الجمعة، 21 فبراير 2025

08:19 م

مختار معتمد
A A

مختار معتمد يكتب: المسكوت عنه في واقعة خط الصعيد بالعفادرة

بحوزتي معلومات عن محسوب العفادرة، المُلقب بـ"خُط الصعيد الجديد"، تصلح لمادة فيلمية لو اطلع عليها شريف عرفة المخرج والسيناريست المعروف، لنفذها على غرار فيلم “الجزيرة” الذي أخرجه، ولكن لـ"محسوب" تفاصيل مختلفة، سأقول بعض ما عرفته، فليس كل ما يُعرف يُقال.

ولا أخفيكم سرًا أنني كنت قد عزمت على الصمت، وسبب صمتي وإعراضي عن التعليق على الأحداث هو انعدام الشغف، أو بالأحرى حتى لا أخوض مع الخائضين الذين يفتون دون علم وإلمام بالتفاصيل، فمن المُلاحظ أن مُستخدمي السوشيال أصبحوا يُفتون ويُحللون أي أحداث أو حوادث، فجميعهم خبراء ورجال دين وسياسيين وصحفيين.

لذا ألتزم الصمت واستمتع بمتعة المُشاهدة، وأحيانًا أتألم، وتحمُل الألم عندي أخف وطأة من الدخول في نقاشات وجدال وشد جذب مع أناس أُحاديّ الجانب، بس عاوز أقول نصيحة لأي طالب إعلام أو صحفي تحت التمرين، حذارٍ أن  تستقي معلوماتك من مواقع التواصل.

اتعب في المعلومة وانزل لقلب الحدث، لأن واقعة محسوب العفادرة، المُلقب بـ"خُط الصعيد الجديد"، مليئة بالتفاصيل، وللأسف أغلب الزملاء في جميع الصحف والمواقع لم يُشبعوا الرأي العام بالمعلومات المُهمة، وما زالت الأسئلة تدوُر في أذهان المتابعين عن هذا المحسوب.

كان لازم الزملاء ينزلوا قرية العفادرة ويقعدوا مع الأهالي، ويسألوهم عن نشأته وتعليمه وظروفه الاجتماعية، وكيف تمت صناعته، ليصبح على تلك الهيئة، فكما تعلمنا من أساتذتنا الرواد في مهنة صاحبة الجلالة، أن الأشرار لا يصنعون أنفسهم. نعم هناك العديد من الأسئلة ما زالت تطل بعنقها باحثة عن إجابة ولا مُجيب.

أنا هنا سأُجيب عن بعض الأسئلة، وهناك أسئلة أعرف إجابتها، ولكن سأذكرها في حينها إذا لزم الأمر، السؤال الأصعب هو: “هل محسوب كان محسوبًا على رجال المباحث في ساحل سليم وصنعوا منه “خُط جديد”، مثلما تمت  صناعة عزت حنفي إمبراطور النخيلة بأبو تيج؟”.

الإجابة هي أن محسوب “مش محسوب” على حد من رجال الأمن ورجال المباحث، لم يتركوه يعيث في الأرض فسادًا - كما زعم البعض -.

هناك مئات الآلاف من الأحكام التي صدرت على مُتهمين، ولم تُنفذ في عدد كبير من المُجرمين الهاربين، وإحنا عندنا في الصعيد الوشاية عيب وحرام، واللي بيروح مركز الشرطة وبيتعاون مع المباحث بيقولوا عليه مُرشد، لذلك ممكن تلاقي حد مُتهم في عشرات القضايا، ويظل هربانًا، والأهالي يتسترون عليه، فضلًا عن أن بعض الأفراد وأُمناء البحث غير أُمناء على رؤسائهم بوحدات البحث في عدد من أقسام الشرطة، فضلًا عن حرص رجال الأمن على أرواح الأبرياء الذين يتخذهم المُجرم دروعًا بشرية.

ولمن لا يعرف محسوب، فهو شراني بطبعه، يعني مكنش قديس وفي حاله، والشرطة اضطهدته فأصبح شبيهًا لفريد شوقي في فيلم “جعلوني مُجرمًا”، مفيش الكلام ده، محسوب بدأ أولى جرائمه باغتصاب فدان من جيرانه بقرية العفادرة، ثم تورط في جرائم قتل، واتجه إلى الإتجار في الممنوع والسرقة بالإكراه والأفعال غير الأخلاقية مع سيدات، مُتحصنًا بالجبل القريب من قريته، ومُحتميًا بعصابة كوّنها من أقاربه وعدد من الخارجين عن القانون. 

