الإثنين، 31 مارس 2025

09:35 م

اكتشاف ثوري.. تقنية هيدروليكية في بناء هرم زوسر

هرم زوسر

هرم زوسر

خاطر عبادة

A .A

ظلت أهرامات مصر لغزًا حير علماء الآثار والمؤرخين لعدة قرون، حيث تعد من أعظم المنشآت الهندسية التي تكاد تكون مستحيلة التكرار بتقنيات ذلك العصر. 

لكن أبحاثًا جديدة كشفت عن تقنية غير متوقعة استخدمها المصريون القدماء، وهي تسخير المياه كنظام رفع هيدروليكي للمساعدة في بناء هرم زوسر.

ووفقًا لصحيفة لا راثون الإسبانية، فقد أحدثت دراسة حديثة ثورة في المعتقدات التقليدية حول بناء الأهرامات، حيث تشير إلى أن المصريين القدماء ربما استخدموا نظامًا هيدروليكيًا متقدمًا لرفع الكتل الحجرية الضخمة.

هرم زوسر وتقنية البناء المبتكرة

تشير الدراسة، التي نشرت في مجلة PLOS ONE، إلى أن الهرم المدرج في سقارة، الذي يعود تاريخه إلى 4500 عام، لم يُبنَ باستخدام المنحدرات والرافعات فقط، كما كان يعتقد سابقًا، بل اعتمد أيضًا على نظام رفع هيدروليكي مبتكر.

واقترح كزافييه لاندرو، الباحث في معهد CEA للتقنيات القديمة في فرنسا، أن المصريين القدماء ربما استخدموا المياه من القنوات القريبة لتفعيل آلية التعويم، مما ساعد في رفع الكتل الحجرية الضخمة إلى المستويات العليا من الهرم.

آلية الرفع الهيدروليكي

وفقًا للدراسة، فإن بئرين يقعان داخل هيكل الهرم ربما عملا كنظام رفع هيدروليكي، حيث تم استخدام ضغط المياه لرفع الكتل الحجرية، ما يمثل نهجًا متطورًا لم يكن موثقًا من قبل في الهندسة المصرية القديمة.

إذا ثبتت صحة هذه النظرية، فإنها قد تعيد كتابة تاريخ الهندسة المعمارية في مصر القديمة، وتثبت أن الفراعنة استخدموا مواردهم الطبيعية بذكاء يفوق التوقعات.

ريادة المصريين القدماء في استخدام المياه

لطالما عُرف المصريون القدماء بأنهم رواد في استخدام تقنيات المياه، سواء في الري أو نقل الأحجار الضخمة عبر نهر النيل. 

لكن هذه الدراسة تفتح الباب أمام فرضية جديدة: هل استخدموا المياه أيضًا في بناء معالمهم الأثرية؟

حتى الآن، كانت المنحدرات الطويلة هي النظرية السائدة لرفع الأحجار، لكن الدراسة تشير إلى احتمال أن المصريين وظّفوا القوة الهيدروليكية في البناء، وهو ما قد يغير الفهم السائد عن تقنياتهم المعمارية.

دليل إضافي على التقنية المبتكرة

كشفت الدراسة أيضًا أن جسر المدير، وهو هيكل قريب من الهرم المدرج، ربما كان سدًا حاجزًا لتخزين المياه، مما يدعم فرضية استخدام الضغط المائي في عملية البناء. 

كما تم اكتشاف مقصورات أرضية أمام الهرم، يُعتقد أنها عملت كمحطات لترسيب الرواسب، مما ساعد في التحكم في تدفق المياه وتوليد الضغط اللازم لرفع الأحجار.

ويشير الباحثون إلى أن هذه التقنية قد تكون شبيهة بالمصاعد الهيدروليكية الحديثة، حيث كانت المياه تُستخدم لرفع الأحجار الثقيلة تدريجيًا إلى أعلى الهرم.

هل امتدت هذه التقنية إلى أهرامات أخرى؟

السؤال الذي يطرحه العلماء الآن هو: هل استخدم المصريون هذه التقنية في أهرامات أخرى، مثل الهرم الأكبر في الجيزة؟

الخطوة التالية للباحثين هي دراسة مدى توفر المياه في المنطقة خلال العصور القديمة، وما إذا كان يمكن توظيف نفس النظام في بناء أهرامات أخرى. 

إذا تم تأكيد ذلك، فسيشكل هذا الاكتشاف ثورة علمية تغير فهمنا لطرق البناء المصرية القديمة.

فصل جديد في تاريخ الأهرامات

يمثل هذا الاكتشاف علامة فارقة في دراسة الحضارة المصرية القديمة. فإذا صحت هذه النظرية، فلن تؤدي فقط إلى دحض الأفكار التقليدية، بل ستؤكد أيضًا أن المصريين القدماء امتلكوا تقنيات متقدمة تفوق ما كنا نتخيله.

واختتم تقرير لا راثون بالقول: “لا يزال الهرم المدرج في سقارة يحمل أسراره، لكن هذه الدراسة أثبتت أن مصر لا تتوقف عن إبهارنا، حتى بعد آلاف السنين من استكشافها.”

search