الثلاثاء، 04 فبراير 2025

08:49 م

كيف تنجو مصر من حرب الرسوم الجمركية؟

كلمة التعريفات الجمركية ودونالد ترامب

كلمة التعريفات الجمركية ودونالد ترامب

استهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولايته الجديدة بدق طبول الحرب التجارية مع أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، واليوم دخلت رسوم أمريكية بنسبة 10% على واردات الصين حيز التنفيذ، ليثار التساؤل فهل تتضرر مصر من هذه الحرب وإلى أي مدى ستؤثر على الاقتصاد العالمي ككل. 

قال عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، الدكتور محمد أنيس، إن سياسة التعريفات الجمركية التي تنتهجها إدارة ترامب ستؤثر على الاقتصاد العالمي على نطاق واسع نتيجة استهدافها دولًا بحجم الصين وكندا ودول الاتحاد الأوروبي التي قررت الرد بإجراءات مضادة.

تهديد لحركة التجارة العالمية  

وأضاف أنيس في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن ما نشهده اليوم هو بمثابة تراجع عن العولمة تحديدًا فيما يتعلق بالسياسة التجارية من خلال زيادة في الإجراءات الجمركية “الحمائية” الأمر الذي سيحد من حرية حركة البضائع ورؤوس الأموال والعمالة، وبالتبعية سيؤثر على حركة الاقتصاد العالمي. 

وتابع: استمرار حرب التعريفات الجمركية من شأنه إضعاف قدرة الاقتصاد العالمي على النمو كونها تؤثر على دول تعتبر صانعة للنمو خلال آخر عقدين مثل الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما أن هذه الحرب ستؤدي إلى اضطراب في سوق العملات، إذ ستعزز قوة الدولار على نحو سيضر بعملات الدول الناشئة والنامية بما فيها مصر، أيضا سنشهد ارتفاعًا للملاذات الآمنة كالذهب وسندات الخزانة الأمريكية.

وردت الصين على الرسوم الجمركية الأمريكية التي استهدفت بضائعها اعتبارًا من اليوم، برسوم مماثلة بنسبة 15% على الواردات الأمريكية، من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الإثنين المقبل، كما فتحت بكين تحقيقًا يستهدف عملاقة التكنولوجيا الأمريكية جوجل ويتهمها بانتهاك قانون مكافحة الاحتكار الصيني.

كما تعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بالرد بصرامة على أي استهداف أمريكي لبضائع الاتحاد، وذلك بعد تهديدات ترامب بشأن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات الكتلة الأوروبية. 

كيف ستتأثر مصر بحروب ترامب التجارية؟ 

أكدت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية أوكونجو إيويالا، في وقت سابق، أن نشوب أي حروب تجارية ردا على الرسوم التي ستفرضها إدارة ترامب، ستكون عواقبه كارثية على الاقتصاد العالمي، وقد يتسبب في خسائر في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتجاوز الـ 10%، وهذا يعني أن الجميع سيدفع الثمن.

ووفقا للدكتور محمد أنيس، فإن التوسع في سياسة الرسوم الجمركية من قبل إدارة ترامب سيحد من حجم الصادرات لأمريكا وبالتبعية سيؤثر سلبا على القدرة الإنتاجية داخل الدول المستهدفة بهذه الرسوم، وفي مقدمتها كندا والصين، كما ستتأثر الدول النامية بشكل غير مباشر مع حقيقة أن هذه الدول المستهدفة بالرسوم تعتمد على أسواق الدول النامية لتأمين مدخلات الإنتاج والمواد الخام والطاقة، كما إن بعضها تتخذ من الدول النامية قاعدة للتصدير لأمريكا. 

وأضاف أن مصر ليست بمعزل عن الاقتصاد العالمي، وبالتالي قد تتأثر سلبًا بحرب التعريفات الجمركية، لكن من الممكن أن تُشكل هذه الحرب فرصة أكثر من كونها تحديًا، حال تمكنت مصر من جذب مصنعين من الدول المستهدفة بالتعريفات وإقناعهم بالتصنيع داخل مصر، ومن ثم التوريد للأسواق الأمريكية تحت شعار “صنع في مصر” كوسيلة لتجنب بضائعها للرسوم. 

تأثير الرسوم الجمركية على الصين وميزان التجارة الأمريكي خلال ولاية ترامب الأولى 

قوة الدولار تضغط على الجنيه 

وتوقع أنيس، أن يؤدي ارتفاع حدة التعريفات الجمركية بين أمريكا وشركائها التجاريين، إلى الإضرار بعملات الأسواق الناشئة بما فيها الجنيه المصري، مضيفا أن قوة الدولار ستدفع أيضا تكلفة الاستدانة من أسواق الدين الدولية للارتفاع الأمر الذي يعني مزيدًا من الارتفاع في فاتورة خدمة الدين بالموازنة المصرية. 

وأشار إلى أن ترامب يسعى لتعزيز قوة الدولار، لذا هدد قبل أيام بفرض رسوم بنسبة 100% على دول مجموعة البريكس (تكتل اقتصادي تأسس بمبادرة من الصين وروسيا والبرازيل والهند وانضمت إليه حديثا مصر والإمارات)، لكن هذا أمر غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع. 

وتابع: ترامب يحاول رفع السقف فيما يتعلق بتهديداته بشأن الرسوم الجمركية، لكن في النهاية سيتم تهذيب هذه التهديدات وإدارة الرسوم بصورة أكثر منطقية على غرار ما حدث في ولايته الأولى، مع الوضع في الاعتبار تأثير الرسوم السلبي على اقتصاد أمريكا نفسه، فزيادتها بصورة قصوى، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة وتأجيل معدلات التضخم، في وقت تسعى فيه الإدارة الأمريكية لتحفيز الاقتصاد، وليس العكس. 

وأعلنت إدارة ترامب، أمس، تعليق الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا، لمدة 30 يومًا في مقابل تعهدات من قيادة البلدين بمزيد من تشديد الرقابة على الحدود للحد من تدفق المخدرات والمهاجرين باتجاه الأراضي الأمريكية، يأتي ذلك بعد أن فرضت واشنطن مطلع فبراير رسومًا جمركية بنسبة 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك، لتعلن أوتاوا استهداف بضائع أمريكية بقيمة 30 مليار دولار برسوم بنسبة 25% كمرحلة أولى. 

وبالتزامن مع تعليق الرسوم على كندا والمكسيك، أعلن البيت الأبيض أن ترامب يعتزم إجراء محادثات مع نظيره الصيني شي جين بينج خلال اليومين المقبلين، في خطوة قد تفضي أيضا لتهدئة وتيرة الحرب التجارية بين أكبر اقتصاديين في العالم.
 

search