الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:02 م

عملاق التطوير العقاري إيفرجراند.. ختامُها إفلاس ومهانة

مبنى شركة إيفراجراند وبجواره علم الصين

مبنى شركة إيفراجراند وبجواره علم الصين

ولاء عدلان

A A

وصلت أزمة إيفرجراند، شركة التطوير العقاري التي تعاني من أكبر مديونية في العالم، إلى حائط سد، بعد إصدار محكمة في هونج كونج أمرا قضائيا بتصفية الشركة المثقلة بالديون. 
قرار التصفية الصادر الاثنين الماضي، قد يكون آخر فصول قصة عملاق العقارات الصينية “إيفرجراند”، بعد أكثر من 3 سنوات من محاولاتها الفاشلة لإعادة هيكلة ديون بقرابة 300 مليار دولار، وبمجرد صدور القرار توقف التداول على أسهم الشركة وكامل أسهم المجموعة الأم، ومن المقرر أن يتم تعيين جهة مستقلة لتصفية الشركة وتقدير حجم أصولها تمهيدا لبيعها للوفاء بكامل الديون المستحقة للمستثمرين. 
 

ووفقا للقوانين المعمول بها في هونج كونج، أمام إيفرجراند فرصة ضئيلة جدا للاستئناف على الحكم أو الوصول مع الجهة التي سيتم تعيينها لإدارة عملية التصفية إلى خطة جديدة لإعادة هيكلة ديونها حال جرى تقييم أصولها بأكثر من قيمة الديون أو ظهور مستثمر خارجي قادر على شرائها وتسديد مديونيتها. 


بداية الأزمة

 

وبينما كان مشهد الطوابير أمام مقر إيفرجراند الشهير في قوانتشو جنوب الصين، معتادا قبل سنوات من الآن، وسط تهافت الصينيين على الحجز في مشروعاتها الضخمة بثقة عالية في القيمة المضافة التي سيحصلون عليها بعد استلام وحداتهم العقارية، الآن بعد قرار التصفية ستعود هذه الطوابير مجددا للظهور، لكن هذه المرة للمطالبة سواء باستلام وحداتهم أو استرداد قيمة تعاقداتهم وفي المقابل سينخرط المستثمرون الأكثر حيازة لسندات الشركة وديونها، في محادثات للمحاولة للخروج بأقل خسائر ممكنة.
 

في العام 1996 أسس رجل الأعمال الصيني “هوي كا يان”، شركة إيفرجراند ووقتها كانت تحت اسم مجموعة هينجدا، واستفادت في بدايتها كثيرا من تحفيز الدولة الصينية للقطاع العقاري باعتباره أحد ركائز التنمية ويستحوذ على نحو 30% من حجم الناتج المحلي للبلاد، وفي غضون سنوات قليلة أصبحت ثاني أكبر مطور عقاري في البلاد، وفي 2017 وصلت ثروة مؤسسها إلى 42 مليار دولار ليصبح ثاني أغنى شخص في آسيا، لتتراجع في بداية العام الماضي إلى 3 مليارات دولار تحت وطأة الأزمة. 
حاليا يخضع هوي كا يان للتحقيق من السلطات الصينية ضمن حملة ممتدة أطلقها الرئيس شي جين بينج في أغسطس 2020 لمكافحة الممارسات الاحتكارية، وتضمنت الحملة فرض قيود واسعة على قطاعات عدة كان أبرزها قطاع العقار الذي واجه تشديدا قويا للحصول على قروض جديدة، الأمر الذي أضر بالمطوريين العقاريين وفي مقدمتهم إيفرجراند التي كانت وقتها مفرطة في بيع مشروعاتها بشكل مسبق للعملاء، لتتخلف للمرة الأولى عن سداد ديونها لحملة السندات في نهاية ديسمبر 2021. 

هوي كا يان مؤسس شركة إيفرجراند


شبح ليمان براذرز


بحسب تقديرات لجمعية آسيا، المعنية بالعلاقات بين الولايات المتحدة والبلدان الآسيوية، عملية تصفية إيفرجراند تتطلب فترة زمنية طويلة ليس فقط لارتفاع مستوى المديونية إنما أيضا نظرا لحجم أعمال وعملاء الشركة، فبحسب المعلن لدى إيفرجراند أكثر من 1300 مشروع في 280 مدينة في الصين. 
وتوقعت الجمعية أن تحدث عملية التصفية هزة قوية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم لعدة عوامل أهمها محورية القطاع العقاري مع حقيقة أن 40% من عائدات الدولة تأتي من مبيعات الأراضي لصالح هذا القطاع الذي يستحوذ في الوقت نفسه على قرابة 78% من ثروات الأسر الصينية ونسبة لا تقل عن 30% من حجم قروض البنوك، الأمر الذي دفع البعض للمقارنة بين أزمة إيفرجراند وانهيار بنك ليمان براذرز في العام 2008 والذي سطر بداية الأزمة المالية العالمية. 
قال مدير شؤون الصين في مركز مانسفيلد بجامعة مونتانا، ديكستر روبرت في تصريحات لإذاعة "أن بي آر" الأمريكية أمس الثلاثاء، إن إيفرجراند هي واحدة من ضحايا حملة بكين الشرسة على قطاع العقارات، ومن المتوقع أن تحدث تصفيتها تأثيرا داخليا سواء على القطاع نفسه باعتباره الأكثر مديونية في الدولة أو على الأسر التي تستثمر في هذا القطاع. 
وأضاف أن اتساع نطاق الأزمة غير وارد ومقارنتها بانهيار ليمان براذرز مبالغ فيه، فالبنك الأمريكي الشهير كانت مستويات مديونيته قرابة 613 مليار دولار وهو رقم ضخم بمعايير 2008 ، ولا يقارن بديون إيفرجراند البالغة 300 مليار دولار فقط، مشيرا إلى أن بعض البنوك الصينية التي لديها انكشاف كبير على هذه الديون أو على ديون القطاع العقاري عموما هي فقط التي قد تتعرض لصدمة، يشار إلى أن البنوك الصينية تمتلك نحو 6 مليارات دولار من حجم سوق الرهن العقاري.

search