الجمعة، 18 أبريل 2025

07:53 ص

د.فتحي حسين

د.فتحي حسين

A A

التحايل على القيد الاستئنافي والاعتصام بمكتب النقيب!

في المشهد الأخير من مسرحية "التحايل على القيد"، يعتصم نفر من الزملاء ـ هكذا يسمّون أنفسهم ـ في مكتب نقيب الصحفيين، مطالبين بالقيد، لا استنادا إلى لائحة أو مسوّغ قانوني، بل استنادا إلى "الضجيج"، والفوضى وشيء من البلطجة، وشعارات عن المظلومية، في الوقت الذي لا علاقة لهم فيه بصحافة حقيقية ولا مؤسسات قائمة بالفعل!

ما جرى، حسبما كشف هشام يونس، رئيس لجنة القيد، ليس سوى محاولة التفاف على القانون، إذ أن "اللجنة الاستئنافية" التي يتشدّقون بها، ليست هيئة قضائية، بل لجنة إدارية تضم ممثلين عن النقابة والنيابة والاستعلامات، قراراتها لا تلزم النقابة إلا بتوقيع كل أعضائها، وهو ما لم يحدث في حالات هؤلاء، بل إن بعضهم حصل على "قرارات" دون توقيع ممثلي النقابة ولا ممثل الهيئة، فأي مشروعية في ذلك؟

لكن الأخطر، هو ما كشفه يونس بالأسماء والوثائق: جرائد توقفت عن الصدور منذ سنوات، وأخرى غير مكودة، وورثة لرؤساء تحرير راحلين لا يملكون صلاحيات إحياء الجثة الهامدة. 

جريدة مثل "الميدان" ـ المتوقفة منذ 2013 ـ قُدِّم منها 15 اسمًا دفعة واحدة! و"العامل المصري" التي تصدر عن حزب الأحرار ـ الحزب نفسه لا وجود له ولا لجريدته.!

ما هذه إذا؟ محاولة اجتياح للنقابة بالقوة الناعمة للإضراب والاعتصام، وبالضجيج الممنهج، تمهيدا لتسوية وضع لا يستقيم بأي معيار مهني. لا أوراق قانونية، ولا ملفات مكتملة، ولا حتى صحف حقيقية!

الطامة الكبرى أن بعضهم لجأ إلى التحايل السافر: قدم أعمالًا منشورة في مدونات شخصية، ليس في صحيفة مرخصة، ليقنع اللجنة الإدارية بجدارة ملفه. فهل أصبحت النقابة "نقابة للمدونين"؟!

من بين هؤلاء مَن سبق ورفض قيده، فرفع جنحة ضد النقيب لعدم تنفيذ القرار، وانتهى الأمر بالبراءة، ليعود الآن بطلب جديد دون أن يتغير أي شيء سوى التاريخ على الورق.

الحديث هنا ليس عن تنكيل بأحد، بل عن مهنة تذبح على أيدي من لم يمارسوها، ويريدون بطاقات عضوية تُستخدم للتفاوض والتمرير، لا للعمل الصحفي، فكيف يستقيم أن يُدرج أحدهم في الجداول بوصفه "صاحب عمل"، بينما لا توجد صحيفة ولا موظفين ولا حتى أرشيف محترم؟

رئيس لجنة القيد بالنقابة قالها بوضوح: النقابة ليست مؤسسة للمجاملات، ولن يكون القيد بالإضراب، كما لن يكون الحبل وسيلة ضغط على لجنة القيد.

مطلوب الآن موقف حاسم من الجمعية العمومية. مراجعة اللوائح وتغير القانون ضرورة ، لكن حماية النقابة من التحايل والمصالح الشخصية أولى، لأن السؤال الذي يجب أن نطرحه بجدية: هل نريد نقابة للصحفيين؟ أم نادٍ اجتماعيا يضم من شاء وقتما شاء، على طريقة "أي حد  يشاور  يركب "!؟

لابد من تعديل القانون فورا لالغاء القيد الاستئنافي لأن أصبح بالفعل خطر يؤثر علي المهنة نفسها وربنا علي دعم الدولة للصحفيين مستقبلا !!

search