الثلاثاء، 25 فبراير 2025

03:02 ص

مليونا جنيه من 101 مواطن.. كيف استغل وكلاء منصة "FBC" المواطنين؟

منصة "FBC"

منصة "FBC"

برزت منصة "FBC" ككيان يقدم فرص مالية مربحة للمواطنين، مستغلًا حاجتهم لتحقيق عوائد سريعة، قبل أن يتحول إلى فخ احتيالي ابتلع أموال المستثمرين، قبل أن تتلاشى أحلامهم فجأة تاركة خلفها ضحايا بالآلاف.

المنصة اجتذبت الضحايا بوعد تحقيق أرباح ضخمة من خلال استثمارات رقمية مبهمة، قبل أن تتبخر تلك الأحلام، مع تقدم 101 مواطن خلال الفترة من 22 فبراير الجاري حتى الآن بتضررهم من القائمين على المنصة، لاحتيالهم عليهم والاستيلاء على أموالهم، بقيمة تقارب "2 مليون جنيه" بزعم استثمارها فى مجال البرمجيات والتسويق الإلكتروني.

سقوط عصابة FBC

وبعد تحقيقات مكثفة، أعلنت وزارة الداخلية تفكيك الشبكة المسؤولة عن إدارة المنصة، مؤكدة أنها كانت تعمل بطريقة غير قانونية وتستهدف النصب على المواطنين.

وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا، كشفت عن تفاصيل عملية الإيقاع بالقائمين على منصة FBC، حيث تم التوصل إلى أن تأسيس عدد من الأشخاص، بينهم ثلاثة يحملون جنسيات أجنبية، شركة بالقاهرة للترويج لمنصة استثمار وهمية تُعرف باسم "FBC".

ووفقًا للبيان، عمل المتهمون على إقناع المواطنين بالاستثمار عبر منصتهم الوهمية، مدعين تحقيق أرباح ضخمة في وقت قياسي، ولتنفيذ مخططهم، اتفقوا مع 11 شخصًا آخرين لمساعدتهم في الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق واتساب مقابل عمولات مالية. 

وأشار إلى أنهم وفروا خطوط هواتف محمولة ببيانات مزيفة لاستخدامها في تفعيل المحافظ الإلكترونية التي استُخدمت لتحويل الأموال المستولى عليها. وبعد تحقيق أرباح ضخمة، أغلق أفراد العصابة المنصة ومقر الشركة، تاركين الضحايا دون أي وسيلة لاسترجاع أموالهم.

كيف تم الإيقاع بالشبكة؟

أوضحت الداخلية، أنه تم تتبع حركة الأموال المرتبطة بالمنصة، ما كشف عن تحويلات مالية مشبوهة، وبناءً على هذه المعلومات، تم استصدار أذون من النيابة العامة لشن حملات أمنية متزامنة، أسفرت عن ضبط المتهمين الرئيسيين، إلى جانب مصادرة مبالغ مالية ضخمة وأجهزة إلكترونية استخدمت في إدارة المنصة.

بعد إجراء التحريات وجمع المعلومات، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 13 من المتهمين بحوزتهم، عدد من الهواتف المحمولة، و1135 شريحة هاتف محمول، وجهاز “لاب توب”، مبالغ مالية بعملات مختلفة تُقدر بـ 1.27 مليون جنيه

وخلال استجوابهم، اعترف المتهمون بتورطهم في الجريمة على النحو المشار إليه، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

صدمة المستثمرين ووقع الكارثة

عقب اختفاء منصة FBC، وجد الآلاف من المصريين أنفسهم ضحايا لعملية نصب ضخمة.د، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بشهادات لأشخاص فقدوا مدخراتهم بالكامل، بعضهم استثمر آلاف الجنيهات، بينما آخرون خسروا مبالغ بمئات الآلاف، بل إن هناك من اقترضوا أموالًا للمشاركة، طمعًا في الوعود الكاذبة بتحقيق أرباح سريعة.

