الأحد، 09 مارس 2025

03:15 م

نهاية الحلم الياباني.. لماذا يتراجع الاقتصاد الذي أبهر العالم؟

انهيار الاقتصاد الياباني - تعبيرية

انهيار الاقتصاد الياباني - تعبيرية

شهدت اليابان تحولات اقتصادية مذهلة جعلتها في يوم من الأيام نموذجًا يُحتذى به عالميًا، حيث حققت نهضة صناعية غير مسبوقة، وتحولت من بلد مدمر بفعل الحرب إلى قوة اقتصادية عملاقة. 

وتصدرت اليابان العناوين بفضل تطورها السريع، حتى أصبح مصطلح "كوكب اليابان" شائعًا بين العرب، تعبيرًا عن الإعجاب الممزوج بالدهشة من التقدم الذي أحرزته الدولة الآسيوية.

صعود استثنائي ومعجزة اقتصادية 

حققت اليابان خلال النصف الثاني من القرن العشرين طفرة اقتصادية هائلة. تضاعف ناتج اليابان المحلي الإجمالي عشرات المرات، حيث ارتفع من 47 مليار دولار عام 1960 إلى أكثر من 3.1 تريليون دولار بحلول عام 1990. 

وتمكن الاقتصاد الياباني من الاقتراب من نظيره الأمريكي، حتى تفوق عليه في بعض المؤشرات، مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. 

واستحوذت اليابان على اهتمام الإعلام العالمي، وانتشرت تكهنات حول إمكانية تفوقها على الولايات المتحدة لتصبح القوة الاقتصادية الأولى عالميًا. 

وحتى هوليوود لم تتجاهل الأمر، فقدمت أفلامًا خيالية تتناول مستقبلًا تسيطر فيه اليابان على الاقتصاد العالمي.

أرشيفية من الأسواق اليابانية

بداية التراجع ونهاية الحلم الياباني

تعرّض الاقتصاد الياباني لضربة قاسية مع نهاية التسعينيات، إذ دخل في مرحلة ركود طويلة، رافقتها أزمة ديموغرافية حادة، ما أدى إلى تباطؤ النمو بشكل ملحوظ. 

وبحلول عام 2023، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الياباني إلى 4.2 تريليون دولار، بينما قفز نظيره الأمريكي إلى 27.4 تريليون دولار. 

وفقدت اليابان مركزها كثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد أن تفوقت عليها الصين عام 2010، ثم جاءت ألمانيا عام 2023 لتدفع اليابان إلى المركز الرابع، وسط توقعات بتراجعها لصالح الهند مستقبلًا.

تراجع الإنتاجية وتفاقم الفقر

سجلت اليابان تراجعًا ملحوظًا في إنتاجية العمل، إذ باتت إنتاجية العامل الياباني لا تتجاوز 60% مقارنةً بنظيره الألماني. 

واحتلت اليابان المرتبة الثلاثين في قائمة الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث إنتاجية العمل. 

وتفاقمت أزمة الفقر، وأصبح نحو 15.4% من السكان تحت خط الفقر، فيما تعاني نسبة كبيرة من النساء العازبات فوق 65 عامًا من ضائقة مالية حادة. 

وارتفعت معدلات الفقر بين الأطفال، إذ يعيش طفل من بين كل سبعة أطفال يابانيين في ظروف معيشية صعبة، رغم أن البلاد تعتبر من أغنى دول العالم.

فقاعة العقارات والانهيار الاقتصادي

شهدت اليابان في ثمانينيات القرن الماضي فقاعة اقتصادية ضخمة، إذ ارتفعت أسعار العقارات بشكل غير مسبوق، حتى أصبح سعر بضع مئات من الأفدنة في طوكيو يساوي قيمة أراضي ولاية كاليفورنيا بأكملها. 

ولكن في عام 1991، انفجرت الفقاعة، وانهارت أسعار العقارات والأسهم، ما أدى إلى خسائر فادحة وتباطؤ في الإنفاق، لتبدأ اليابان عقدًا من الركود الاقتصادي. 

وفي عام 1997، تفاقمت الأزمة مع انهيار بنك هوكايدو تاكوشوكو، ما أدخل البلاد في أزمة مصرفية غير مسبوقة.

انهيار مؤشرات البورصة اليابانية

مستقبل قاتم وتوقعات بمزيد من التراجع

تشير توقعات بنك جولدمان ساكس إلى أن اليابان ستتراجع إلى خارج قائمة أكبر خمسة اقتصادات عالميًا في غضون 25 عامًا، وقد تخرج من قائمة العشرة الأوائل بحلول عام 2075. 

ويعكس هذا التراجع المستمر أزمات هيكلية، أبرزها تراجع الإنتاجية، وارتفاع معدلات الشيخوخة، وضعف القدرة التنافسية، ما يجعل من الصعب على اليابان استعادة مكانتها الاقتصادية السابقة.

وبعد أن أبهرت اليابان العالم بمعجزتها الاقتصادية، تواجه اليوم تحديات خطيرة تهدد مكانتها العالمية. 

وبينما كانت تعتبر يومًا ما منافسًا لأكبر اقتصاد في العالم، باتت الآن تكافح للحفاظ على موقعها وسط قوى اقتصادية ناشئة تزداد قوةً يومًا بعد يوم.

search