الحضري.. حارس ألقاب الأهلي الذي هرب إلى سويسرا من أجل "سراب"

يُعد عصام الحضري أحد أبرز حراس المرمى في تاريخ كرة القدم المصرية والعربية، حيث سطر اسمه بحروف من ذهب عبر مسيرة حافلة بالإنجازات المحلية والدولية. 

ووُلد الحضري في 15 يناير 1973، وبدأ رحلته الكروية من نادي دمياط في دوري الدرجة الثانية، حيث لعب دورًا رئيسيًا في صعود فريقه إلى الدوري الممتاز، ما لفت أنظار النادي الأهلي الذي تعاقد معه عام 1996.

ويستعرض "تليجراف مصر" أولى حلقات "النجوم في رمضان" التي تبدأ بأسطورة حراسة مرمى الأهلي ومنتخب مصر الذي يحمل القميص رقم 1 خلال مسيرته.

التألق مع النادي الأهلي

انضم الحضري إلى الأهلي ليكون الحارس البديل للنجم أحمد شوبير، لكنه نجح سريعًا في فرض نفسه كحارس أساسي بعد اعتزال شوبير.

على مدار سنواته مع الفريق، لعب دورًا حاسمًا في تحقيق العديد من البطولات، أبرزها دوري أبطال أفريقيا أعوام 2001، 2005، و2006، كما سجل هدفًا تاريخيًا من مسافة بعيدة في كأس السوبر الأفريقي عام 2001.

الهروب إلى سويسرا

شهد انتقال عصام الحضري إلى نادي سيون السويسري عام 2008 حالة من الجدل الكبير، بعدما حصل على بطاقة لعب مؤقتة من الفيفا وانتقل للنادي السويسري دون الحصول على موافقة النادي الأهلي، هذا القرار أثار انقسامًا واسعًا بين جماهير القلعة الحمراء؛ حيث اعتبر البعض أنه خان الفريق في توقيت حرج، بينما رأى آخرون أنه كان يستحق خوض تجربة الاحتراف، خاصة أنه بلغ الخامسة والثلاثين دون أن تتاح له فرصة اللعب في أوروبا.

وأشارت تقارير آنذاك إلى أن العلاقة المتوترة بين الحضري والمدير الفني البرتغالي مانويل جوزيه كانت أحد الأسباب الرئيسية لرحيله، حيث شعر اللاعب بتجاهل مستمر وإصرار المدرب على حرمانه من شارة القيادة، بالإضافة إلى القرارات الصارمة التي تعرض لها على مدار ثلاث سنوات، وهو ما دفعه لطلب الرحيل عن الأهلي منذ عام 2005، قبل أن يحسم قراره في 2008.

رفض الأهلي العرض المقدم من سيون، والذي بلغ 400 ألف دولار فقط، مع اشتراط الحصول على 50% من قيمة انتقاله إلى أي نادٍ أوروبي آخر، غير أن الحضري لجأ إلى المادة 17 من لوائح الفيفا، التي تسمح للاعبين الذين تجاوزوا 28 عامًا بفسخ عقودهم من طرف واحد، بشرط مرور عامين على توقيع العقد مع إبلاغ ناديه بذلك قبل 15 يومًا من نهاية الموسم.

ورغم انتقاله بالفعل، إلا أن فيفا تدخل بفرض عقوبات صارمة، شملت غرامة مالية قدرها 900 ألف يورو، وإيقاف الحضري مدة أربعة أشهر، إلى جانب حرمان نادي سيون السويسري من تسجيل لاعبين جدد لفترتي انتقال متتاليتين، وذلك بسبب الإضرار بالنادي الأهلي ورحيل الحارس الدولي في منتصف الموسم دون إذن ناديه.

محطات محلية وعربية متعددة

بعد تجربته الأوروبية، عاد الحضري إلى الدوري المصري عبر بوابة الإسماعيلي، ثم تنقل بين عدة أندية منها الزمالك، والمريخ السوداني، والاتحاد السكندري، ووادي دجلة.

 في عام 2017، أصبح أول حارس أجنبي محترف في الدوري السعودي بعد انضمامه لنادي التعاون، قبل أن يختتم مسيرته الكروية مع نادي النجوم.

السد العالي

ويعد الحضري أحد أعظم حراس المرمى في تاريخ الكرة الأفريقية، بعدما حقق إنجازًا غير مسبوق بالفوز بكأس الأمم الإفريقية ثلاث مرات متتالية (2006، 2008، 2010). 

وكان له دور حاسم في هذه البطولات، خاصة في نهائي 2006 أمام كوت ديفوار، حيث تصدى لركلتي ترجيح ليمنح مصر اللقب، كما كان أداؤه في بطولة غانا 2008 أحد الأسباب الرئيسية في تتويج المنتخب المصري، ليحصد جائزة أفضل حارس في البطولة، وهو الإنجاز الذي كرره في نسخة 2010 بأنغولا.

ورغم مسيرته المليئة بالألقاب، إلا أن انتقاله إلى سيون عام 2008 ترك أثرًا سلبيًا على شعبيته، حيث واجه انتقادات من جماهير الأهلي، التي اعتبرت رحيله غير احترافي، كما فقد العديد من عقود الرعاية بسبب الجدل الذي أحاط بانتقاله، لكنه واصل مسيرته بثبات، وساهم في تتويج سيون بكأس سويسرا قبل أن يعلن عن رغبته في البحث عن نادٍ أوروبي جديد بعد كأس القارات.

وعلى الرغم من تقدمه في العمر، واصل الحضري تقديم مستويات استثنائية، حيث لعب دورًا محوريًا في تأهل مصر إلى كأس العالم 2018 بفضل تألقه في مباريات التصفيات، خاصة أمام الكونغو وغانا. وفي يناير 2017، سجل الحضري إنجازًا جديدًا عندما أصبح أكبر لاعب في تاريخ كأس الأمم الإفريقية، بعد مشاركته أمام مالي بعمر 44 عامًا ويومين. كما دخل التاريخ مرة أخرى خلال مونديال 2018 في روسيا، عندما أصبح أكبر لاعب يشارك في تاريخ كأس العالم، بعد ظهوره في مباراة مصر أمام السعودية.

اعتزال دولي وإرث خالد

وفي 6 أغسطس 2018، أعلن عصام الحضري اعتزاله اللعب الدولي عبر صفحته على "فيسبوك"، ليختتم بذلك مسيرة دولية حافلة بالإنجازات والتحديات، تاركًا إرثًا سيظل محفورًا في تاريخ الكرة المصرية والإفريقية لعقود طويلة.