم حضور العمال واضطرار الشركات إلى الإغلاق نتيجة لذلك.

وقالت ريبيكا شي، الرئيسة التنفيذية لتحالف الهجرة التجارية الأمريكية: "إن الأماكن مثل ليتل فيليج، وبيلسن، وحي تشايناتاون، تساهم بشكل كبير في المدينة، لافتة أنه عندما يكون عدد المشاة أقل في الشركات، فإنها ستولد عائدات أقل، وهذا يعني ضرائب أقل لمدارسنا، ونظامنا الصحي، وسلامتنا العامة، وأقسام الشرطة، وكل ما يحافظ على سلامة كل سكان شيكاغو".

غياب العمال

وقال صاحب ثلاثة مطاعم مكسيكية توظف أكثر من 70 شخصًا في الجزء الجنوبي من المدينة إن اثنين من عماله لم يعودا إلى العمل بالفعل.

وأضاف رجل الأعمال المكسيكي، الذي أصبح الآن مواطنًا أمريكيًا، أنه أعطى جميع عماله خيار الابتعاد، وطلب عدم ذكر اسمه حتى لا يواجه العقاب.

وقال في مقابلة أجريت معه في أحد مطاعمه أمس الأول: “أنا هنا منذ 25 عامًا ورأيت أشياء كثيرة، لكن لا شيء مثل هذا”، مضيفًا أن الأمر يتعلق بكيفية نجاتهم من هذا. وتابع "أنا لا أتحدث فقط عن موظفي، بل أتحدث عن قاعدة العملاء بأكملها".

حتى أصحاب الأعمال الذين يؤيدون ترامب يستعدون لتأثير خطته، وقال سام سانشيز، صاحب مطعم في شيكاغو، إنه يؤيد بشكل عام سياسات الهجرة التي ينتهجها الرئيس القادم.

وفي حين قالت الإدارة الأمريكية الجديدة إنها ستركز على المجرمين، توقع سانشيز أضرارًا جانبية تشمل اعتقال المقيمين منذ فترة طويلة الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي التواجد في البلاد بشكل غير قانوني.

وقال سانشيز: "سوف يحدث هذا، سوف يطرقون الأبواب ويأتون إلى الشركات".