
ماذا بعد سوريا؟
من تابع الأحداث الأخيرة، لا بد أن يكون السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهنه هو: "ماذا بعد سوريا؟"، أي هل سينتهي شعار "تحرير سوريا" ويظهر شعار جديد على الساحة السياسية تحت عنوان "تحرير العراق" أو "تحرير لبنان"؟
وهل سيعود الصراع العراقي/السوري من جديد؟ ذلك الصراع الذي دام لعقود بين البعث العراقي والبعث السوري، والذي كان متمثلًا في الرئيس صدام حسين والرئيس حافظ الأسد، ولكن بثوب جديد وتحت عنوان جديد هو "سوريا السُّنية والعراق الشيعية"، وتحت قيادة جديدة متمثلة في الشرع، رئيس سوريا الجديد، قائد تنظيم "فصائل تحرير الشام" سابقًا، وبين فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي وجميع التنظيمات العراقية الشيعية، ومن خلفها بعض الرجال الذين يمثلون القوة العراقية الإيرانية، وأبرزهم مقتدى الصدر، زعيم التيار الوطني الشيعي، الذي يضم تحت جناحه العديد من الفصائل العسكرية، أبرزها جيش المهدي وغيره.
وكما اعتدتَ، عزيزي القارئ، فإنني أتبع أسلوب طرح الأفكار والتساؤلات الممزوجة بالبراهين، فقد يكون توقعي صائبًا، وقد يكون خاطئًا.
ولكي نبرهن سبب تساؤلي عن الصراع العراقي/السوري القادم، ففي يوم 10 فبراير 2025، تصدّرت وسائل الإعلام العراقية أخبار عن حريق غامض في الكرافانات الخارجية لتنظيم الحشد الشعبي في شارع أبو نؤاس بالعاصمة بغداد، ولم تُعرف أسبابه نهائيًا. فهل من الممكن وجود أصابع خارجية في هذا الحريق؟ لا أتهم دولة سوريا، لكنه تساؤل أطرحه، قد يكون صحيحًا أو خاطئًا.
ولكن، هل سيبدأ انخفاض التواجد الإيراني في المنطقة وصعود النفوذ التركي، الذي بدأ بالفعل من سوريا وسينتشر بعدها إلى الدول المحيطة بها؟
والآن، لننتقل بالمشهد إلى "سويسرا العرب" سابقًا، والتي أصبحت الآن "باكية العرب"، التي لا يهتم أحد بدموعها التي فاقت البحار والمحيطات. قد تظن، عزيزي القارئ، أنني أتحدث عن فلسطين، لكنني في الواقع أتحدث عن لبنان، تلك الدولة التي لا أرى العيون العربية تنظر إليها.
ما هو مستقبل لبنان، وقد كانت سوريا هي الممر الأول لحزب الله لمرور السلاح والدعم الإيراني له؟ وهل سيستمر هذا الدعم، أم أنه سيكون هناك صدام قادم بين سوريا الجديدة وحزب الله اللبناني؟
وهل ستسمح سوريا الجديدة، ممثلة في الشرع، باستمرار مرور السلاح والمعونات الإيرانية لحزب الله عبر أراضيها؟ أم سترفض وتقف في وجه إيران، ونرى الذئب التركي خلفها داعمًا لها في مواجهة إيران؟
وهل من الممكن أن يظهر ذراع تركي في كل من العراق ولبنان قريبًا ويستحوذ على السلطة كما حدث في سوريا؟ ونبدأ صفحة جديدة من السيطرة، فالربيع العربي بدأ من تونس، وطالت نيرانه جميع دول الوطن العربي، فهل سنرى هذا المشهد يتكرر؟ مشهد بدأ في سوريا ولا نعلم إلى أين ستنتهي نيرانه.
كما أقول دائمًا: السياسة لها ألف سيناريو وألف نهاية.
والآن، انتهت تساؤلاتي وأفكاري، ولنتابع المشهد السياسي لنرى ماذا سيظهر على المسرح من فقرات جديدة.
أكثر الكلمات انتشاراً