العشاء الأخير

قبل أيام قليلة من إغلاق التطبيق واختفاء الأموال، نظم المسؤول عن المنصة، حفل عشاء في قاعة "دار الياسمين" بكورنيش إمبابة، حضره عدد من المستثمرين الذين جلبوا مشتركين جدد، حيث ألقى خطابًا مطمئنًا للحاضرين، مطالبًا إياهم بتوسيع دائرة المشتركين ودعوة المزيد من الأصدقاء والأقارب، مؤكدًا أن ذلك سيضاعف أرباحهم. 

ولم يكتفِ بذلك، بل زعم أن المنصة تعمل بشكل قانوني، ولها مقر ضخم خارج مصر، وأنها تتعاون مع الحكومة المصرية للقضاء على البطالة، وهي ادعاءات سرعان ما تبين أنها مجرد أكاذيب مفضوحة.

استدراج الضحايا

محمد عمر، أحد الذين حضروا هذا الحفل، كشف لـ "تليجراف مصر" أن الشركة لم تدعُ إلا الذين تمكنوا من جذب عدد كبير من العملاء، في محاولة منها لتعزيز الثقة وجذب المزيد من الأموال قبل تنفيذ مخطط الاختفاء.

قال عمر: “كانوا يقنعوننا أن FBC شركة عالمية تأسست عام 2000، وأنها تعمل في عدة دول ولديها شراكات مع جهات رسمية.. كل ذلك كان كذبًا، مجرد وعود زائفة لتطمين المستثمرين وإبقائهم داخل اللعبة أطول فترة ممكنة”.

لكن المفاجأة جاءت بعد أيام قليلة، عندما أُغلقت المنصة تمامًا، ولم يتمكن أي من المستخدمين من الوصول إلى أموالهم، وفي البداية، زعم القائمون عليها أنها تعرضت لهجوم سيبراني، وأنه سيتم استعادة كل شيء خلال ساعات، لكن هذه الساعات تحولت إلى أيام، ثم إلى صمت مطبق.

لحظة الانهيار

مع اختفاء المنصة، حاول الضحايا التواصل مع المسؤولين عنها، لكن جميع هواتفهم أُغلقت، وهنا بدأت حالة من الهلع والصدمة بين المستثمرين الذين أدركوا أنهم تعرضوا لعملية احتيال واسعة النطاق.

عمر يروي اللحظة التي أدرك فيها الكارثة: “كنا نتابع أرباحنا يوميًا، وفجأة توقف كل شيء. لا تحويلات، لا تواصل، لا إجابات.. حينها تأكدنا أن الأمر لم يكن سوى عملية نصب كبيرة”.

"اقترضت من البنك وخسرت كل شيء"

قصة أسامة عيد ظريف واحدة من أكثر الشهادات المؤلمة التي تلخص مأساة الضحايا، وفي حديثه لـ "تليجراف مصر"، قال أسامة، وهو أب لطفلين يعانيان من مشاكل في السمع، إنه اضطر للاقتراض من البنك ليستثمر أمواله في المنصة، على أمل تحقيق أرباح تكفي لعلاج أطفاله.

وأضاف: “في البداية، رأيت أرباحًا حقيقية، حتى إنني وثقت فيهم,. استثمرت 23 ألف جنيه كنت بحاجة إليها لعلاج أولادي، ثم اختفت المنصة فجأة، وأصبحت غارقًا في الديون”.

قصة أسامة ليست استثناءً، فقد وثقت التحقيقات أن مئات المستثمرين باعوا منازلهم، ومواشيهم، وحتى ذهب زوجاتهم طمعًا في الأرباح الموعودة، قبل أن يجدوا أنفسهم في مواجهة واقع مرير.

حذرت وزارة الداخلية المواطنين من التعامل مع التطبيقات الإلكترونية مجهولة المصدر التي تدّعي تحقيق أرباح مالية سريعة، مؤكدةً أنها وسيلة للنصب والاحتيال الإلكتروني قد تؤدي إلى خسائر مالية جسيمة.

search