الجمعة، 22 نوفمبر 2024

05:26 م

توترات البحر الأحمر تشعل أسعار النفط

إحدى سفن شركة ميرسك العالمية في قناة السويس

إحدى سفن شركة ميرسك العالمية في قناة السويس

ولاء عدلان

A A

تتحرك أسعار النفط حاليا عند أعلى مستوياتها منذ نهاية نوفمبر الماضي، وسط عودة المخاوف المتعلقة باتساع رقعة توترات الشرق الأوسط في أعقاب هجوم بطائرة مسيّرة استهدف قاعدة “التنف” العسكرية على الحدود الأردنية السورية الأحد الماضي وتسبب في مقتل 3 أمريكيين وإصابة أخرين.

واعتبر أستاذ هندسة البترول بجامعة فاروس بالإسكندرية رمضان أبو العلا، أن تؤثر أسعار النفط بالتوترات في الشرق الأوسط “طبيعي”، وذلك على خلفية تزايد المخاوف المتعلقة بشح المعروض وتعطل الإمدادات، نظرًا لأهمية المنطقة استراتيجيًّا سواء على خارطة إنتاج وتصدير النفط الخام أو أهميتها بالنسبة لحركة الملاحة البحرية.

وحذر أبو العلا في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، من خطورة استمرار توترات البحر الأحمر، الأمر الذي سيدفع أسعار النفط للارتفاع أكثر، خصوصًا حال عزوف المزيد من سفن الشحن عن العبور من عبر البحر الأحمر.

وبحسب تقديرات سابقة لبنك “آي إن جي” الهولندي، يعبر من مياه البحر الأحمر نحو 12% من خام النفط العالمي المنقول بحرًا. 

صعود النفط

وارتفعت أسعار النفط في نوفمبر الماضي أعلى مستوى 82 دولارا للبرميل، تزامنًا مع بدء استهداف جماعة الحوثي للسفن العابرة قبالة سواحل اليمن، إلا أنها تمكنت من امتصاص الصدمة تدريجيًّا لتنهي عام 2023 عند مستويات 77 دولارا للبرميل، بعد أن تغلبت مخاوف السوق من تباطؤ الاقتصاد العالمي على المخاطر المتعلقة بشح المعروض في الأسواق نتيجة لتوترات البحر الأحمر.

مطلع الأسبوع الحالي، استهدفت الحوثي ناقلة نفط تابعة لشركة "ترافيجورا" قبالة سواحل اليمن، ليرد الجيش الأمريكي على الهجوم بضربة جوية استهدفت موقعًا حوثيًا في اليمن.

وتعهدت واشنطن أمس، باتخاذ كل ما يلزم للدفاع عن قواتها والرد على هجوم قاعدة التنف، ما غذى مخاوف اتساع رقعة المواجهات في الشرق  الأوسط، ودفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ بداية العام.

تأثير محدود

وقال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق مدحت يوسف، “الهجمات في البحر الأحمر تسببت في ارتفاع جزئي لأسعار النفط، لتتداول حاليا عند 81 دولارًا للبرميل، وسط مخاوف بتأثر شحنات الخام القادمة من الشرق الأوسط”.

وأضاف يوسف لـ"تليجراف مصر"، أنه “على الأرجح تأثير هجمات الحوثي سيكون محصورًا في إطالة فترات التوريد، نتيجة تغيير مسار ناقلات النفط لتجنب المرور عبر قناة السويس”.

وتابع أن “تغيير مسار الناقلات بعيدا عن القناة سيرفع تكاليف النقل البحري، وبالتالي سيصبح هذا العامل أكثر تأثيرًا في الأسعار خلال الفترة المقبلة، لكن من غير المتوقع أن يؤثر التصعيد الحالي في المنطقة على إمدادات الخام العالمية”.

صعود النفط أعلى 88 دولارا في أعقاب بدء حرب غزة في 7 أكتوبر 2023

أوبك هي الفاصل 

وتوقع يوسف أن تحافظ أسعار النفط على معدلاتها السعرية الحالية لفترة بسيطة قبل الهبوط قليلًا للتراوح بين 77 و80 دولارًا للبرميل، وذلك حال لم تتقرر منظمة “أوبك +” تخفيضات إنتاج أكثر تشددًا من تلك التي أعلنتها نهاية العام الماضي، والبالغة نحو 2.2 مليون برميل يوميًا، والمقرر استمرارها حتى نهاية مارس المقبل.

وأوضح أن قرارات “أوبك” فيما يتعلق بحجم الإنتاج هي الأكثر تأثيرًا على حركة السوق، والارتفاعات الحالية مردودها في المقام الأول لتخفيضات المنظمة مع تأثير طفيف للمخاوف المتعلقة بهجمات الحوثي، مشيرًا إلى أن أسعار النفط ارتفعت في أعقاب بداية حرب غزة في السابع من أكتوبر الماضي إلى 88.1 دولار للبرميل قبل أن تهدأ قليلا لاحقا بفعل وفرة المعروض.

وتوقع رئيس أبحاث النفط في بنك “جولدمان ساكس” دان سترويفن، أن يتداول خام برنت خلال العام الحالي بين مستويات 70 و90 دولاراً للبرميل، حال عدم حدوث تصعيد أكثر سواء في الشرق الأوسط أو خارجه.

بينما تتوقع وكالة “فيتش” ارتفاع متوسط أسعار النفط إلى 120 دولار للبرميل، وتشير توقعات جيه بي مورجان أن يحافظ خام برنت على متوسط سعري عند 83 دولارا للبرميل هذا العام.

ارتفاعات متواضعة

وقال الشريك المؤسس في شركة "أجين كابيتال إل إل سي" جون كيلدوف، في تصريح لوكالة “رويترز” أمس، “الوقت الراهن المخاوف بشأن تباطؤ اقتصاد الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، هي أكبر رياح معاكسة لصعود النفط، ولهذا السبب نرى ارتفاعات متواضعة رغم مخاطر التوترات الراهنة في الشرق الأوسط”. 

يشار إلى أن اقتصاد الصين سجل نموًا خلال العام الماضي بـ5.2% وهو الأدنى منذ العام 1990، ما عزز المخاوف بشأن تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لا سيما مع تعثر القطاع العقاري الذي يمثل نمو ثلث حجم اقتصاد البلاد. 

search