الخميس، 24 أبريل 2025

06:27 ص

بعد أزمة التسعير ومستحقات الفلاحين.. هل يشهد 2025 انخفاضا في زارعة القطن؟

موسم جني القطن 2024

موسم جني القطن 2024

محمد لطفي أبوعقيل

A .A

يشهد قطاع القطن في مصر أزمة متفاقمة تهدد استمرارية زراعته خلال الموسم التسويقي 2024-2025، في ظل انخفاض الأسعار العالمية وتراجع العائد الاقتصادي للمزارعين. 

فقد تراجع سعر تصدير القطن المصري بنسبة 23.5%، ليصل إلى 130 سنتًا للبرة، مقارنة بـ170 سنتًا في بداية الموسم، بينما لم يتجاوز السعر العالمي للقنطار 8000 جنيه، أي ما يعادل حوالي 165 دولارًا، وهو أقل بكثير من سعر الضمان المحلي البالغ 10 آلاف جنيه في الوجه القبلي و12 ألف جنيه في الوجه البحري. 

كما سجلت صادرات القطن انخفاضًا بنسبة 33%، بعد تصدير 20 ألف طن فقط، مقارنة بـ30 ألف طن في الموسم السابق، وفقًا لما أعلنته شعبة القطن باتحاد الغرف التجارية. 

تعكس هذه المؤشرات أزمة حادة في أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية في مصر، وتطرح تساؤلات حول مستقبله واستمرارية زراعته في ظل المعطيات الراهنة.

انخفاض المساحة المزروعة

وقال وكيل معهد بحوث القطن، الدكتور مصطفى عمارة، إن هناك توقعات بانخفاض المساحة المزروعة من القطن هذا العام لموسم 2025 في مصر بنسبة تتراوح ما بين 40 إلى 50٪، موضحًا أن المساحة المزروعة خلال العام الماضي بلغت حوالي 315 ألف فدان على مستوى الجمهورية.

وأضاف عمارة في تصريحاته لـ"تليجراف مصر"، أن المساحة المتوقع زراعتها هذا العام قد تصل إلى نحو 175 ألف فدان، في حين أن المستهدف زراعته يبلغ نحو 240 ألف فدان.

وأوضح أن هذا الانخفاض يعود إلى أزمات واجهها المزارعون خلال الموسم الماضي، كان أبرزها تأخر وصول بذور القطن إليهم من الجمعيات الزراعية، ما أدى إلى تأخر الزراعة، وهو ما تسبب في مشكلات لاحقة وانخفاض في الإنتاجية، كما أن الدولة لم تعلن سعر ضمان لمحصول القطن لموسم 2025.

وكيل معهد بحوث القطن، الدكتور مصطفى عمارة

وأضاف: "نحن نحاول التغلب على هذه التحديات من خلال التوصيات الفنية والمعاملات الزراعية التي نقدمها للمزارعين".

انخفاض متوسط إنتاجية الفدان

وأشار أيضًا إلى أن التقلبات الجوية، التي تُعد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، تسببت في إصابات حشرية وارتفاع مستويات الرطوبة، ما أثر سلبًا على الإنتاجية، وقد أدى ذلك إلى انخفاض متوسط إنتاجية الفدان على مستوى الجمهورية من قنطار إلى قنطار ونصف، بحسب المناطق المتأثرة.

وتابع، كذلك الانخفاض الكبير في الأسعار العالمية للقطن أثناء موسم البيع، حيث بلغ سعر القنطار 8000 جنيه فقط، وهو أقل من سعر الضمان الذي حددته الدولة والذي يبلغ 10 آلاف جنيه للقنطار في الوجه القبلي و12 ألفًا في الوجه البحري، ونتيجة لذلك، امتنع التجار والشركات عن شراء المحصول المحلي بسبب ارتفاع تكلفته مقارنة بالسعر العالمي.

المزارع هو الضحية الوحيدة

وأضاف، طلب التجار أن يشتروا القطن بالسعر العالمي، أي 8000 جنيه للقنطار، وأن تتحمل الدولة الفارق (2000 جنيه) دعمًا للمزارع، موضحًا أن هذا الأمر كلف الدولة ما بين 3 إلى 4 مليارات جنيه دون أن تحقّق فائدة حقيقية، بينما المزارع هو الضحية الوحيدة، حيث أنه بذل جهدًا كبيرًا طوال الموسم، وعانى من تأخر التقاوي والأسمدة وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، إلى جانب ضعف الإنتاج بسبب التغيرات المناخية، حيث أن الفدان يكلّف حوالي 45 ألف جنيه، وينتج في المتوسط نحو 6 قناطير، أي ما يعادل 60 ألف جنيه، لتكون الأرباح 15 ألف جنيه فقط بعد ستة أشهر من العمل، لذلك ندفع الباحثين إلى رفع الإنتاجية إلى 10 قناطير للفدان، ولكن دون جدوى بسبب تأخر صرف المستحقات.