الفترة اللي ظل فيها محسوب هربانًا، كان الأمن يُطارده، وتمت مُداهمة الوكر المُتحصن به في الجبل، وبادل الشرطة إطلاق النار، وفر هاربًا بسبب تسريب معلومات عن مأمورية الضبط.

وبصراحة مدير أمن أسيوط ومدير المباحث ومفتش الأمن العام ومفتش مباحث شرق أسيوط لم يتوانوا لحظة في مراقبة تحركات هذا المحسوب، ولكن تحركاتهم كانت بحساب، لأن تحرياتهم أثبتت أن المُتهم لديه ترسانة سلاح مُتنوع، حتى القنابل كانت بحوزته، وللعلم راجعوا فيديوهاته هتلاقوا بقايا المخدرات على الطاولة التي أمامه، وشوفوا طريقة كلامه.

للعلم  رجال المباحث الفترة الأخيرة كانوا مراقبين تحركاته وتحركات كل من يتواصل معه، وتوصلوا إلى أنه على علاقة غير شرعية ببنت، وعلى الفور المباحث استدعتها وجندّتها لاستدراجه والقبض عليه، وللأسف أحد المخبرين سرّب المعلومة لمحسوب.

حب محسوب يعمل البنت دي عبرة لكل أهالي قريته، راح دبحها وفصل رأسها عن جسدها، وجاب سواق تروسيكل، وقاله تاخد الرأس بتاعة البت وترميها قدام مركز شرطة الساحل، وهدده بالقتل لو منفذش.

بعدها المديرية قامت ولم تقعد، واعتبرت أن هيبة الشرطة على المحك، ووضع رئيس مباحث المديرية خطة للقبض على خط الصعيد الجديد، وتوجه رجال المباحث في سرية وبملابس صعيدية، واعتلوا المنازل المجاورة، وانتظروا خروجه هو وأعوانه من منزله المُحصن بالدشم، والمبني بطريقة هندسية كـ"بيت جحا" متعرفلوش مدخل من مخرج، فالمنزل به سرداب ونفق ومخابئ تحت الأرض، وبمجرد ما شعر محسوب ورفاقه بتدبير كمين لهم، بادر بإطلاق النار عشوائيًا على رجال الأمن والجيران، فأصاب جاره بطلقات عدة، يرقد على إثرها بين الحياة والموت في المستشفى.

بعدها، بدأت وتيرة الأحداث تتصاعد، وانتشرت فيديوهات البث المباشر لمحسوب، يتوعد القوات التي تحاصر منزله، وخاض في سمعة ضباط حاليين وسابقين، منهم اللواء المحترم عمرو نصير، الذي عرفناه عن قرب رئيسًا لمباحث أبنوب، قبل أحداث 25 يناير، والعقيد محمد سيف أيضًا، عندما عمل معاونًا للمباحث في أبنوب عام 2005، لم نر منه إلا كل خير، كان يؤدي عمله بنزاهة دون تجاوز، وتوالت فيديوهات محسوب غير المحسوبة، بعد أن لحس الشابو عقله، مُهددًا باستخدام القنابل.

بعدها وضعت مديرية أمن أسيوط خطة جديدة، ساعدها في التنفيذ رجال الأمن العام ومباحث الوزارة وفرقة “بلاك كوبرا” من الأمن المركزي، المُختصة بالتدخل السريع في العمليات الخاصة، وبعد ساعات من الكر والفر وتبادل إطلاق النار والتراشق بالقنابل اليدوية المُسيّلة للدموع نجحت القوات في الوصول لمخبأ محسوب، ووجدوه متحصنًا في سرداب تحت الأرض وبحوزته سلاح آلي، وأثناء الهجوم ألقى بقنبلة فأصابت ضابطًا، ما أدى إلى بتر قدمه، لتُعاجله القوات وأعوانه بطلقات أنهت مسيرته الإجرامية.

وعاوز أقول كلمتين للناس اللي مُتعاطفة مع محسوب، أنا عارف إنتوا مُتعاطفين معاه ليه، مش عشان هو مظلوم، عشان إنتوا كارهين سلوكيات بعض رجال المباحث، بس في النهاية المباحث مبتروحش لواحد مُسالم ماشي مستقيم، المباحث بتروح للناس اللي بتتاجر في الممنوع مُتهمة في جرائم، أو عائلات عندها خصومات ثأرية.

ملحوظة، أخيرًا بلاش نردد إن محسوب دارس في الأزهر، طيب ما الظواهري خريج طب من جامعة غير أزهرية، محدش ليه دعوة بالأزهر، مش لو أنا إنسان وحش ودرست في الأزهر، يبقى الأزهر سبب وحاشتي، وتصويب آخر عزت حنفي مكنش أزهري، عزت حاصل على معهد فني تجاري سنتين بعد الثانوية العامة.

search