الخميس، 19 سبتمبر 2024

08:38 م

مؤسسات مالية عالمية تعدّل نظرتها لـ"الجنيه".. مسلّمات أم تسييس؟

مؤسسات جولدمات ساكس وستاندر آند بورز ومورجان ستانلي

مؤسسات جولدمات ساكس وستاندر آند بورز ومورجان ستانلي

ولاء عدلان

A A

تبنت مؤسسات مالية واقتصادية عالمية خلال الفترة الأخيرة نهجا أكثر إيجابية في توقعاتها بشأن الاقتصاد المصري، تزامنا مع إعلان مصر قرب التوصّل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء للمراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه نهاية 2022. 
قال بنك مورجان ستانلي الأمريكي، في مذكرة حديثة، إن الفترة المقبلة ستشهد تراجعا للضغوط على الجنيه المصري، فيما توقعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني قبل يومين أن تشهد مصر تطورا إيجابيا في مسار تدفقات النقد الأجنبي من الخارج، ما رأه الخبير الاقتصادي الدكتور بلال شعيب تحولا إيجابيًا من هذه المؤسسات يمكن للحكومة أن تبني عليه في خططها للخروج من الأزمة.


أزمة مؤقتة 

قال شعيب إن الأزمة التي تعصف بالاقتصاد المصري حاليا مؤقتة، وكغيرنا من بلدان العالم تأثرنا خلال السنوات الأخيرة بجائحة كورونا وحرب أوكرانيا، وتفاقمت الأزمة مع خروج أموال ساخنة بنحو 20 مليار دولار منذ العام 2022، ما ضغط على موارد العملة الصعبة، لكن لا زالت مصر تتمتع باحتياطي نقد أجنبي عند مستويات مقبولة تجنبها مخاطر التخلف عن سداد التزاماتها الخارجية. 
وأضاف أن وكالات مثل ستاندرد آند بورز وفيتش سبق وأن حذرت من ارتفاع مخاطر سداد مصر لديونها، والآن هي نفسها من يتوقع تراجع حدة الأزمة الراهنة، وهذا دليل على أن ما تصدره من تقارير وتصنيفات أغلبه “مسيّس”، وبالتالي لا يجب التعامل معها على أنها مسلمات. 
في أكتوبر الماضي، خفضت "ستاندرد آند بورز" تصنيف مصر الائتماني إلى الدرجة –B من B، متوقعة تراجع قدرتها على تحمل أعباء الديون وانضمت إليها وكالة موديز الشهر الماضي، الآن تتوقع ستاندرد آند بورز أن تشهد مصر مسارا إيجابيا لمعدلات النمو الاقتصادي ولأزمة نقص الموارد الدولارية بمجرد تحريك سعر الصرف كما هو متوقع والحصول على أموال الصندوق. 


تقديرات إيجابية 

وتتوقع موديز حاليا أن تحصل مصر على تمويل من صندوق النقد بحدود 10 مليارات دولار، ما يكفي لسد فجوة التمويل الخارجي خلال 2024 و2025، بينما قالت وكالة بلومبرج، في تقرير نشرته مطلع الأسبوع، إن الحكومة المصرية اتخذت خلال الفترة الأخيرة خطوات عدة للسيطرة على السوق السوداء منها توسيع الحملات الأمنية على تجار العملات الأجنبية، ما أسهم في تحسن أداء الجنيه. 
شدد شعيب على أن الحكومة عليها استثمار هذه التقديرات الإيجابية لإعادة هيكلة الديون قصيرة الأجل واستبدالها بأخرى طويلة الأجل لتتمكن من الخروج من الأزمة الحالية بسلاسة أكبر، موضحا أنه من المهم في الوقت الحالي العمل على تعزيز الحصيلة الدولارية بعيدا عن مسار الديون الجديدة، وإنما بالاعتماد على وقف استيراد السلع الاستفزازية ودعم الصناعة وزيادة الإنتاج المحلي.
وتابع أن من الخطأ الاعتماد على تمويل صندوق النقد وحده كونه يحتوي على مخاطر، أهمها إغراق مصر بديون جديدة تتطلب شروطا لا تناسب أوضاعها، مشيرا إلى شرط مرونة سعر الصرف باعتباره الأصعب، ومن شأنه تعقيد المشهد أكثر لما سيخلفه من عبء على المواطنين متمثل في زيادة كبيرة لمعدلات التضخم ومن جهة أخرى زيادة أعباء الموازنة العامة. 
مطلع الشهر الجاري، قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، محادثات الصندوق مع القاهرة وصلت إلى المرحلة الأخيرة فيما يتعلق بزيادة برنامج القرض البالغة قيمته 3 مليارات دولار، لتعزيز مرونة الاقتصاد على مواجهة التحديات الناجمة عن حرب غزة.

