مشروع استثماري على أنقاض غزة.. ماذا قالت الصحف العالمية عن تصريحات ترامب؟

تصدرت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن "سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة" عناوين الصحف العالمية، حيث أثارت موجة من الجدل والانتقادات الواسعة. 

جاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي عقده ترامب في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان أول زعيم أجنبي يزور واشنطن في ولاية ترامب الجديدة.

نهج توسعي أم محاولة للضغط على الشرق الأوسط؟

وتسبب الحديث عن غزة في إثارة ردود فعل متباينة على الصعيد الدولي، حيث اعتبرت بعض الصحف أن تصريحات ترامب تعكس نهجًا توسعيًا خطيرًا في السياسة الأمريكية، بينما رأى آخرون أنها محاولة للضغط على قادة الشرق الأوسط بشأن قضايا المنطقة.

تفكير تجاري بحت

وفي تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، وصف المراسل ديفيد سميث تصريحات ترامب بأنها تعكس تفكيرًا تجاريًا محضًا، حيث بدا كما لو كان يتعامل مع منطقة نزاع مثل غزة وكأنها مشروع استثماري. 

وأشار التقرير إلى أن ترامب، الذي بدأ حديثه بالتفاخر بإنجازات إدارته مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فاجأ الحضور بالحديث عن غزة، معتبراً إياها "مكاناً سيئ الحظ"، مشبهاً الوضع هناك بمنزل مهدم يحتاج إلى إعادة بناء.

مقترحات ترامب لقطاع غزة

وأضاف ترامب أن من الممكن توطين سكان غزة في "مناطق مختلفة" في دول أخرى، مشيرًا إلى أن الدول المجاورة، التي وصفها بأنها "تملك ثروات عظيمة"، قد تتحمل تكاليف المشروع. 

وتساءل عما إذا كان يمكن تنفيذ المشروع في مكان واحد أو في مناطق متعددة، مؤكدًا أن هذا سيكون مشروعًا "مذهلاً" يمكن أن يتفاخر به الشرق الأوسط كله. 

وتسبب تصريح ترامب المفاجئ بالحديث عن "الاستيلاء على قطاع غزة" في صدمة، حيث ألمح إلى إمكانية إرسال قوات أمريكية للقيام بهذا الدور.

نتنياهو يشيد بتصريحات ترامب

في المقابل، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات ترامب، معتبراً إياه "أعظم صديق لإسرائيل" في البيت الأبيض، وأشار إلى أن خطة ترامب بشأن غزة "تستحق الاهتمام" وقد تكون قادرة على "تغيير التاريخ".

انتقادات داخلية وخارجية

لكن تصريحات ترامب لم تلقَ تأييدًا عالميًا، حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، فقد اعتبر السيناتور الديمقراطي كريس مورفي أن تصريحات ترامب "جنونية"، ورد عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤكدًا أن ما قاله ترامب غير منطقي تمامًا.

محاولة للضغط على دول الشرق الأوسط؟

وفي تحليل نشرته صحيفة "التليجراف" البريطانية، حذر الكاتب ديفيد كوفمان من أن تصريحات ترامب قد تكون محاولة للضغط على زعماء الشرق الأوسط لتحمل المزيد من المسؤولية تجاه القضية الفلسطينية. 

وأضاف أن ترامب ربما لا يعتزم نقل الفلسطينيين من غزة قسرًا، بل يسعى لدفع الدول المجاورة لتقديم دعم أكبر للفلسطينيين، مستشهدًا بإمكانية أن تكون دول الخليج قادرة على تحمل تكاليف هذا المشروع.

انتقادات من "نيوزويك" حول الاقتراح

من ناحية أخرى، انتقدت مجلة "نيوزويك" الأمريكية فكرة ترامب بشدة، معتبرة أن اقتراح نقل 1.5 مليون فلسطيني من غزة إلى دول مجاورة يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ومبادئ العدالة. 

وأشارت المجلة إلى أن هذه الفكرة تعكس نموذجًا للتطهير العرقي، معتبرة أن تنفيذها سيؤدي إلى تصعيد خطير في المعاناة الفلسطينية.

الجانب القانوني والتداعيات الإنسانية

وشددت المجلة على أن القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، يحظر النقل القسري للسكان تحت الاحتلال، مشيرة إلى أن المادة 49 من الاتفاقية تحظر ترحيل السكان المحميين إلى مناطق أخرى. 

كما أضافت أن المحكمة الجنائية الدولية تعتبر النقل القسري جريمة ضد الإنسانية، مما يجعل فكرة ترامب غير قانونية وغير مقبولة.

مخاطر تطبيع فكرة التهجير القسري

واختتمت المجلة بالتأكيد على أن مثل هذا المشروع قد يقوض جهود المجتمع الدولي في تحقيق حل الدولتين، وهو الحل الذي تتبناه معظم الأطراف الدولية. 

وفي النهاية، حذرت "نيوزويك" من أن تصريحات ترامب، رغم أنها قد تبدو بعيدة عن التطبيق في الوقت الحالي، يمكن أن تفتح الباب لتطبيع خطاب التهجير القسري في المستقبل، وهو ما يتطلب يقظة في التعامل مع تداعيات هذه التصريحات.