الأربعاء، 05 فبراير 2025

05:47 م

عاصفة رفض لـ"وعد ترامب الجديد".. غزة لأهلها والريفييرا خيال مستعمرين

خلال المؤتمر الصحفي للرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض أمس

خلال المؤتمر الصحفي للرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض أمس

محمد سامي الكميلي

A .A

يواصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، استفزازه لدول الشرق الأوسط بشأن مخططه تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، أو في دول أخرى مجاورة، متعهدًا بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، لتطويره وتحويله لـ"ريفيرا الشرق الأوسط".

ومن شأن هذه الخطوة، أن يضرب ترامب بالسياسات الأمريكية عرض الحائط بسبب استمرارها في دعم إسرائيل. لكن ترامب لم يوضح خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي في البيت الأبيض، كيف تستطيع أمريكا الاستيلاء على أرض غزة وتحت أي مسمى سيفعل ذلك.

إلا أن ترامب ألمح إلى أن تكون ملكية أمريكا لغزة طويلة الأمد، معتبرًا أنه سيجلب الاستقرار بنسب كبيرة للشرق الأوسط، وذلك بعد دراسات استمرت لعدة أشهر، على حد قوله.

زيارة ترامب لغزة 

وزعم ترامب أنه تحدث مع زعماء المنطقة وأيدوا فكرته، مضيفًا أنه سيزور غزة قريبًا، لكن دون تحديد موعدًا لهذه الزيارة حتى الآن.

واعترضت دول عربية على مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين، وهذا ما أعلنته في بيانات رسمية، سواء صدرت عن وزارات خارجيتها أو على لسان رؤساءها وملوكها، وأخرى امتنعت عن توضيح موقفها تجاه مخطط التهجير، الذي يعني تصفية القضية الفلسطينية.

دول مستنفرة ضد التهجير

وفي مؤتمر صحفي جمعه نظيره الكيني، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأربعاء 29 يناير، أن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني، ظلم لا يمكن أن نشارك فيه، مشددا على ثوابت الموقف المصري التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، وأن الحل هو إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولا يمكن أبدًا التساهل أو السماح بما يؤثر على الأمن القومي المصري والعربي.

وفي بيان رسمي صادر عن السعودية، أكدت الرياض، تمسكها بتأسيس دولة فلسطينية، كونها فكرة راسخة وثابتة ولا تتزعزع، مضيفة أن هذا الموقف لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال.

ولفتت إلى أن السعودية لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مضيفة أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك.

ولا تزال فكرة التطبيع السعودي الإسرائيلي، حلم يراود أمريكا منذ عام 2023، إلا أن السعودية أصرت على قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، كشرط للتطبيع مع إسرائيل، وهذا يُعد أحد أبرز الملفات العالقة في التطبيع.

وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أن موقف الأردن راسخ بضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم، رافضًا فكرة تهجير الفلسطينيين لمصر والأردن، وكذا قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين.

وبعث خمسة وزراء خارجية عرب ومسؤول فلسطيني، رسالة مشتركة لوزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مفادها معارضة مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، إذ وقعها وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات، ومستشار الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ. 

وكما رفضت تركيا، فكرة تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، وذلك وفقًا لما جاء أمس في المؤتمر الصحفي الذي تم إقامته على هامش زيارة وزير الخارجية بدر عبدالعاطي لتركيا. وقال الوزير التركي، إن أنقرة ترفض فكرة التهجير وتساند القاهرة ضد هذا المخطط.

وقال ترامب، إن الأردن ومصر رفضا بالفعل استقبال سكان من غزة، ولكن هناك من يرفض أمورًا ثم يعود للموافقة عليها، مضيفًا أن الوضع في غزة متعدد المخاطر، ولا يمكن لسكانه العيش في هذه الظروف، لذلك فإن سكان القطاع سيغادرونه إذا أتيحت لهم الفرصة.

موقف حركة حماس من التهجير

ورفضت حركة حماس، تصريحات ترامب، واعتبرتها “وصفة لإنتاج الفوضى والتوتر في المنطقة”، وفقًا لقيادي في حماس، سامي أبو زهري.

وقال عضو المكتب السياسي لحماس، عزت الرشق، إن أهالي غزة على مدار أكثر من خمسة عشر شهرًا من القصف والتدمير، أفشلوا جميع محاولات التهجير والترحيل، وهو مغروس في أرضه ولن يقبل بأي مخططات تهدف إلى اقتلاعه من جذوره.

وكان ترامب، قال إن دول الشرق الأوسط لديها الأموال الكافية لإعادة إعمار قطاع غزة، وبناء أماكن ينتقل إليها سكان غزة، مضيفا أنه إذا تمكنا من العثور على أرض مناسبة لنقل سكان من غزة إليها سيكون ذلك أفضل لهم كثيرًا من العودة إلى القطاع. 

تصريحات ترامب السافرة

واعتبر عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، محمد مهران، أنّ تصريحات دونالد ترامب الأخيرة بعد لقاء بنيامين نتنياهو، تُمثل اعتداءً سافرًا. 

وأضاف مهران في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن طرح ترامب لفكرة تهجير الفلسطينيين يمثل "وعد بلفور" جديد محكوم عليه بالفشل.

ولفت إلى أن مقترحات ترامب الأخيرة خلال لقائه نتنياهو، بشأن تحويل غزة لمنتجعات سياحية بعد ترحيل الفلسطينيين إلى مصر والأردن تكشف عن عقلية استعمارية متجذرة، مؤكدا أن هذه المخططات تتجاهل حقيقة أن مصر دولة ذات سيادة تمتلك إرادة مستقلة.

المادة 49 من اتفاقية جنيف

وأكد أن القانون الدولي يقف بقوة ضد مخططات التهجير القسري، حيث تنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة صراحة على حظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين، كما تصنف المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التهجير القسري، كجريمة ضد الإنسانية تستوجب المحاكمة الدولية، مضيفا أن المادة 8 من نظام روما تعتبر الترحيل القسري للسكان المدنيين جريمة حرب تقع تحت طائلة العقاب الدولي.

وشدد مهران على أن المواثيق الدولية، وخاصة قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، تؤكد عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة أو تغيير تركيبتها السكانية.

وأوضح أن القانون الدولي يكفل للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967، كما يضمن حق اللاجئين في العودة وفقاً للقرار 194، مؤكدا أن أي محاولات لفرض حلول قسرية تتعارض مع هذه المبادئ الراسخة في القانون الدولي.

search