وزير الصحة: حماية الأطفال تتطلب التزامًا عالميًا

أكد وزير الصحة والسكان، الدكتور خالد عبدالغفار، تعرض حقوق الأطفال للخطر بشكل متزايد، لا سيما في سياق الأزمات الإنسانية، حيث يشهد العالم تهديدات غير مسبوقة لسلامة الأطفال ورفاههم.

وأوضح عبدالغفار، أن الإحصاءات تشير إلى أن 400 مليون طفل - ما يقرب من طفل واحد من كل 5 أطفال - يعيشون في مناطق النزاع أو يفرون منها، ويتعرض العديد منهم للإصابة أو القتل أو الاختطاف أو الاعتداء الجنسي.

دعم رعاية الأطفال

وأضاف عبدالغفار، خلال كلمته في القمة الدولية لحقوق الأطفال، أن مصر مثل جميع الدول تدرك أن مستقبلها يعتمد على أجيالها الشابة، ولتحقيق إعطاء الأولوية لصحتهم ورفاهتهم وتنميتهم، وضمان حمايتهم، فإن مصر لديها التزام قوي لتحقيق الرخاء والاستقرار على المدى الطويل، موضحًا أن نحو 34% من سكان مصر تحت سن 15 عامًا، مما يجسد الحاجة الماسة إلى سياسات قوية تدعم رعاية الأطفال وصحتهم.

وأشار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، إلى مكانة الأطفال في جميع الكتب المقدسة، ووضعهم في قلب المسئولية الأخلاقية والاجتماعية، حيث إن براءتهم وضعفهم وإمكاناتهم اللامحدودة محمية بالتعاليم الإلهية، التي توجه البشرية نحو الرحمة والعدالة.

رأس المال البشري

وتابع عبدالغفار، أن مصر تبنت نهجًا استراتيجيًا موجهًا نحو المستقبل فيما يتعلق بصحة الطفل ونموه، مما يضمن حصول كل طفل على الرعاية الصحية والتعليم والحماية الجيدة، مؤكدًا أن هذه السياسات ليست مجرد استجابات للاحتياجات الفورية فحسب، بل إنها استثمارات طويلة الأجل في رأس المال البشري، مما يعزز أسس دولة مرنة ومزدهرة.

أكد عبدالغفار أن من بين أكثر المساعي الطموحة التي أطلقتها الدولة المصرية في مجال الصحة العامة، تأتي مبادرة "100 مليون صحة"، التي انطلقت عام 2018، لتصبح نموذجًا عالميًا رائدًا في الكشف المبكر والوقاية والتدخل الصحي، مع تركيز خاص على رعاية الأطفال.

وأضاف أن مصر نفذت برنامجًا صحيًا متطورًا للفحص الجيني للكشف عن 19 حالة وراثية، مما يتيح التشخيص والعلاج المبكر، إلى جانب توسيع نطاق خدمات علاج اضطراب طيف التوحد وضمور العضلات الشوكي، مع توفير أحدث العلاجات المتاحة عالميًا. 

وأشار إلى تعزيز برامج فحص حديثي الولادة للكشف عن الأمراض الخلقية قبل ظهور الأعراض، لمنع المضاعفات الصحية وضمان مستقبل أكثر صحة للأطفال.

الصحة النفسية للأطفال

وشدد عبدالغفار على أن الصحة النفسية للأطفال تحظى بأولوية كبيرة، حيث تم إطلاق حملة "صحتك سعادتك" لتقديم الدعم النفسي وعلاج الإدمان، إلى جانب التصدي للتحديات الرقمية الحديثة عبر مبادرات لمكافحة الاستخدام المفرط للإنترنت والألعاب الإلكترونية بين الأطفال، بهدف خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا ونموًا صحيًا متوازنًا للأجيال القادمة.

وأشار عبدالغفار، إلى العمل على دمج رعاية ما قبل الولادة عالية الجودة، والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وبرامج توعية الوالدين لضمان تنمية شاملة للطفل، في إطار مبادرة رئيس الجمهورية للتنمية البشرية.

واستطرد الدكتور خالد عبدالغفار، أن التغذية تلعب دورًا أساسيًا في قدرة الطفل على النمو، وبالنظر إلى أن ما يقرب من نصف وفيات الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم مرتبطة بنقص التغذية، فقد اعتمدت مصر نهجًا شاملًا من خلال الاستراتيجية الوطنية للغذاء والتغذية (2022-2030).

مبادرة التغذية المدرسية

ولفت إلى أن مبادرة التغذية المدرسية، التي يستفيد منها 12 مليون طفل، تلعب دورًا حيويًا في تحسين الأداء التعليمي، والحد من نقص المغذيات الدقيقة، وتعزيز العلاقة بين التغذية السليمة والتنمية المعرفية للأطفال. 

