الأربعاء، 22 يناير 2025

05:54 م

الكلمة الكاملة لوزير الداخلية في احتفالية عيد الشرطة الـ73

 وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق

وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق

ألقى وزير الداخلية كلمة خلال احتفالية عيد الشرطة الـ73، التي أقيمت اليوم في مقر أكاديمية الشرطة في القاهرة الجديدة، وفيما يلي نص الكلمة الكاملة:

السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بالغ التقدير والاعتزاز لتشريف سيادتكم والحضور الكريم احتفال وزارة الداخلية بالذكرى الخامسة والعشرين من يناير عام 1952، ذلك اليوم الذي تجسدت فيه روح الانتماء والتضحية عندما بذل رجال الشرطة البواسل دماءهم وأرواحهم دفاعًا عن الوطن وصون مقدراته أمام قوى الاحتلال ليصبح علامة مضيئة في سجل البطولات الوطنية وتأتى هذه الذكرى في عامها الثالث والسبعين والشرطة المصرية على عهدها وعقيدتها بأن تظل حصنا منيعاً للأمن والاستقرار.

الجمع الكريم، ترتكز الاستراتيجية الأمنية للوزارة على استقراء الواقع الأمني الداخلي ومحيطه الإقليمي ووضع الخطط اللازمة لمواجهة التحديات الناجمة عن الصراعات والمتغيرات التي تشهدها المنطقة والتي أوجدت بيئة خصبة لمختلف الأنشطة غير المشروعة باتت تهدد أمن واستقرار الدول في ظل التطور الهائل للوسائل التكنولوجية الحديثة والقدرة على تطويعها لارتكاب الجريمة بأنماط جديدة.

ولا تزال في مقدمة تلك التحديات آفة الإرهاب ومخططات نشر الفوضى التي تستوجب اتخاذ أقصى درجات اليقظة في ضوء محاولات التنظيمات الإرهابية استغلال تراجع الأوضاع الأمنية بالمنطقة في استعادة قدراتها والتمدد بالمناطق غير المستقرة واتخاذها منطلقًا لأنشطتها الهدامة لتكوين بؤر جديدة ودفعها للقيام بأعمال عنف تستهدف مقدرات شعوبها.

وفي هذا الإطار تسعى جماعة الإخوان الإرهابية لإحياء نشاطها عبر التوسع في ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسؤولة أملًا في زعزعة الأمن والاستقرار فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوي التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبني الدعوة لإعادة دمجها في النسيج المجتمعي الذي لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب. 

وهنا تواصل أجهزة وزارة الداخلية جهودها في الرصد المبكر لتلك المخططات وإحباطها عبر توجيه الضربات الأمنية الاستباقية لها وقطع خطوط ومسارات تمويلها حيث نجحت الجهود على مدار العام الماضي وبمساندة شعبية فاعلة في إجهاض العديد من محاولات تكوينها لبؤر إرهابية وضبط عناصر لجانها الإعلامية والكيانات التجارية التي تستخدمها كواجهات لتمرير الدعم المالي بلغت قيمتها السوقية (2.4 مليار جنيه) كما تحرص الوزارة على توضيح الحقائق للرأي العام عبر منابر الإعلام المختلفة وتكثيف برامج التوعية لدى الشباب لتحصينهم من مخططات إسقاط الدول.

السادة الحضور، انعكاسًا لما تشهده المنطقة من تراجع أمني أدى إلى تصاعد ملحوظ لكافة صور الجريمة المنظمة وعلى رأسها جرائم المخدرات فقد اضطلعت أجهزة المعلومات والمكافحة بالوزارة بإفراد متابعة دقيقة لحركة ومسارات عمليات التهريب والقائمين عليها حيث تمكنت من إحباط وضبط كميات غير مسبوقة من المواد المخدرة قدرت قيمتها بــ(15.7 مليار جنيه).
كما حالت دون نفاذ كميات ضخمة من المخدرات التخليقية للبلاد تمهيدًا لإعادة تهريبها إلى دول أخرى والتي تقدر قيمتها بالدول المستهدفة بــ(28 مليار جنيه).
وانطلاقًا من حرص الوزارة على التصدي لهذا الخطر الذى يستهدف عقول الشعوب فقد تم إنشاء مقرًا جديدًا لقطاع المخدرات والأسلحة غير المرخصة وتزويده بالتقنيات الحديثة التي تمكنه من مواكبة التطور النوعي لتلك الجرائم فضلاً عن استحداث المركز المصري الدولي للتدريب على مكافحة المخدرات ودعمه بأحدث الإمكانيات والوسائط التدريبية لصقل مهارات العنصر البشرى ومن المقرر أن يمتد نشاط المركز إلى تدريب الكوادر الشرطية المتخصصة بالدول الشقيقة والصديقة في إطار التعاون الدولي في مجال المكافحة.

وفي ذات السياق، نشطت الفترة الماضية عصابات تهريب المهاجرين على المستويين الإقليمي والدولي والتي اتخذت في نشاطها أنماطًا جديدة لتجنب الرصد الأمني وقد تمكنت الجهود الأمنية من تقويض الهجرة غير الشرعية انطلاقًا من البلاد وضبط القائمين عليها مما لاقى إشادة دولية.

