الجمعة، 20 سبتمبر 2024

01:22 م

اعطني حريتي واطلق سعري.. عن "التعويم وسنينه وكلاكيعه"

بدأ التعويم بانتكاسة تاريخية عقب الحرب العالمية

بدأ التعويم بانتكاسة تاريخية عقب الحرب العالمية

محمود كمال

A A

هل بات موعد تعويم الجنيه قريباً؟ ربما هو السؤال الأكثر تناقلا وصدى في الشارع المصري، وسط ترقب الأسواق منذ بداية العام لتحرك الدولة صوب خفض جديد للجنيه، لكن شحّ السيولة  أدى إلى تأجيل القرار، مما  زاد من أزمة توفير الدولار في الأسواق.
“تعويم” الجنيه.. كلمة نسمعها طوال الوقت تقريباً، وهو مصطلح مُبهم ولا يُعرف عنه سوى خفض قيمة العملة المحلية لأسباب مجهولة، وصار ترديدها يثير مخاوف المواطنين لما يعقبها من تأثير على الاقتصاد وارتفاع الأسعار، فماذا يعني تعويم العملة؟
يرى صندوق النقد الدولي، أن تعويم العملة عبارة عن نظام يتم فيه تحديد سعر عملة الدولة بواسطة سوق "الفوركس"، بناءً على العرض والطلب مقارنة بالعملات الأخرى.
وفقًا لتعريف البنك المركزى والجهاز المصرفى فإن "تعويم العملة"، يعني ترك سعر صرف العملة المحلية يتحدّد وفقًا للعرض والطلب عليها في الأسواق النقدية، أي جعل سعر صرفها مُحرّرا بشكل كامل، لا تتدخل فيه الحكومة أو البنك المركزي.

تاريخ التعويم 

بداية “التعويم” كانت في المؤتمر الشهير "بريتون وودز" في شمال الولايات المتحدة الأمريكية عام 1944، حيث اجتمعت وفود 44 دولة لصياغة شكل نظام الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، والتي كانت نهايتها وشيكة وقتها، ونتج عنه اتفاق على تثبيت سعر صرف يستند إلى الدولار الأمريكي، من خلال ما يسمى بـ "معيار الذهب"، ما يعني تثبيت سعر 35 دولارا لكل أوقية ذهب، وتلتزم كل دولة تثبيت سعر عملتها بالنسبة للدولار أو الذهب، وفي المقابل تلتزم أمريكا توفير الذهب والدولار لكل الدول.
هذه الاتفاقية لم تستمر طويلا وتعرضت لانتكاسة، ما دفع المسؤولين إلى تعويم عملاتهم المحلية، أي مقارنتها بغيرها من العملات وليس الدولار فقط.

ليس كل التعويم واحدا

يقول الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح، إن هناك شكلين من التعويم: التعويم الكُلي، وهو عبارة عن ترك العملة المحلية للسوق، وُيحدّد سعرها من خلال العرض والطلب دون تدخل من البنك المركزي. وآخر تعويم مُدار، وهو عبارة عن تحكم البنك المركزي بسعر صرف العملة مقابل العملات الأخرى.
ويضيف الخبير الاقتصادي لـ "تليجراف مصر"، أنه قبل قرار تعويم العملة المحلية يجب أن يضخ البنك المركزي مليارات من العملة الصعبة لتلبية طلبات المتعاملين بالسوق وسد احتياجهم من العملة.


تاريخ التعويم في مصر

المصريون عرفوا التعويم لأول مرة في عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1977، بعد عدم قدرته على تحرير الموازنة العامة أو جذب استثمارات من الخليج وضعف الاقتصاد العام، فشهدت البلاد أزمة حادة في الدولار قام من خلالها بتحريك سعر صرف الجنيه مقابل الدولار من 1.25 إلى 2.5 جنيه.
وبعد 26 عامًا، جاء قرار تعويم الجنيه بالتحديد في عام 2003، عندما قررت الحكومة إطلاق الحرية للعرض والطلب على الجنيه المصري وتحديد قيمته، ما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار إلى 5.50 جنيه، قبل أن يقفز إلى 7 دولارات، لكي يستقر عند 6 جنيهات في هذه الفترة.
وبعد ما يقرب من 13 عامًا، بالتحديد في 2016 أعلن البنك المركزي عن تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف، ما أدى إلى صعود الدولار إلى 14.50 جنيه.
وفي مارس 2022، تم تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار من 15 إلى 19 جنيها للدولار الواحد بقيمة 25%، قبل أن يأتي قرار تحريك سعر الصرف الأخير في يناير من العام الماضي ليهبط إلى 31 جنيهًا للدولار الواحد.
ويفرق الخبير الاقتصادي، معتصم الشهيدي، بين تحريك سعر الصرف والتعويم الكامل، موضحا أن الأول يكون جزئيا ومدارا من البنك المركزي، أي أن سعر العملة يتم خفضه وتثبيته عند مستوى محدد، أما التعويم الكامل فيقصد به ترك سعر الجنيه ليتحرك وفق قوانين العرض والطلب دون تدخل من البنك المركزي.
 

ويضيف الخبير الاقتصادي، أن خطوة التعويم الكامل مستبعدة في الوقت الراهن كونها تتطلب توفير حصيلة مرتفعة من النقد الأجنبي تمكن المركزي من التدخل في السوق حال شهد الجنيه مضاربات عنيفة.

search