مسؤولي صندوق النقد الدولي في لقاء مع وزير المالية محمد معيط

تمويل إضافي


رأى الخبير المصرفي الدكتور محمد بدرة أن تلك التوقعات الإيجابية لأداء الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة مرتبطة بتقدم المحادثات مع صندوق النقد وبقرب الحصول على تمويل إضافي بالإضافة إلى صدور تعهدات عن الاتحاد الأوروبي أخيرا بتقديم دعم مالي جديد للقاهرة. 

وأضاف أن هذه الأمور مجتمعة من شأنها تعزيز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية وكذلك تحسين تصنيفها الائتماني، ما سيجعلها أقدر على جذب الاستثمارات الأجنبية والوصول لأسواق الدين العالمية، وبالتبعية ستتحسن الأوضاع الاقتصادية تدريجيا. 
وتابع أن الحكومة ستصبح أقدر على قرار تحريك سعر الصرف بمجرد استئناف ضخ أموال الصندوق، مشيرا إلى أن قرار البنك المركزي قبل أسبوع برفع أسعار الفائدة يأتي في إطار استمرار السيطرة على التضخم إلى جانب سحب سيولة أكبر من السوق تمهيدا لهذا القرار الذي سيسهم بالتبعية في تحجيم تعاملات السوق الموازية. 

القدرة على السداد 

اعتبر بنك جولدمان ساكس، في مذكرة حديثة، المخاوف المتعلقة باحتمالات تخلف مصر عن سداد ديونها مبالغ فيها، ونصح إلى جانب شركة بيكتيت لإدارة الأصول بشراء سندات مصر المقومة بالدولار، معتبرين أنها تحقق للمستثمرين عوائد مرتفعة، وأن توجه البنك المركزي الأمريكي خلال العام الحالي باتجاه خفض الفائدة سيصب في صالح السندات المصرية رغم تقييمها بتصنيف منخفض.
من جانبه أشار الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر إلى أن مصر لم يحدث وأن تخلفت عن سداد ديونها الخارجية، لذا لا تزال سنداتها تتمتع بثقة المستثمرين الدوليين، مضيفا هذه الثقة ستتحسن مع إتمام مراجعات الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والإعلان عن قيمة التمويل الجديد، فضلا عن تسريع الحكومة لحسم ملف التعويم بما يسهم في تعزيز ثقة المستثمر الأجنبي ويقضي على الفجوة الراهنة بين السعر الرسمي وأسعار السوق الموازية. 

وأضاف أن الحكومة تتحرك باتجاه التخارج من قطاعات عدة لصالح القطاع الخاص ضمن برنامج الطروحات، وكذلك تسعى لإصدار سندات بعملات غير الدولار في أسواق الشركاء التجاريين أمثال الصين والهند، هذا فضلا عن استمرار محاولاتها للتوصل إلى تمويلات من بنوك التنمية متعددة الأطراف، كل هذه الخطوات من شأنها أن تسهم في الخروج من الأزمة على نحو أفضل، بحسب تعبيره. 
 

search