عامل يجني القطن

وبيّن أن الدولة تدخلت لحل الأزمة وقامت بشراء جزء من المحصول، رغم أن الشركات كانت هي المفترض أن تقوم بالشراء، متابعًا "الشركات طلبت قروضًا وتسهيلات، بل حاولت الاستفادة من مبادرات التمويل بنسبة 5% و10%، وهو ما لا يحق لها، إذ أن هذه المبادرات مخصصة للمشروعات الإنتاجية وليس التجارية".

مليارات الجنيهات

ونتيجة لذلك، لم تشترِ الشركات القطن في المزادات، فقامت الدولة بشراء نحو ثلثي الكمية، بينما اشترت الشركات الثلث فقط، مشيرًا إلى تأخر الشركات في سداد مستحقات المزارعين، مؤكدًا أن اللوائح تنص على مصادرة تأمين الشركة ومنعها من دخول المزادات في حال امتناعها عن الدفع. 

وأوضح أن قيمة التأمين تبلغ مليون جنيه فقط، في حين أن قيمة المحصول تُقدّر بمليارات الجنيهات.

وذكر أن المساحة المزروعة في الموسم الماضي أنتجت حوالي مليون ونصف قنطار، تم بيع مليون و100 ألف منها، إلا أن 90% من الكمية المباعة لم تُسدّد مستحقاتها، بينما بقي نحو 460 ألف قنطار دون بيع، موضحًا أن رئيس مجلس الوزراء كشف الحكومة ستشتري الكمية المتبقية، على أن يتم سداد مستحقات المزارعين خلال أسابيع، بعد ضغط كبير.

 سعر القطن

من جانبه، قال نقيب الفلاحين حسين أبو صدام إنّه رغم الجهود الكبيرة التي قامت بها الحكومة في الفترة الأخيرة للنهوض بزراعة القطن، إلا أن التضارب الذي حدث في سعر القطن هذا العام تسبب في حالة من البلبلة بين مزارعي القطن خلال الموسم الماضي.

وقال إن التسعير العالمي كان أقل من سعر الضمان الذي حددته الحكومة؛ إذ وضعت الحكومة سعرًا قدره 12 ألف جنيه للقنطار في محافظات الوجه البحري، و10 آلاف جنيه للوجه القبلي.

وأوضح أبو صدام في تصريحاته لـ"تليجراف مصر" أن السعر العالمي لم يتجاوز 8 أو 9 آلاف جنيه للقنطار، مما أدى إلى حدوث العديد من الأزمات، إذ وعدت الحكومة المزارعين بالحصول على مستحقاتهم وفقًا لسعر الضمان، إلا أنهم لم يحصلوا على مستحقاتهم حتى الآن، لذلك، من المتوقع أن تنخفض المساحة المزروعة بالقطن هذا العام بسبب قلق المزارعين من تكرار نفس الأزمات.

نقيب الفلاحين حسين أبو صدام

الحكومة قد تتراخى

وأضاف أن زراعة القطن في مصر لا تُشكّل عاملًا مؤثرًا في التسعير العالمي، نظرًا لانخفاض المساحات المزروعة منذ فترة طويلة، حيث كانت أكبر مساحة زُرعت بالقطن خلال السنوات الماضية حوالي 350 ألف فدان، في حين كانت المساحات المزروعة في التسعينات لا تقل عن 2 مليون فدان.

وأشار إلى أن التنبؤ بسعر القطن عالميًا أصبح صعبًا، خصوصًا مع الاضطرابات في الاقتصاد العالمي منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن عدم اليقين بشأن سعر المحصول يدفع المزارعين للعزوف عن زراعته.

وأشار إلى أن الحكومة قد تتراخى في زراعة مساحات كبيرة من القطن هذا العام حتى لا تتحمل عبئًا ماليًا كبيرًا لدفع الفارق في الأسعار، ولذلك قد تترك المزارعين دون تحفيز، وتمنحهم حرية القرار في ما إذا كانوا يرغبون في زراعة المحصول أم لا.

search