السبت، 01 مارس 2025

09:33 م

لماذا خلقنا الله في دار اختبار؟.. علي جمعة يجيب

 علي جمعة

علي جمعة

محمد لطفي أبوعقيل

A .A

أجاب عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، علي جمعة، على سؤال ورد إليه من فتاة صغيرة جاء نصه: "طالما أن الله يحبنا، فلماذا نعيش في دار بلاء واختبار، ومنّا من سيدخل النار، بينما يدخل آخرون الجنة؟".

وقال جمعة خلال برنامج "نُورُ الدين والدنيا" الذي يقدمه عبر قناة سي بي سي: "إن الله كرَّمنا وأسجد لنا الملائكة، وأراد لنا الخير، لكنكِ نسيتِ شيئًا مهمًا، وهو أن الله لا يريد أن يدخل هذا الجنة وذاك النار، بل خلق الخلق وهو علام الغيوب، وعليم بكل شيء".

وأضاف: "فالله شيء، والكون كله، هذا الذي نحن فيه، شيء آخر، فالله خارج الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، وليس كمثله شيء، فالرب رب، والعبد عبد".

إما أن تصلي أو لا تصلي

وتابع: "الله خلق الإنسان وأعطاه عقلًا وقدرةً على الاختيار، وأنزل له أنبياء يُبيِّنون له القبيح من الحسن، والخير من الشر، وأنتِ أمامكِ الأمران؛ إما أن تصلي أو لا تصلي، إما أن تزكي أو لا تزكي، وهذا بإرادتكِ الحرة".

واستطرد: "مراد الله أن تزكي وتصلي وتصومي، وأنتِ بإرادتكِ الحرة تختارين، وأنتِ مميزة في هذا الكون بالاختيار، وقد قال الله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا".

أعطى الله للإنسان الاختيار

وأكمل: "أعطى الله للإنسان الاختيار، ولم يتدخل الله في هذا الاختيار، لكنه يعلم السر وأخفى، ويعلم كل شيء".

وأضاف: "سأضرب مثالًا: لنفترض أن لديَّ لحية، ووقفتُ أمام المرآة، فستعكس صورتي وتُظهِر أنني رجل بلحية، وإذا جاء أحد وسأل: من هذا؟ سيُقال: هذا علي بلحية، ثم إذا حلقتُ لحيتي وسأل نفس الشخص: من هذا؟ فسيُقال: هذا علي ولكن دون لحية. هنا، المرآة لا دخل لها، بل هي مجرد كاشفة، وكذلك فإن الكتاب المكنون مكتوب فيه كل ما ستفعلينه، لأن الله علام الغيوب، فهو ليس محكومًا بالزمن، لكنه لا يتدخل في أفعالك، بل يعلم مسبقًا ما ستقومين به".

أسماء الله الحسنى كثيرة 

وأردف: "الله خلق هذا الكون من أجل أن يتجلى عليه بأسمائه، فهو العظيم، القوي، المريد، العزيز، العفو، وغيرها من أسماء الله الحسنى، وأسماؤه كثيرة، تصل إلى نحو 240 اسمًا، والـ99 اسمًا المشهورة جزء منها".

وختم حديثه قائلًا: "ستدخلين الجنة بعلمكِ أنتِ، فلا أحد قهركِ، ولا ألزمكِ، ولا ضغط عليكِ، فالقضية أن الله أعطانا عقلًا واختيارًا، وبيَّن لنا المنهج الذي نسير عليه، فإما الالتزام أو عدم الالتزام. فالله أراد منكِ الذكر، والصلاة، والصيام، وعمل الخير، لكنه يعلم من منا سيوفق لذلك ومن لن يُوفَّق، فجعل الاختيار تكريمًا لنا، ورفعةً لشأننا".

search