وعلى التوازي، ولتحقيق مفهوم الأمن الشامل في ظل التمدد الحضاري غير المسبوق بالبلاد تحرص الوزارة على مكافحة الجريمة الجنائية والقضاء على البؤر الإجرامية والتشكيلات العصابية والتصدي للجرائم الاقتصادية وعلى رأسها الاتجار بالنقد الأجنبي، حيث بلغ ما تم ضبطه نقدًا ما يقرب من (4.6 مليار جنيه)، وتشير الإحصائيات إلى انخفاض معدلات ارتكاب الجرائم الجنائية خلال العام الماضي بنسبة بلغت 14.2% عن العام الذي سبقه والذي جاء كمحصلة للجهود الأمنية إلى جانب جهود الدولة في تنفيذ البرامج الاجتماعية والتطوير الحضاري للمناطق التي كانت تشكل بيئة خصبة لتنامى السلوك الإجرامي.

كما أولت الوزارة اهتمامًا كبيرًا لمواجهة الجرائم الإلكترونية بمختلف أنواعها عبر تحقيق التكامل بين مهارات العنصر البشرى ووسائل التكنولوجيا الحديثة بالتوازي مع استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة العمل الأمني عبر مركز العمليات الأمنية المستحدث وبما يحقق منظومة أمنية تكنولوجية متكاملة قادرة على مواكبة التطور المتسارع في أساليب ارتكاب تلك الجرائم.

الجمع الكريم، تشهد التجربة المصرية في تطوير مفهوم العدالة الإصلاحية بتحويل المؤسسات العقابية إلى مراكز إصلاح وتأهيل نجاحات متميزة في تحقيق أهدافها التي ترتكز على عدم عودة ذوى السلوك الإجرامي إلى الجريمة مرة أخرى عقب قضاء العقوبة وتحرص الوزارة على التوسع في برامج التدريب والتعليم الفني للنزلاء وتمكينهم من تصنيع منتجاتهم والمشاركة بها في كبرى المعارض المحلية بما يعود عليهم بالعائد المادي المناسب أثناء فترة العقوبة ويسهم في سرعة انخراطهم بالمجتمع عقب الإفراج عنهم. 

كما تحرص الوزارة على مشاركة تجربتها على المستويين الإقليمي والدولي عبر المؤتمرات وورش العمل المعنية بحقوق الإنسان ومن خلال استقبال مراكز الإصلاح والتأهيل للعديد من الوفود من الدول العربية والأفريقية والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية ومنظمات المجتمع المدني للاطلاع على التطبيق العملي للتجربة المصرية والتي حظت بإشادة واسعة بتلك المحافل.

وانطلاقًا من كونها جزءًا من النسيج المجتمعي للوطن تولى الوزارة أهمية كبيرة لدورها الاجتماعي والتكافلي لتكريس التلاحم الإنساني بين الشرطة والمواطنين عبر تقديم مختلف أوجه الدعم لأهالينا من محدودي الدخل والتوسع في استحداث مراكز تقديم الخدمات الأمنية الثابتة والمتحركة لإتاحة تلك الخدمات دون عناء وتقديمها لكبار السن وذوي الهمم بمقار إقامتهم كذا استحداث مراكز الخدمة السريعة التي تقوم باستخراج المحررات والأوراق الثبوتية لحظيًا.

كما حققت مبادرة “جيل جديد” برعاية القيادة السياسية نتائج متميزة في الارتقاء بالمستوى الثقافي والفكري لبراعم المناطق الحضارية وثقته إشادات مؤسسات وطنية وإقليمية بتقديم (20) منحة دراسية جامعية مجانية للمتفوقين من طلاب المبادرة بعد أن لمست إدراكهم بأنهم لم يعودوا فئة مهمشة بل أصبحوا جزءًا من المستقبل الواعد لبلادهم.
الأخوة والأبناء.. أعضاء هيئة الشرطة، تحية لكم.. لما تبذلونه من جهود صادقة وما تقدمونه من تضحيات مخلصة لتحقيق رسالة الأمن السامية التي أقسمتم على الاضطلاع بمسؤولياتها من أجل الحفاظ على أمن الوطن وأمان شعبه العظيم.

واليوم ونحن في رحاب تلك الذكرى الوطنية الخالدة، أتوجه بتحية اعتزاز ووفاء لأرواح شهدائنا الأبرار من رجال القوات المسلحة الباسلة والشرطة الأبية الذين جادوا بأرواحهم في سبيل وطنهم مع تمنياتنا لمصابينا بالشفاء والعودة لصفوف الواجب.

السيد رئيس الجمهورية، ما تشهده مصر من أمن واستقرار إنما هو ثمرة قيادة رشيدة وعزم صادق كي تحتل مصر مكانتها الرائدة بين الأمم رغم كل المتغيرات المتلاحقة إقليميًا ودوليًا ولم يكن ذلك ليتحقق إلا بالتمسك بما تنادون به سيادتكم بوحدة الصف وتماسك أبناء الوطن كتلة واحدة في مواجهة التحديات.

ويجدّد رجال الشرطة العهد لسيادتكم بأن يظلوا في أتم الاستعداد والجاهزية ماضون بكل عزم وإصرار في أداء واجبهم مدافعين عن أمن مصر عازمين على توفير المناخ الآمن لشعبها من أجل مواصلة مسيرة التقدم والتنمية.

أدام الله تعالى على مصرنا الغالية نعمة الأمن والسلام وحفظكم سيادة الرئيس ورعاكم وسدد على طريق الحق خطاكم إنه نعم المولى ونعم النصير.

search