وفي هذا الإطار، تسعى الاستراتيجية الوطنية المحدثة لتنمية الطفولة المبكرة (2024-2029) إلى حماية 10 ملايين طفل من مخاطر سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية والعنف والفوارق التعليمية، بالإضافة إلى ضمان فرص تعليم عادلة للأطفال ذوي الإعاقة.

الأطفال المصابين بالسرطان

وأشار إلى أن التزام مصر تجاه رعاية الأطفال يمتد إلى ما هو أبعد من حدودها الوطنية، إذ تضطلع بمسؤولية إنسانية من خلال توفير الرعاية الصحية المتكافئة والتعليم للأطفال غير المصريين على غرار نظرائهم المصريين. واستشهد في ذلك بالدور الإنساني لمصر في التعامل مع الأوضاع في قطاع غزة والسودان، حيث قدمت الرعاية الطبية لأكثر من 26,000 طفل، شملت التطعيمات الأساسية والرعاية الصحية العاجلة. 

وأوضح أن مئات الأطفال المصابين بالسرطان يتلقون علاجًا متخصصًا داخل المستشفيات المصرية، حيث يمثل الأطفال 42% من إجمالي المصابين الذين يتلقون العلاج في مصر، بينما 43% من الرضع الذين تم إجلاؤهم لا يمتلكون أقارب من الدرجة الأولى، ما يبرز الدور الإنساني الكبير الذي تضطلع به مصر في حماية الأطفال المتضررين من النزاعات.

معاناة الأطفال الفلسطينيين

وأشار إلى أنه لا يتحدث عن معاناة الأطفال الفلسطينيين من منظور متابع لوسائل الإعلام أو ناقل عن الآخرين، بل كشاهد عيان على المأساة قائلًا: "على حدود معبر رفح، وسط الدمار المروع في غزة والفوضى العارمة، استقبلنا آلاف الأطفال الفلسطينيين، أرواح صغيرة تحمل جروحًا لا يمكن تصورها، يعانون من صدمات ستلازمهم مدى الحياة.. وصل الكثيرون في صمت، وقد فقدوا أطرافهم، بينما تعكس أعينهم حزنًا يفوق سنوات أعمارهم بكثير".

وسرد نائب رئيس مجلس الوزراء قصة مؤثرة لطفل يدعى أحمد، لم يتجاوز العامين من عمره، شُوّه جسده الهش جراء القصف العشوائي، ففقد ساقيه وذراعه، كما فقد والديه، ولم يبقَ له سوى عمه الذي اصطحبه إلى مصر لتلقي العلاج، وبرغم معاناته، تمسك بالحياة في ظروف لا ينبغي لأي طفل أن يمر بها. 

كما أشار عبدالغفار إلى مأساة أخرى تمثلت في الأطفال حديثي الولادة بمستشفى الشفاء، الذين انتُزعوا من الحضّانات تحت القصف، ليصارعوا من أجل الدفء في عالم خذلهم قبل أن يبدأوا حياتهم، حيث احتُضنوا بعد إنقاذهم، ولكن لا حضن يمكنه تخفيف آلامهم.

وتساءل قائلاً: "كيف ستعيش هذه الأرواح البريئة دون دفء عائلاتها؟ بلا منازل، بلا مدارس، بلا فرص للعب؟ كيف يمكننا أن نظل صامتين ونترك هذه المأساة تتفاقم؟" وشدد على ضرورة تحرك العالم فورًا، لأن هؤلاء الأطفال يستحقون الحياة في وطنهم بكرامة وأمان، دون أن يكونوا مهجرين قسرًا أو لاجئين مؤقتين. 

وأضاف: "هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد ضحايا، بل هم البراءة المحطمة في عصرنا، يناشدون الإنسانية أن تتحرك قبل أن تُفلت المزيد من الأيدي الصغيرة من بين أيدينا."

ضمان رفاهية الأطفال

وشدد على أن حماية الأطفال تتطلب التزامًا عالميًا واحترامًا للقيم الثقافية. 

وأكد أن الأولوية المشتركة يجب أن تكون ضمان رفاهية الأطفال، مشيرًا إلى أن التحدي الذي يواجه المجتمع الدولي كبير، لكن الإرادة لتحقيق التغيير أكبر. 

وأضاف علينا أن نتجاوز مرحلة الكلمات ونتجه نحو التنفيذ، من خلال اتخاذ إجراءات استراتيجية ومستدامة، مدفوعة بالالتزام الأخلاقي بتأمين مستقبل عادل ومنصف لكل طفل.