الأحد، 09 مارس 2025

03:14 م

حصاد عام من التعويم.. كيف تأثرت مؤشرات الاقتصاد المصري؟

أوراق من الجنيه والدولار فئة 100

أوراق من الجنيه والدولار فئة 100

في صباح السادس من مارس 2024، استيقظ المصريون على تعويم جديد للجنيه في خطوة غيرت المشهد الاقتصادي 360 درجة وكتبت نهاية أزمة مالية دامت لقرابة عامين، فكيف تأثرت مؤشرات الاقتصاد بعد عام من تحرير سعر الصرف؟.

أوضح الخبير المصرفي هاني العراقي أن خطوة تحرير سعر الصرف حققت للاقتصاد المصري عدة إيجابيات أبرزها استقرار سعر الصرف ووفرة الموارد الدولارية لدى الدولة والبنوك وعودة تحويلات المصريين بالخارج إلى مستوياتها الطبيعية.

إيجابيات التعويم

وأضاف العراقي في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن صورة الاقتصاد في مصر بعد عام من قرار التعويم تبدو أفضل بكثير، على سبيل المثال الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي يواصل تسجيل مستويات قياسية رغم ارتفاع الاستحقاقات المالية التي قامت الدولة بسدادها على مدار عام 2024، سواء تلك المتعلقة بأقساط وفوائد الدين أو باستحقاقات حاملي أوراق الدين (سندات وخزانة).

وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، ارتفع صافي الاحتياطيات الدولية إلى مستوى قياسي عند 47.4 مليار دولار بنهاية فبراير الماضي مقارنة بــ35.3 مليار دولار في يناير 2024، كما أن المستويات الحالية تعد كافية لسداد الاحتياجات الاستراتيجية للدولة لمدة تزيد عن 7 أشهر، أي أنها تفوق المستوى العالمي للاحتياطي الآمن البالغ 3 أشهر.

وتابع: “تحرير سعر الصرف عزز الثقة في القطاع المصرفي وشهدنا تحول صافي الأصول الأجنبية إلى خانة الفائض من العجز، كما عاد البنك المركزي المصري لتحقيق ربيحة بعد سنوات من الخسارة، هذا فضلا عن ارتفاع مستويات السيولة في البنوك سواء المحلية أو الأجنبية”.

وبنهاية يونيو 2024، تحول البنك المركزي المصري لخانة الربحية قاطعًا سلسلة من الخسائر امتدت لنحو 6 سنوات مالية، إذ وصل صافي أرباحه إلى 22.8 مليار جنيه متعافيًا من خسائر بنحو 86.3 مليار جنيه بنهاية العام المالي 2022-2023، وفي يناير الماضي سجل صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي (البنك المركزي والبنوك التجارية) فائضًا بنحو 8.7 مليار دولار مقابل عجز بنحو 29 مليار دولار في  يناير 2024. 

فيما ارتفع إجمالي الودائع بالعملة المحلية في البنوك بنهاية يناير إلى 7.7 تريليون جنيه من 6.3 تريليون جنيه بنهاية يناير 2024، مدفوعًا برفع الفائدة بمقدار 8% خلال 2024.

نظرة المؤسسات ودرس التعويم

وأشار العراقي إلى أن من إيجابيات قرار تحرير سعر الصرف، دعم تنافسية الصادرات وارتفاع عوائد قطاع السياحة، إذ ساهم تراجع قيمة العملة في جذب المزيد من السائحين خلال 2024، وذلك رغم استمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة.

وخلال العام الماضي وصلت قيمة الصادرات إلى 44.9 مليار دولار ارتفاعًا من 42.6 مليار دولار في عام 2023 ، فيما ارتفع عدد السائحين إلى مستوى قياسي تجاوز الـ15.7 مليون سائح ووصلت عائدات القطاع إلى قرابة 15.3 مليار دولار. 

وأكد العراقي أن قرارات 6 مارس ساهمت في تغيير نظرة المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري إذ عدلت جميع المؤسسات نظرتها من سلبية إلى إيجابية وقام بعضها برفع التصنيف الائتماني لمصر، موضحا أن تحرير سعر الصرف ساهم في تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين والأوراق المالية عمومًا.

وأضاف العراقي أن البنك المركزي المصري ملتزم حتى اللحظة بتطبيق سياسة سعر الصرف المرن الأمر الذي يعزز تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر والمباشر في الدولة، ويؤكد أننا تعلمنا الدرس من قرارات التعويم السابقة والفترات التي سبق وأن تدخل فيها البنك المركزي في سوق الصرف على نحو أثر سلبًا على ثقة المؤسسات والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد. 

وفي نوفمبر الماضي، رفعت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لمصر على المدى الطويل للمرة الأولى منذ 2019، وقالت إن قرارها يأتي مدفوعا بعوامل عدة أهمها تراجع المخاطر المالية في ظل مرونة سعر الصرف والتشديد النقدي وصفقة رأس الحكمة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد.

مرونة سعر الصرف

ورأى الخبير المصرفي هاني العراقي أن التزام البنك المركزي بمرونة سعر الصرف عزز جاذبية السوق المصرية للاستثمار الأجنبي المباشر وصفقات الاستحواذ، إذ بات المستثمر الأجنبي مطمئنًا لضخ استثماراته في مصر مع وصول الجنيه إلى مستويات السعر العادل في نطاق بين 50 و51 جنيهًا للدولار. 

وأكد أن الأثر السلبي الأبرز لقرار تحرير سعر الصرف هو استمرار أسعار الفائدة المرتفعة، إذ أقدم البنك المركزي على رفع الفائدة بمقدار 6% بالتزامن مع قرار تحرير سعر الصرف في 6 مارس 2024، لتصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، الأمر الذي يضغط على معدلات النمو الاقتصادي ويحد من قدرة القطاع الخاص على التوسع. 

من جانبه، قال الخبير المصرفي أستاذ الاستثمار والتمويل، فهد جاهين، إن تحرير سعر الصرف ساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والقضاء على السوق الموازية للعملة وعودة تحويلات المصريين إلى القنوات الشرعية، كما ساهم توحيد سعر الصرف في استقرار الأسعار بالأسواق ودفع معدلات التضخم للتراجع وسط توقعات بأن تصل خلال الفترة المقبلة إلى أرقام فردية. 

وأضاف: أن التزام البنك المركزي بمرونة سعر الصرف ساهم في تعزيز ثقة المستثمر الأجنبي والمحلي في الاقتصاد، وبالتالي رأينا ارتفاعًا في الاستثمار الأجنبي المباشر ليتجاوز عتبة الـ46 مليار دولار، كما بدأت معدلات النمو الاقتصادي تتحسن تدريجيًا، إذ ارتفعت خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بقرابة 3.5% مقارنة بـ2.7% في الربع المماثل من العام المالي السابق. 

search