انطلق من القاهرة.. رحلة مدفع رمضان في الدول العربية

مدفع رمضان
ظل مدفع رمضان رمزًا متجذرًا في الذاكرة الثقافية للشعوب الإسلامية، حيث يجمع بين العراقة والروحانية، معلنًا لحظات الإفطار والسحور خلال الشهر الفضيل.
وعلى الرغم من تطور وسائل الإعلام والتكنولوجيا، إلا أنه لا يزال هذا التقليد حاضرًا بقوة في العديد من الدول العربية والإسلامية، ليبقى شاهدًا على موروث شعبي يتناقل عبر الأجيال.
بداية انطلاق المدفع من القاهرة إلى العالم الإسلامي
يتفق المؤرخون على أن تقليد مدفع رمضان انطلق لأول مرة في العاصمة المصرية القاهرة، ليصبح فيما بعد جزءًا من الطقوس الرمضانية في دول عربية وإسلامية أخرى.
انتقل هذا التقليد إلى بلاد الشام، حيث كان يُطلق في القدس ودمشق ومدن أخرى، ومن ثم وصل إلى بغداد في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، لينتشر لاحقًا إلى دول الخليج العربي، حسبما ذكرت ناشيونال جيوجرافيك.

مدفع رمضان في القدس.. تقليد يصمد رغم التحديات
منذ أكثر من 130 عامًا، تحتفظ مدينة القدس بتقليد إطلاق مدفع رمضان، حيث تتولى عائلة صندوقة هذه المهمة منذ العهد العثماني.
ورغم القيود الإسرائيلية التي منعت استخدام البارود، استُبدل الأمر بالقنابل الصوتية، ما سمح بالحفاظ على هذا الإرث، ليستمر جزءًا من الذاكرة الثقافية والدينية للمدينة.
سوريا.. عودة المدفع رغم تداعيات الحرب
رغم أن الحرب السورية التي اندلعت عام 2011 أدت إلى توقف إطلاق المدفع في العديد من المدن، إالا أن بعض المناطق شهدت عودة هذا التقليد مؤخرًا.
في اللاذقية، يُطلق المدفع من حي القلعة بالقرب من جامع المغربي، فيما ينطلق في حماة من قلعة المدينة مع أذان المغرب، بعد إعادة تأهيل المناطق المحيطة بها.
السعودية.. تقليد ممتد منذ أكثر من قرن
يُعد مدفع رمضان جزءًا من الموروث الرمضاني في السعودية منذ أكثر من قرن، وانطلق أول مدفع في مكة المكرمة، قبل أن ينتقل إلى مدن أخرى مثل الرياض، حيث أُدخل هذا التقليد عام 1866م خلال عهد الإمام فيصل بن تركي.
وفي عام 1921، أوكل الملك عبد العزيز مهمة إطلاق المدفع إلى شعيب بن عبد الرحمن الدوسري بالرياض، وعلى الرغم من توقف المدفع في مكة عام 2012، أمر الملك سلمان بن عبدالعزيز بإعادته إلى المدينة المنورة عام 2013.

الكويت.. انطلاق المدفع منذ 1907 في عهد الشيخ مبارك الصباح
دخل مدفع رمضان إلى الكويت عام 1907 خلال عهد الشيخ مبارك الصباح، حيث كان يُستخدم للإعلان عن وقتي الإفطار والإمساك.
ويُذكر أن علي بن عقاب بن علي الخزرجي كان أول من أطلق المدفع في الكويت بعد أن تعلم كيفية استخدامه من العثمانيين.
حتى اليوم، تستمر هذه العادة في قصر نايف بالعاصمة، حيث يُبث إطلاق المدفع مباشرة على القنوات التلفزيونية.
الإمارات.. "الراوية" وتقاليد رمضانية متجذرة
عرفت دولة الإمارات تقليد مدفع الإفطار في ثلاثينيات القرن الماضي، وكان يُطلق عليه اسم "الراوية" لارتباطه بشرب الماء، وكانت الشارقة أولى الإمارات التي اعتمدت هذا التقليد، حيث أصبح اليوم يُحتفى به كحدث شعبي يُنقل عبر القنوات المحلية.
وفي دبي، لا تزال المدافع تُطلق في مواقع متعددة رغم الحداثة العمرانية، فيما تحافظ أبو ظبي على إحياء هذا التقليد سنويًا.

البحرين.. مدفع الإفطار منذ ثلاثينيات القرن العشرين
في البحرين، يعود استخدام مدفع الإفطار إلى ما قبل اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن الماضي، ويُستخدم للإعلان عن الإفطار، وبداية شهر رمضان، بالإضافة إلى الاحتفال بعيدَي الفطر والأضحى عبر إطلاق 12 قذيفة احتفالية.
ويتوزع المدفع في مختلف محافظات البحرين، ويُشرف على توقيته شيوخ الدين لضمان مطابقته لغروب الشمس.
قطر.. ستة عقود من تقليد مدفع الإفطار
بدأ تقليد مدفع الإفطار في قطر منذ أكثر من 60 عامًا، حيث لاقى رواجًا واسعًا بين المواطنين.
كان القطريون يتجمعون حول موائد الإفطار مرددين عبارة "ثارت الواردة أو ما ثارت"، في إشارة إلى قذيفة المدفع حسب اللهجة المحلية.
اليوم، لا يزال صوت المدفع يُسمع في الدوحة، لا سيما في سوق واقف وحي كتارا الثقافي، حيث يتجمع المئات لمشاهدة هذه الطقوس، خاصة من الأطفال.
من هو أول سلطان أطلق مدفع رمضان؟
وتتعدد الروايات حول أول من أطلق مدفع رمضان، حيث تُشير بعض المصادر إلى أن السلطان المملوكي خشقدم هو صاحب الفضل في بدء هذا التقليد، بينما تنسب روايات أخرى هذه البداية إلى محمد علي الكبير أو الخديوي إسماعيل.
مدفع رمضان.. رمز ثقافي يربط الماضي بالحاضر
رغم التقدم التكنولوجي وتطور وسائل الإعلام، لا يزال تقليد مدفع رمضان حيًا في وجدان الشعوب الإسلامية، فهو ليس مجرد وسيلة للإعلان عن موعد الإفطار، بل رمزٌ للأصالة والتاريخ، يُعيد للأذهان ذكريات رمضانية عميقة، ويجمع بين الحاضر والماضي في مشهد يعكس وحدة الشعوب الإسلامية عبر الأزمان.

أخبار ذات صلة
الانتخابات الألمانية 2025.. هل يترك شولتز منصب "المستشار"؟
24 فبراير 2025 03:13 ص
ترامب يشيد بفوز المعارضة في ألمانيا ويصفه بـ"اليوم العظيم"
24 فبراير 2025 03:03 ص
بعد 22 شهرًا.. مدينة الأبيض تتحرر من حصار الدعم السريع بالسودان
23 فبراير 2025 11:26 م
رسائل أمريكية جديدة لـ زيلينسكي.. لماذا لوّح رئيس أوكرانيا بالرحيل؟
23 فبراير 2025 11:21 م
أكثر الكلمات انتشاراً