الجمعة، 20 سبتمبر 2024

07:20 ص

تعويم الجنيه.. لماذا تترقبه الأسواق ويخشاه المواطنون؟

الدولار والجنيه

الدولار والجنيه

ولاء عدلان

A A

في الشارع وفي المترو وعلى المقاهي، تتردد كلمة التعويم عشرات المرات يوميا. فمنذ قرار الحكومة المصرية بتحريك سعر الصرف في 21 مارس 2022، وما أعقبه من تراجع قاسٍ في قيمة الجنيه أمام الدولار، من 15.8 إلى 30.8 جنيهًا، والتعويم صار بمثابة مادة دردشة دائمة للمصريين. 


“السكر بـ 33 جنيه، والبطاطس بـ22، والزيت أقل زجاجة بـ55.. ولسه هنشوف أكتر”، تقول إحدى المواطنات، في إشارة إلى قرار التعويم المتوقع في الربع الأول من 2024، وهو ما يعتبره أغلب المصريين أنه لا يعني بالنسبة لهم إلا ارتفاعا جنونيا في الأسعار.


ماذا تعرف عن التعويم؟ 

تعويم عملة ما يعني أن تتوقف الدولة، ممثلة في بنكها المركزي، عن تحديد أسعار صرفها، وتركها لتتحرك بحرية مقابل العملات الأخرى، وفق العرض والطلب عليها، وهنا يسمى تعويمًا كاملًا أو حرًا. ببساطة أكثر عندما يرتفع الطلب على عملةٍ ما، ترتفع، والعكس صحيح. 


وقد يكون التعويم جزئيًا أو مُدارًا من قبل الدولة، وفي هذه الحالة يتدخل البنك المركزي بتحريك سعر صرف العملة الوطنية إلى مستوى ما مقابل العملات الأخرى. ربما تتصور هنا أن هذا التدخل يكون بهدف رفع سعر العملة، لكن المفاجأة أن بعض الدول تختار بكامل إرادتها خفض قيمة عملتها. 

خذ الصين كمثال، فهي تدير سعر صرف اليوان عند مستويات متدنية مقابل الدولار، ولهذا يختار التاجر المصري أن يشتري بضائع منها، بدلًا من دول كبريطانيا مثلا، ليستفيد من انخفاض عملتها، (الدولار يعادل 7.08 يوان ) مقارنة بالجنيه الإسترليني (الدولار = 0.79 إسترليني)، بما يعني أن التعويم يساهم في زيادة القدرة التنافسية على التصدير.

صورة للجنية والدولار


نعوّم الجنيه أم نتركه؟ 


تخيل أنك موظف في شركة داخل مصر، وعرضت عليك أن تقبض بالدولار، فهل سترفض؟.. الإجابة لا، لأنك ببساطة يمكنك تحويل جزء من راتبك أو كله إلى الجنيه بقيمة أكبر مما كنت ستحصل عليه لو كنت ستقبض بالجنيه، كيف؟


في الوقت الحالي، يباع الدولار في بنوك الدولة بسعر31 جنيها، أما في السوق السوداء، فهو يقترب من 50، وهذا الفارق يشكل مكسبًا في فكرة القبض بالدولار، وهو نفسه أحد أسباب لجوء الدولة لخفض الجنيه.  


تلجأ الدولة لخفض قيمة العملة تدريجيًا ليصبح سعر الدولار في البنوك نفس سعره في السوق السوداء، أو قريبًا منه على أقل تقدير، بهدف القضاء على السوق السوداء، دخول العملات الأجنبية إلى الجهاز المصرفي للدولة بما يؤدي إلى قدرتها على تأمين احتياجاتها من العملات. 

 يرى الخبير الاقتصادي، عادل عامر أن تعويم الجنيه (خفض سعره) قادم لا محالة في العام الجديد. ويوضح أن هناك أسبابا عدة تفرض التعويم وتجعل الأسواق تترقبه، أبرزها نقص مصادر الدولار مقابل حاجة الدولة المرتفعة للعملة الصعبة لاستيراد نحو 75% من احتياجاتها الأساسية، والحاجة إلى استقرار أسعار الصرف، ومن ثم استقرار أسعار غالبية السلع ومدخلات الإنتاج.

ويقول المحلل الاقتصادي، أسامة زرعي، في تصريح إلى “تليجراف مصر”، إن الأسواق في مصر تترقب تعويمًا جديدًا للجنيه في 2024، وهذا ملموس من الفجوة الكبيرة حاليًا بين السعر الرسمي للدولار والأسعار في السوق السوداء، وبالتالي لا نتوقع استقرارًا في الأسعار قبل صدور القرار. 


مخاوف التعويم


يحذر الخبير الاقتصادي، عادل عامر، من أن أموال المصريين تخسر قيمتها منذ بداية العام مع تراجع الجنيه مقابل الدولار بنحو 25%، ومع أي تعويم جديد (خفض للجنيه) ستكون عرضة لخسارة إضافية. 
ببساطة لو كنت تملك مليون جنيه بتاريخ 1 يناير 2023 فإن قيمتها كانت تساوي نحو 40.5 ألف دولار قبل قرار خفض الجنيه في 11 يناير إلى مستوى 32 جنيهًا للدولار من 24.7 جنيه، أما الآن فالمبلغ نفسه بالجنيه يساوي 32.5 ألف دولار فقط (بسعر 30.8 جنيه للدولار، وفق أسعار المركزي لليوم 29 نوفمبر 2023).

search