الجمعة، 22 نوفمبر 2024

02:14 م

تعويم الجنيه.. هل حانت ساعة الصفر؟

صورة لسهم منخفض على خلفية من أوراق الـ50 جنيهًا

صورة لسهم منخفض على خلفية من أوراق الـ50 جنيهًا

ولاء عدلان

A A

طرح إعلان الحكومة عن حزمة ضخمة للحماية الاجتماعية يبدأ تنفيذها اعتبارًا من مارس المقبل تساؤلات عدة عن حسم ملف تحريك سعر الصرف وخفض قيمة الجنيه، وهل اقترب الوقت؟ أم أن الأمر مستبعد في الوقت الحالي مع تغير أولويات الحكومة واتفاقها مع صندوق النقد الدولي.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي معتصم الشهيدي، إن ربط السوق المحلية بين توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة بتنفيذ حزمة حماية اجتماعية بقرابة 180 مليار جنيه، وقرب تحريك سعر الصرف ليس بالضرورة أن يكون في محله نظرًا لنفي هذا الاحتمال على لسان عدد من المسؤولين. 

مواجهة الغلاء

وأضاف الشهيدي أن حزمة الحماية الاجتماعية هدفها الأول تخفيف حدة الأعباء المعيشية عن الفئات الأكثر استحقاقًا لدعم الدولة عبر رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات وغيرها من الإجراءات، أما بالنسبة لقرار تحريك سعر الصرف أو التعويم فقط لا يكون مطروحًا حاليًا مشيرًا إلى أن مثل هذا القرار يتطلب توفير حصيلة دولارية تتراوح بين 15 و25 مليار دولار لتعزيز قدرة البنك المركزي على الدفاع عن قيمة الجنيه حال تعرضه لمضاربات بعد خفض قيمته. 

فيما رأى رئيس استراتيجيات الأسهم لدى ثاندر لتداول الأوراق المالية عمرو الألفي أن إجراءات مثل رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، ورفع حد الإعفاء الضريبي للعاملين بالدولة والقطاع الخاص بـ33%، وزيادة المعاشات 15%،  من شأنها تخفيف الضغوط التضخمية التي نجمت عن ارتفاع أسعار مجموعة من الخدمات والسلع في بداية العام الحالي. 

الأولوية للتضخم

وقال الألفي إنه وفقا لتصريحات مسؤولي صندوق النقد الدولي الأخيرة هناك توجه لرفع قيمة التمويل الممنوح للقاهرة مع إعطاء الأولية للسيطرة على التضخم وحماية الفئات الأكثر هشاشة وليس لمرونة سعر الصرف، موضحًا أن معدلات التضخم ستظل مرهونة بسعر الدولار في السوق الموازية، الأمر الذي قد يدفع خلال الفترة المقبلة باتجاه تحريك تدريجي لسعر الصرف (خفض لقيمة الجنيه) تزامنًا مع بدء استلام أموال الصندوق وارتفاع الحصيلة الدولارية للدولة.

الباحث الاقتصادي الدكتور محمد شادي، بدوره استبعد أن يتحرك البنك المركزي خلال هذه الفترة باتجاه خفض جديد لقيمة الجنيه، لاسيما مع زيادة حرص صندوق النقد على تعزيز مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات الناجمة عن حرب غزة وهجمات البحر الأحمر التي أضرت كثيرا بإيرادات قناة السويس. 
وبحسب تصريحات للمحلل الاقتصادي لدى بنك جولدمان ساكس فاروق سوسة لوكالة رويترز مطلع هذا الشهر، فقرار خفض قيمة الجنيه ليس وشيكًا كما يتوقع الكثيرون، وقد يستغرق بعض الوقت كونه يتطلب سيولة مرتفعة من النقد الأجنبي ويتطلب الانتهاء أولًا من المفاوضات مع صندوق النقد بشأن التمويل الإضافي.

رفع قيمة القرض

ومن جانبها قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، نهاية الأسبوع الماضي إن مفاوضات الصندوق مع مصر وصلت إلى مراحلها الأخيرة لرفع قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 والبالغ 3 مليارات دولار لتخفيف التحديات الناجمة عن حرب غزة، موضحة أنه جرى الاتفاق مع الحكومة المصرية على استهداف احتواء التضخم خلال الفترة المقبلة. 

مديرة صندوق النقد ووزير المالية محمد معيط


خفض وشيك للجنيه 

فيما أوضح مدير الاستثمار بشركة إنترناشيونال لتداول الأوراق المالية الخبير الاقتصادي حسام عيد أن حزمة الحماية الاجتماعية المعلن عنها تعد الأحدث ضمن سلسلة من زيادات الحد الأدنى للأجور والمعاشات منذ 2022، وقد تكون خطوة استباقية لامتصاص الموجة التضخمية التي ستصاحب أي خفض جديد لقيمة الجنيه على غرار ما حدث في العامين الماضيين عندما خفض المركزي قيمة العملة بواقع 3 مرات متتاليات الأمر الذي دفع التضخم الأساسي إلى مستويات تاريخية تجاوزت 40% في فبراير 2023.
وتابع أن هذه الحزمة إلى جانب قرار المركزي برفع سعر الفائدة بواقع 2% دفعة واحدة مطلع هذا الشهر وقرب توصل الحكومة لاتفاق مع صندوق النقد بشأن زيادة التمويل، جميعها مؤشرات تؤكد قرب تحريك سعر الصرف، مضيفًا قد نشهد تحريكًا لسعر الصرف مطلع الأسبوع المقبل. 
لكن عيد استدرك قائلًا إن الخفض الجديد للجنيه مقابل الدولار سيكون محدودًا بمعنى أن المركزي قد يقدم على خفض الجنيه إلى مستويات 37 جنيهًا للدولار نزولًا من مستواه الرسمي الحالي 30.9 جنيه للدولار (السعر في السوق الموازية يتراوح بين 62 و65 جنيهًا للدولار الواحد). 

هذا الرأي اتفق معه الخبير الاقتصادي الدكتور هاني جنيه، موضحًا أن تحريك سعر الصرف المرتقب خلال هذه الفترة سيكون بنسبة بسيطة وتدريجيًا حتى نصل بنهاية العام إلى المستوى المطلوب لتضيف الفجوة مع السوق الموازية. 
وفي وقت سابق توقع كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة لدى بلومبرج زياد داود في تصريحات لتلفزيون الشرق؛ أن تحصل مصر على تمويل من صندوق النقد بحدود 10 مليارات دولار دون الالتزام بشرط تعويم الكلي للجنيه، في ظل ارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري بسبب هجمات البحر الأحمر التي كلفت الدولة حتى الآن قرابة 300 مليون دولار، لكنه توقع أن يجري تحريكًا لسعر الصرف وليس تعويمًا كاملًا ليصل الدولار رسميًا بنهاية العام إلى 50 جنيها للدولار الواحد. 

search