الخميس، 13 مارس 2025

06:53 م

فلسطين باقية.. دبلوماسية مصر تتحدى الضغوط وترفض مقترح التهجير

تهجير الفلسطينيين - موضوعية

تهجير الفلسطينيين - موضوعية

محمد لطفي أبوعقيل - هدير يوسف

A .A

وسط ما تشهده الساحة السياسية في الشرق الأوسط من توترات جراء مقترح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، أجرى وزير الخارجية بدر عبدالعاطي زيارة إلى واشنطن، وقاد مباحثات مهمة مع المسؤولين الأمريكيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية ماركو روبيو.

وعقب هذه المباحثات صدر بيان شديد الأهمية عن وزارة الخارجية المصرية، شددت خلاله على ثوابت الموقف العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية، ورفض أي محاولات للمساس بحقوق الفلسطينيين المشروعة.

في الوقت ذاته، تصاعدت ردود الفعل العربية، حيث أصدرت المملكة العربية السعودية بيانًا  أكدت فيه رفض التصريحات الأمريكية والإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين وتوطينهم خارج أراضيهم، فيما تواصل مصر تحركاتها الدبلوماسية الحاسمة لضمان الالتزام بالشرعية الدولية، مشددة على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

يأتي ذلك في وقت تتهم فيه إسرائيل مصر بعرقلة مخططاتها في غزة، وهو ما دفعها إلى تصعيد تحريضها السياسي والإعلامي ضد القاهرة، وفق ما أشار به أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، قائلًا إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى للضغط على مصر بسبب موقفها الواضح والثابت، مؤكدًا أن مصر تتعامل مع هذه التحديات بحكمة ودبلوماسية عالية، رافضة الانجرار وراء الاستفزازات الإسرائيلية.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب

التحريض الإسرائيلي

الرقب، أكد أن الاحتلال الإسرائيلي دأب على محاولة الضغط على القاهرة بسبب موقفها الرافض لخطط التهجير القسري والطوعي للفلسطينيين من قطاع غزة.

وأضاف في تصريحاته لـ"تليجراف مصر"، خلال السنوات الماضية، لعبت مصر دورًا محوريًا في إحباط هذه المخططات، مما جعل إسرائيل تفكر باستمرار في كيفية التعامل مع هذا الموقف الحاسم، سواء من خلال الضغط السياسي أو التحريض الإعلامي والدبلوماسي.

المواقف المصرية تجاه القضية الفلسطينية

وواصل قائلًا: "تعد المواقف المصرية تجاه القضية الفلسطينية من أكثر المواقف وضوحًا وثباتًا، حيث أكدت مصر رفضها القاطع لأي شكل من أشكال التهجير، سواء القسري أو الطوعي، باعتبار أن ذلك يمثل محاولة لشطب القضية الفلسطينية نهائيًا لكن فلسطين باقية".

وأشار إلى أن مصر تدرك أن أي تهجير للفلسطينيين خارج قطاع غزة يعني تصفية القضية، وإضعاف فرص إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو ما يتعارض مع كافة القرارات الدولية والمبادئ التي تؤمن بها القاهرة، موضحًا أنها تتعامل مع التصعيد الإسرائيلي بحكمة ودبلوماسية عالية، رغم الضغوط والتحريض المستمر، حيث لم تصدر ردود أفعال متسرعة أو انفعالية، بل فضّلت التعامل مع الأزمة بهدوء، وهو ما يعكس إدراكها لطبيعة المرحلة وتعقيداتها.

تحركت على أكثر من صعيد

وأشاد بموقف مصر قائلًا: "مصر لم تكتفِ بإعلان رفضها للتهجير فقط، بل تحركت على أكثر من صعيد، سواء من خلال التواصل مع القوى الدولية أو عبر التأكيد على موقفها في المحافل الإقليمية والدولية".

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بشكل كامل بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها مؤخرًا، ولم تقم إسرائيل بتنفيذ التزاماتها المتعلقة بتسليم الأسرى الفلسطينيين في المواعيد المحددة، ولم تسمح بإدخال سوى 15% من المساعدات الإنسانية التي تم الاتفاق عليها، وهو ما يعكس تراجعها عن تعهداتها.

الإخلال ببنود وقف إطلاق النار

وأضاف أن هناك بعض البنود التي نفذها الاحتلال، مثل الانسحاب من بعض المواقع العسكرية، بالرغم من ذلك لم تكن هذه الخطوات كافية، حيث لا يزال الاحتلال يفرض قيودًا صارمة على دخول المساعدات، ويواصل استهداف المناطق السكنية، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العديد من الفلسطينيين.

وأشار إلى أن بيان حركة حماس، أكد أن الاحتلال يماطل في تنفيذ الاتفاق، ويحاول التهرب من التزاماته، خاصة فيما يتعلق بالمرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق، اللتين تنصان على وقف العدوان بشكل كامل على قطاع غزة، مضيفًا أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، إلى جانب الموقف الأميركي الداعم لها، تؤكد وجود نية لدى الاحتلال للتهرب من تنفيذ الاتفاق بالكامل بشكل رسمي.

مصر لن تقبل المساس بثوابت الموقف العربي والإسلامي

من جانبه قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، إن بيان وزارة الخارجية شدد على أن مصر لن تقبل المساس بثوابت الموقف العربي والإسلامي، الداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته الكاملة على حدود 1967، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية.

السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق

وأضاف حجازي في تصريحاته لـ"تليجراف مصر"، أن التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني تحظى بدعم كامل من مصر، مشيرًا إلى أن استقرار الشرق الأوسط يمثل أولوية للشعوب كافة.

رفض مخطط التهجير القسري

وتابع أن مباحثات عبد العاطي، في واشنطن تناولت جميع جوانب العلاقات المصرية الأمريكية، وأعقبها صدور بيان الخارجية الذي أكدت فيه مصر تمسكها برفض مخطط التهجير القسري، والتزامها بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق العودة للاجئين.

كما شدد البيان على أن السياسات الحالية للحكومة الإسرائيلية تهدد أسس السلام، التي استمرت الجهود الدبلوماسية لعقود في الحفاظ عليها.

وأكد على حق العودة والسعي لتحقيق الأمن الإقليمي والدولي، ورفض العدوان، وضمان تمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة، موضحًا أن تصرفات الحكومة الإسرائيلية والتصريحات الأمريكية الأخيرة باتت تُهدد استقرار المنطقة.

وقال “نحن أمام مشهد بالغ الأهمية يستدعي المتابعة، خاصة مع صدور بيانين واضحين عن المملكة العربية السعودية في إطار الجهود العربية المشتركة”.

وأضاف أن بيانات المملكة تعبر عن رفض قاطع للتصريحات الداعية إلى التهجير القسري، التي أدلى بها ترامب، بالإضافة إلى الاستهجان الشديد لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن توطين الفلسطينيين على الأراضي السعودية.

وأشار إلى أن مصر أكدت في موقفها الرسمي، أهمية الالتزام بقواعد الشرعية الدولية، مشددة على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وأن أمن المملكة العربية السعودية هو امتداد لأمن مصر القومي.

search