الخميس، 13 فبراير 2025

07:02 م

من محارق اليهود لمذابح غزة.. الغرب يسدد فواتيره "حسب المزاج"

معاناة أهالي غزة

معاناة أهالي غزة

السعي الدؤوب من اليهود في شتى بقاع الأرض، وعلى رأسهم دولة الاحتلال، لاستعطاف شعوب دول العالم بما يدعونه من “محارق النازية”، والذي جعل الغرب منذ إطلاق تلك المزاعم يٌسدد الفاتورة حتى الآن، في وقت يتجاهل الجحيم الذي يمر به أهالي قطاع غزة.

وبدأت أحداث “محارق اليهود” في التاسع عشر من أبريل 1943، حين رحلّت القوات النازية معظم سكان حي وارسو من اليهود إلى معسكرات الإبادة، مع صرخات أخرى منبعثة من “الجيتو المحترق”، وفق تقرير لصحيفة فورين بوليسي.

تلك المشاهد كانت بمثابة تذكير مرير بوحشية البشر، والتي استمرت في أشكال أخرى عبر التاريخ، ويكررها الإسرائيليون ضد أهالي قطاع غزة بالفترة الحالية.

غزة تحت النار

إن تدمير إسرائيل لقطاع غزة، بتمويل من القوى الغربية، يعيد إلى الأذهان معاناة غيتو وارسو، حيث كان ملايين البشر شهودًا غير طوعيين على كارثة إنسانية، بينما كان القادة الإسرائيليون يبررون عملياتهم على أنها دفاع عن النفس ضد حماس. 

غير أن المؤرخ البارز للهولوكوست، عمر بارتوف، أوضح في أغسطس 2024، أن الهدف الحقيقي كان "جعل غزة غير صالحة للحياة، ما يدفع سكانها إلى الموت أو الهروب بأي وسيلة ممكنة".

التواطؤ العالمي وصمت الغرب

على الرغم من أن المجازر التي ارتكبت في غزة كانت تُبث مباشرة على وسائل الإعلام، إلا أن العالم، وخاصة الغرب، لم يحرك ساكنًا. 

وكان الخوف من أن "لا أحد في العالم يلاحظ أي شيء" مما يحدث في غزة، لكن الفرق كان في أن الضحايا اليوم كانوا يوثقون مصيرهم بأنفسهم، ناشرون آخر كلماتهم قبل قتلهم بوحشية.

كانت الصحافة الغربية شريكًا في التعتيم على الفظائع، حيث استخدمت مصطلحات مخففة لتجنب إدانة إسرائيل بشكل مباشر. 

على سبيل المثال، وجهت صحيفة نيويورك تايمز تعليمات لموظفيها بعدم استخدام مصطلحات مثل "مخيمات اللاجئين" و"الأراضي المحتلة" و"التطهير العرقي". 

أما القادة السياسيون، فقد تصرفوا بمزيج من اللامبالاة والدعم المباشر للقصف الإسرائيلي، كما فعل الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، حين ردد مزاعم إسرائيلية غير مثبتة عن جرائم ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر.

إرث الدمار في غزة

في أواخر 2024، كان العديد من الأشخاص في مختلف أنحاء العالم يشعرون كما لو أنهم جُرُّوا إلى مشهد من الفشل والألم الجماعي. 

فالدمار الهائل، الذي فاق في حجمه آثار قصف الحلفاء لألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ترك بصمات لا تمحى، من أطفال يتامى، مدن مدمرة، ومجتمع محطم، ورغم انتهاء الحرب، فإن الجرح سيبقى مفتوحًا لعقود.

أسئلة أخلاقية بلا إجابات

مع استمرار تلك المآسي، تتصاعد التساؤلات حول ازدواجية المعايير الغربية. لماذا دافعت الحكومات الغربية عن أوكرانيا بينما تجاهلت الإبادة الجماعية في غزة؟ لماذا تم تجريم كل من انتقد إسرائيل؟ لماذا اختار زعماء الغرب دعم نظام متطرف بدلًا من البحث عن حلول إنسانية؟ تلك الأسئلة لن تختفي بسهولة، بل ستظل تطارد الضمير العالمي لعقود.

دروس من التاريخ

بعد عقود من المحرقة النازية، ظلت الشعوب تؤمن بأن العالم تعلم درسه، وأن مثل تلك الجرائم لن تتكرر أبدًا، لكن الواقع أثبت العكس.

إن تدمير غزة ولامبالاة المجتمع الدولي يذكران الجميع بأن التاريخ يعيد نفسه، حين يختار العالم أن يغض الطرف عن مثل تلك الجرائم، فربما تُنسى تلك الأحداث بمرور الزمن، لكن أثرها سيظل حاضرًا في ضمير البشرية إلى الأبد.

search