الثلاثاء، 18 مارس 2025

05:30 م

د.فتحي حسين

د.فتحي حسين

A A

مدفع رمضان.. ومحمد رمضان!

كما هي العادة، يتحول شهر رمضان في مصر إلى ساحة كبيرة للمنافسة، ليس فقط بين المسلسلات والبرامج، بل بين الإعلانات أيضًا. كل شيء محسوب بالثانية، وكل ظهور مدروس بعناية ليحقق أعلى نسبة مشاهدة وأكبر عائد مادي. وسط هذا الزحام الرمضاني، أطل علينا محمد رمضان ببرنامج جديد يحمل اسم "مدفع رمضان". فكرة بسيطة لكنها عبقرية في استغلال الحالة المزاجية للمصريين في الشهر الكريم: لمّة العيلة، الحنين للماضي، ورغبة كل بيت مصري في تحقيق حلمه ولو بمبلغ يسد ديونه.

الفكرة تدور حول لقاء مباشر بين محمد رمضان والجمهور، حيث يكتب كل فرد حلمه على ورقة، أملًا في أن يتحقق بلمسة سحرية من النجم المحبوب. مشهد يذكرنا ببرامج زمان، حيث كان الإعلام شريكًا في حل مشكلات المواطنين، لكن هذه المرة، البطل ليس مذيعًا تقليديًا، بل نجم شباك، صنع شهرته ، على قاعدة "نمبر وان" واغنية الشهيرة "مافيا" !!

لكن لا شيء في مصر يمر دون جدل! فمن ناحية، هناك من يرى أن محمد رمضان ظاهرة تستحق التقدير، استطاع أن يجمع المصريين حول الشاشة في لحظة نادرة، متجاوزًا الخلافات والانقسامات التي تملأ المشهد. الجميع متفق على أن الفكرة ناجحة، وأن البرنامج استطاع أن يجذب الانتباه في موسم مزدحم بالمنافسة. لكن في الوقت نفسه، يبرز السؤال الأخلاقي والسياسي: كيف نحتفي بشخص ارتبط اسمه بإعلانات سلع أمريكية وإسرائيلية، بينما تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في عدوانها على غزة، وسط مقاطعة عربية لهذه المنتجات؟ هل يمكن أن نفصل بين النجاح التجاري والموقف الأخلاقي؟

وبعيدا عن الجدل السياسي، فإن النجاح الأكبر للبرنامج لم يكن في محتواه فقط، بل في كمية الإعلانات التي صاحبت ظهوره. محمد رمضان لم يكن مجرد مقدم برنامج، بل أصبح وجهًا دعائيًا مسيطرًا على رمضان هذا العام. إعلانات على الشاشة، إعلانات داخل البرنامج، وإعلانات حتى على السوشيال ميديا. الرجل يعرف كيف يحوّل كل شيء إلى مكسب، ويجيد استثمار نجوميته بشكل لم يسبقه إليه أحد.

قد نتفق أو نختلف مع محمد رمضان، قد ننتقد اختياراته أو نحتفي بنجاحه، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن "مدفع رمضان" ضرب بقوة، ليعيد مشهد التجمع حول الشاشة، ويعيد الأمل في نفوس البسطاء، ولو للحظات معدودة. فهل نحن أمام تحول جديد في الإعلام الترفيهي، أم أن الأمر مجرد فقاعة سرعان ما تنتهي بانتهاء الموسم؟ الأيام وحدها ستجيب!!

search