الجمعة، 07 فبراير 2025

11:32 م

شبح حرب تجارية.. ترقب بالأسواق العالمية بعد قرارات ترامب

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

مع تصاعد المخاوف بشأن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يستعد المستثمرون العالميون لاحتمالات تصاعد التوترات التجارية، إلا أن التقلبات السريعة في الأسواق لا تزال تبقيهم في حالة ترقب.

وعلى الرغم من القلق السائد، لم يصل الأمر إلى حالة الذعر، حيث لا يزال مؤشر "VIX"، المعروف بمؤشر "الخوف" في وول ستريت، أدنى من متوسطه طويل الأجل.

سوق الأسهم

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، فإن وول ستريت وضعت استراتيجيات لمواجهة تداعيات التعريفات الجمركية، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل. 

وأعدت البنوك الاستثمارية قائمة بالأسهم الأكثر تأثرًا بسياسات ترامب، خاصة الشركات التي تعتمد على التصدير مثل شركات السيارات والسلع الاستهلاكية، ما أتاح للمستثمرين فرصة المراهنة على تأثير الحرب التجارية على مجموعة واسعة من الأسهم.

وكان بعض المستثمرين مستعدين للتصعيد الأخير، حيث زادت صناديق التحوط من رهاناتها ضد أسهم الشركات الأوروبية المتضررة، مثل "مرسيدس-بنز" و"بي إم دبليو"، إلا أن مديري الصناديق يحذرون من التشاؤم المفرط، نظرًا للانعكاسات السريعة التي قد تشهدها السوق.

وفي ظل هذه الضبابية، يرى المحللون أن التنويع هو الحل الأمثل، ويوصي المحلل في "سيتي بنك"، درو بيتيت، بضرورة الاحتفاظ بمزيج متوازن من أسهم النمو، والأسهم الدورية، إلى جانب الأسهم الدفاعية.

مؤشرات العملات

على صعيد العملات، تعرض الدولار الكندي لضغوط كبيرة، حيث انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عام 2003 بسبب توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك كندا، لكنه تعافى سريعًا بعد إعلان تأجيل التعريفات الجمركية، وشهد البيزو المكسيكي تحركات مشابهة، ما جعل المتداولين غير متأكدين من اتجاه السوق.

وقال مدير الاستثمار في "GAM"، بول مكنمارا: "السؤال الأهم هو ما إذا كان لدى ترامب خطة اقتصادية واضحة، أم أن قراراته تتخذ بشكل عشوائي؟، التداول في ظل هذه الأوضاع أمر معقد للغاية".

وفي ظل هذه الأوضاع، يفضل المستثمرون حاليًا المراهنة على قوة الدولار الأمريكي، الذي ظل محور التجارة العالمية خلال فترة ترامب، كما زاد الطلب على خيارات شراء الدولار مقارنة بخيارات البيع، ما يعكس توقعات بارتفاع قيمته في المستقبل.

السندات والدخل الثابت

يحاول مديرو الدخل الثابت تقييم تأثير التعريفات الجمركية على الاقتصاد الأمريكي، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت ستؤدي إلى ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة أم إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، ما قد يستدعي خفضًا إضافيًا للفائدة.

وخلال تعاملات الإثنين الماضي، ارتفعت توقعات التضخم، ما أدى إلى تأجيل التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية، لذا ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.28%، قبل أن تتراجع لاحقًا، وفي المقابل، يراهن المستثمرون على تباطؤ النمو وتسريع وتيرة خفض الفائدة في دول أخرى، مثل كندا والمملكة المتحدة.

ويرى رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في "بنك أوف أمريكا"، مارك كابانا، أن الأسواق تواجه "تأثيرات متضاربة"، حيث تتوقع بقاء الفيدرالي على موقفه المتشدد بشأن الفائدة لفترة أطول بسبب مخاطر التضخم، لكنها تأخذ أيضًا في الاعتبار احتمالات التأثيرات السلبية على النمو الاقتصادي مستقبلاً. 

ويوصي كابانا، المستثمرين بشراء سندات الخزانة المحمية من التضخم، باعتبارها أداة تحوط مزدوجة ضد ارتفاع الأسعار وتباطؤ الاقتصاد.

وفي الأسواق الناشئة، استغل بعض مديري الصناديق عمليات البيع الأخيرة لشراء سندات بعض الدول المتضررة، مثل المكسيك وكولومبيا، بأسعار مخفضة.

وأشار رئيس قسم سندات الأسواق الناشئة في "بي إن بي باريبا لإدارة الأصول"، علاء بوشهري، إلى أن مثل هذه التقلبات تتيح فرصًا للاستثمار في أصول ذات أساسيات اقتصادية قوية لكنها لم يتم تقييمها بشكل صحيح بعد.

الملاذات الآمنة

مع تصاعد الضبابية في الأسواق، لجأ المستثمرون إلى الأصول الآمنة، حيث سجل الذهب مستوى قياسيًا جديدًا عند 2882 دولارًا للأوقية هذا الأسبوع، ليظل الملاذ المفضل وسط التقلبات. وقال المحلل في "بانمور ليبيرم"، توم برايس: "في عالم السلع، الذهب هو الرهان الوحيد المضمون حاليًا".

وعلى العكس، لم يتمكن البيتكوين، الذي يُنظر إليه أحيانًا كـ"ذهب رقمي"، من الحفاظ على مكاسبه، حيث تراجع هذا الأسبوع على الرغم من التوقعات بأن سياسات ترامب قد تعزز الطلب عليه.

التوقعات المستقبلية

على المدى الطويل، لا يزال القلق يسيطر على مديري الصناديق الاستثمارية بشأن الرهانات الكبيرة على هبوط الأصول الخطرة، وسط مخاوف من عدم تحقق هذا السيناريو. 

ويرى كبير استراتيجيي الاستثمار في "راسل إنفستمنتس"، أندرو بيز، أن عدم اليقين بشأن تحركات ترامب المقبلة ورد فعل الفيدرالي الأميركي يجعل من الصعب اتخاذ قرارات استثمارية جذرية.

ويضيف بيز، أن تقليل التعرض للأصول الخطرة خطوة كبيرة، ويحتاج المستثمرون إلى ثقة عالية قبل الإقدام عليها، لأن العودة إلى الحياد قد تكون معقدة إذا لم تتراجع الأسواق كما هو متوقع".

بينما تستمر الأسواق المالية في التكيف مع تداعيات التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، يبقى المستثمرون في حالة ترقب، في ظل تقلبات سريعة وضبابية متزايدة. 

ومع استمرار التوترات، يبدو أن الملاذات الآمنة مثل الذهب ستظل الخيار المفضل، بينما تظل الرهانات على العملات والأسهم رهينة التحولات السياسية والاقتصادية المقبلة.

search