الأربعاء، 12 فبراير 2025

03:00 ص

الإخوان و"الشرع".. خطر التلاعب السياسي في ظل الفوضى بسوريا

رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا- أحمد الشرع

رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا- أحمد الشرع

في خضم الأوضاع السياسية المعقدة التي تمر بها سوريا، يبرز تنظيم الإخوان المسلمين كأحد القوى الرئيسية التي تسعى للهيمنة على السلطة وتوجيه مسار الأحداث بما يتماشى مع أجنداتها الخاصة.

ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي، يواصل الإخوان استغلال الفراغ السياسي والفوضى لبناء نفوذهم في مختلف مؤسسات الدولة، حيث يسعون للاختراق والتمدد من خلال تحالفات مع دول داعمة لهم.

في هذا السياق، يحاول الإخوان تحويل سوريا إلى ساحة لتجاذبات إيديولوجية تمتد إلى ما وراء حدودها الوطنية، مما يهدد بتقويض استقرار البلاد بشكل أكبر.

وفي ظل هذا الوضع المتأزم، أثارت صورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي تجمع بين أحمد الشرع، الذي تولى القيادة في سوريا مؤخرًا، والمصري محمود فتحي، الذي كان مطلوبًا من السلطات المصرية، وكذلك ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جدلاً واسعًا.

كانت الصورة قد انتشرت بعد أيام قليلة من تولي الشرع مهام الحكم، مما أثار تساؤلات حول نوايا النظام السوري الجديد وأبعاده السياسية.

محمود فتحي، الذي حصل لاحقًا على الجنسية التركية حسب تقارير عدة، يُعد من الشخصيات المدرجة في قائمة الكيانات الإرهابية التي أصدرتها مصر، بعد إدانته في قضايا تتعلق بأنشطة إرهابية. 

وفي هذا السياق، قال البرلماني والكاتب الصحفي المصري مصطفى بكري إن "النظام الجديد في سوريا أظهر لغة عدائية ضد مصر، باستقباله فتحي أحد قتلة النائب العام المصري السابق هشام بركات"، مضيفًا أن "هذا الاستقبال أثار قلقًا عميقًا في مصر".

وتابع بكري مشيرًا إلى أمر آخر يعزز القلق المصري، وهو "الأعداد الكبيرة من المصريين الذين ينتمون إلى عناصر هيئة تحرير الشام، والذين كان لهم دور كبير في دعم التنظيمات الإرهابية، الأمر الذي دفع مصر إلى وضع العديد منهم على قوائم ترقب الوصول".

لا لإيواء العناصر الإرهابية

وفي وقت سابق شددت الحكومة المصرية، على ضرورة "عدم إيواء عناصر إرهابية" على الأراضي السورية، داعية إلى تكاتف الجهود الدولية للحيلولة دون أن تصبح سوريا "مصدرًا لتهديد الاستقرار في المنطقة أو مركزا للجماعات الإرهابية".

جاءت التصريحات المصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، خلال كلمته في الاجتماع الوزاري العربي الموسع حول سوريا المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض.

واستعرض عبد العاطي خلال كلمته، الموقف المصري الذي يدعو إلى "ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية واحترام سياستها، ودعم مؤسساتها الوطنية".

وطالب الوزير المصري بضرورة "تبني عملية سياسية شاملة بملكية سورية خالصة بكل مكونات المجتمع السوري وأطيافه، ودون إقصاء لأي قوى أو أطراف سياسية واجتماعية لضمان نجاح العملية الانتقالية، وتبني مقاربة جامعة لكافة القوى الوطنية السورية، تتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254".


تنظيم الإخوان يخترق المؤسسات السورية

وفي مداخلة تلفزيونية كشف الباحث السياسي السوري غسان إبراهيم عن خطط وأهداف تنظيم الإخوان المسلمين في سوريا في الوقت الراهن، مشيرًا إلى محاولاتهم المتواصلة لاختراق مؤسسات الدولة السورية خلال مرحلة الفوضى الراهنة.

وأشار غسان إبراهيم إلى أن تنظيم الإخوان المسلمين استطاع استغلال الظروف التي تمر بها سوريا حاليًا من فوضى وانعدام مؤسسات قوية، ليحاول اختراق الحكومة السورية والهيئات المتواجدة فيها.

وأوضح أنه خلال الزيارة الأخيرة لأحمد الشرع إلى السعودية، كان هناك أعضاء من وفده ينتمون إلى تنظيم الإخوان المسلمين، مؤكدًا أن هذا التنظيم يملك قدرة تنظيمية عالية، بالإضافة إلى تحالفات دولية مع دول تموّل هذا التنظيم.

وأكد إبراهيم أن الإخوان لا يؤمنون بفكرة الدولة الوطنية، بل يسعون إلى نشر أيديولوجيتهم التي تتجاوز الحدود الوطنية، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للدولة السورية. 

وأشار إلى أن الدول التي تموّل أحمد الشرع هي نفسها التي تدعم تنظيم الإخوان، مما يعكس حجم التأثير الخارجي في سياسات سوريا الداخلية.

وفيما يخص الحلول التي يجب أن يتبناها أحمد الشرع في التعامل مع هذه الأزمة، طالب غسان إبراهيم بأن يتم اختيار شخصيات غير مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بتنظيم الإخوان المسلمين في المناصب الحكومية السورية. 

كما شدد على ضرورة عدم السماح بتشكيل أحزاب سياسية ذات صلة بالإخوان، سواء داخل سوريا أو خارجها.

إبراهيم حذر من أن سماح الحكومة السورية بوجود أي نفوذ للإخوان المسلمين في مؤسسات الدولة سيؤدي إلى خطر تكرار الأزمات والحروب المستمرة في المستقبل، مؤكدًا أن سوريا بحاجة إلى مسار وطني يحقق الاستقرار بعيدًا عن الأيديولوجيات العابرة للحدود.

ووجه إبراهيم رسالة واضحة للأطراف المعنية بضرورة اتخاذ خطوات حازمة للحفاظ على سيادة الدولة السورية وإبعاد التنظيمات المتطرفة التي تسعى للهيمنة على مستقبل البلاد.

search