
قائد «مقدس» جديد
لم يعد بمقدور السوريين، الذين انتصروا للحرية وتخلصوا من عبادة القائد الأوحد بعد 54 عاماً من الظلم، استيعاب «التشبيح الأعمش» و«المواعظ السياسية العرجاء»، فكليبات وأغاني التمجيد الهابطة المنتشرة على بعض وسائل التواصل للقائد الانتقالي، لا تليق بوعي السوريين، لأنهم لا يريدون بناء دولة وهمية، على شاكلة سوريا الأسد، ولن يحتملوا إنتاج «إله» جديد لدولة «مكسورة الجناح».
أغاني وكليبات المديح الغوغائية، ظاهرة غير صحية سياسياً ووطنياً؛ سيما وأن معظمها، إن لم تكن جميعها، مشبع بالكذب، والانتفاع الشخصي، وتنذر بتكرار أمراض أسدية لا تحمد عقباها؛ فضلاً عن أنها استخفاف واضح وفجّ بعقول وطموحات السوريين.
الخلاص من الطاغية الأسدية يجب ألا يكون مسوغاً لهذا التطبيل والتزمير والتشبيح للقيادة الجديدة، فهذا «سلوك عبودي» يكرر النسخة المسخ لعهد الطاغيتين البائدين، ويستحضر إلى ذاكرتنا، زمن أحمد اسكندر الذي شغل وزير إعلام نظام الأسد الأول من عام 1974 حتى عام 1983، واستثمر أبواق تشبيح فنية وإعلامية وثقافية مجانية تمجد «قائد التحرير» و«بطل التشرينين»، لتكريس ما كان يدور في خلد الأسد الطاغية في أن يكون حاكماً إلى الأبد.
ونجح اسكندر عبر تجنيد ماكيناته الإعلامية من صحافة ورقية وإذاعة وتلفزيون ودراما وغناء ونحت وفن تشكيلي و..و..و.. في صناعة صورة مرعبة للإله القادم من الفضاء، وفي أدلجة إعلام رسخ صورة الأسد حاكماً أوحد في أذهان السوريين، حتى انتصبت تماثيل الديكتاتور البرونزية باتساع جغرافيا الوطن وامتدت إلى دول مجاورة أيضاً، وبات فكر «الطاغية الخالد» يلازم سلوكيات وتحركات وأنفاس السوريين حتى في نومهم، وأصبحت صوره المتجهمة «خبثاً» و«حقداً» تطارد عقولهم وأرواحهم وطمأنينتهم على مدار اليوم وفي كل مكان حتى على جدران الحمامات ومزارع البقر، ومصانع «العلف الحزبي».
ما نراه اليوم على بعض القنوات ومواقع التواصل من تشبيح إعلامي وفني مجاني حتى في الأغاني الشعبية التي تحول بعضها إلى كليبات مشوهة لتمجيد «القائد الانتقالي»، هي مؤشر خطير على تكرار مرحلة لا يريدها السوريون، الذين دفعوا أغلى الأثمان للتخلص منها إلى غير رجعة.
ما يجب التركيز عليه في سوريا اليوم، هو بناء دولة المواطنة، والإضاءة بجرأة على الأخطاء التي يفترض بالقيادة الجديدة عدم الوقوع فيها وأبرزها «حتى الآن» توزيع مناصب قيادية على شكل «هبات» لدخلاء أجانب، مثل العميد أبو الحسن الأردني الذي عين قائداً للحرس الجمهوري، والعميد مختار التركي الذي عين قائداً لـ«حامية» أو فرقة دمشق.
ليس هذا الوطن الذي يريده السوريون، فالوطن ليس «سبيّة» لتوزيعها «غنائم» على منتصري الغزوات، وما يجري ويرافقه من تطبيل إعلامي، مثير للارتياب، لأنه يمس سلامة سوريا دستورياً وسياسياً وعسكرياً وتنموياً وديمغرافياً، وبعبارة أوضح، هو صفعة للسيادة الوطنية، ويجب رفضها، لا التهليل لها، حتى لا يبقى أي احتمال لتكرار «موبقات» الأسد الذي وزع الوطن حصصاً لإيرانيين وزينبيين وفاطميين، ونصب نفسه «ديكتاتورا بعثياً» على السوريين.
أوقفوا «كليبات المديح الهابطة»، فالسوريون لا يريدون إعادة زمن أحمد اسكندر، وإنتاج قائد «مقدس» جديد.

الأكثر قراءة
-
متى رمضان 2025 في المغرب؟.. العد التنازلي للشهر الكريم
-
مسلسل العتاولة 2.. القنوات الناقلة وموعد عرض الحلقة الأولى في رمضان 2025
-
مسلسل معاوية بن أبي سفيان.. موعد عرض الحلقة الأولى والقنوات الناقلة
-
موعد عرض الحلقة الأولى والقنوات الناقلة لمسلسل إش إش في رمضان 2025
-
موعد عرض الحلقلة الأولى والقنوات الناقلة لـ مسلسل سيد الناس .. رمضان 2025
أكثر الكلمات انتشاراً