الأحد، 20 أبريل 2025

04:24 ص

الكاتبة شيرين وحيد
A A

لست وحدك.. هذه القصة لك

في هذا النص ستكون على موعد مع رحلة داخل تفاصيل الانكسار الإنساني، حيث تكتشف كيف يمكن للذكاء العاطفي أن يكون طوق نجاتك وسط الألم . ستقرأ قصة قصيرة تمس مشاعر كل من مرّ بانتهاء علاقة، وتُلقي الضوء على تلك اللحظة التي تقف فيها على أطلال ما كان.. لتدرك في النهاية أن ما ينكسر بداخلك أحيانًا، هو ما يفتح لك أبوابًا جديدة للنضج والحياة.

الكوب المكسور 

(عن الأشياء التي تنكسر… ولا ننكسر معها)
الذكاء العاطفي ( Emotional intelligence) لا يعني أن نكون دائمًا أقوياء بل أن نفهم مشاعرنا ونحتويها. أن نمرّ بالألم بوعي، ونصادق ما نشعر به لا لنهرب منه، بل لنُعيد اكتشاف أنفسنا من خلاله.

في العلاقات، لا نخسر الآخرين فقط.. بل نخسر جزءًا من أنفسنا معهم لكن الذكاء العاطفي هو ما يمنحنا القوة لنلملم ما تبقى ونُعيد تشكيل أرواحنا ونُحبّ أنفسنا ونحن لا نزال نُعيد بناء ما كُسر بداخلنا.

القصة التالية ليست مجرد حكاية، بل مرآة قد يرى القارئ فيها نفسه، أو شخصًا يعرفه.

"كانت تُنظّف المطبخ حين سقط الكوب من يدها وتهشّم على الأرض. للحظة، توقّف الزمن. لم تُسرع في جمع القطع كما تفعل دائمًا، بل وقفت تنظر إلى الزجاج المتناثر وكأنها ترى قلبها هناك، منثورًا على الأرض.

لم يكن كوبًا عاديًا، كان “كوب النجاة”، كما أحبّت أن تُسميه، عندما اشترته في أول نزهة لها بعد الطلاق. لم تخبر أحدًا وقتها أن قلبها كان ينهار في صمت وأن الضحكة التي أطلقتها في الكافيه لم تكن صادقة تمامًا، بل كانت محاولة لتقول للعالم : "أنا بخير"، حتى لو لم تُصدّق هي نفسها.

والآن، انكسر.

جلست على الأرض، لا لتجمع الشظايا، بل لتلتقط ما تفتّت في داخلها.
الذاكرة خادعة… تُعيدنا لأماكن أردنا نسيانها، ولوجوهٍ ظننا أننا تجاوزناها.

مرّت أمام عينيها مشاهد كثيرة :
صمتٌ طويل في ليالٍ باهتة ، أحاديثٌ لم تكن أحاديث، بل محاولات للبقاء في علاقة منتهية. دموع خبّأتها عن أطفالها، وقرارات أجّلتها طويلًا حتى لم يتبقّ منها شيء سوى الرحيل.

تذكّرت صديقتها وهي تقول :
“الذكاء العاطفي ليس أن تهربي من ألمك، بل أن تواجهيه، وتختاري كيف تتعاملين معه، دون أن تدعيه يسرق منكِ قوتك.”

لم تفهم ، لكنها الآن تفهم جيدًا.

مدّت يدها تلتقط قطعة من الزجاج، انعكس فيها وجهها.. لم تكن نفس المرأة التي كانت قبل عام. كانت مرهقة، نعم لكن في عينيها نظرة مختلفة: ليست نظرة انكسار بل نظرة امرأة عرفت نفسها بعد أن فقدت كل شيء.

همست لنفسها:
“كل الأشياء قابلة للانكسار.. لكن ليس من الضروري أن ننكسر معها يمكننا أن نُكمل رغم النقص وأن نُحبّ أنفسنا ونحن لا نزال نُعيد بناء ما كُسر بداخلنا.”

جمعت الشظايا بهدوء وضعتها في صندوق صغير وكتبت عليه:
"هذا ما تبقّى من الألم.. والبداية"

لم تبكِ. ولم تبتسم. لكنها، وللمرة الأولى منذ وقت طويل، شعرت أنها صادقة مع نفسها تمامًا.

الانفصال ليس نهاية الحياة.. بل هو بداية جديدة للبحث عن السلام الداخلي. من يملك الذكاء العاطفي، لا يهرب من الألم، بل يمرّ به، ويخرج منه أقوى، وأقرب لنفسه.

أمل أخير:
إن كانت جراحك قد بدّلت ملامحك، وغيّرت صوتك من الداخل فلا تحزن. أنت لم تخسر نفسك، بل وجدت النسخة التي خُلِقت من تحت الركام . تلك الروح التي صمدت، ونجت، وبدأت من جديد.
ابتسم ، ليس لأن الألم مضى، بل لأنك تجاوزته. لأنك الآن تكتب صفحة جديدة، لا يُمليها أحد، صفحة أنت فيها أكثر وعيًا، أكثر رحمة بنفسك، وأكثر استحقاقًا لحياة تُشبهك.

search