الأحد، 27 أبريل 2025

11:49 م

رُوت بدماء الأجداد ومولها الأحفاد.. إيرادات قناة السويس المليارية تصفع ترامب

قناة السويس

قناة السويس

فتحت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول رغبته في عبور سفن الولايات المتحدة قناة السويس مجانًا، مدعيًا دور بلاده في شق القناة وكذلك دورها الاستراتيجي في العالم، الباب حول مدى أهمية هذا الرابط الحيوي بين دول العالم، وما تعود به من إيرادات مالية هامة للدولة المصرية.

قناة السويس التي شُقت واُرتوت بدماء المصريين، وأُعلن افتتاحها في 17 نوفمبر 1869، في عهد الخديوي سعيد باشا، كانت أمريكا قد تأسست من 86 عامًا، حيث تأسست في 4 يوليو 1776،  (أي كانت دولة حديثة العهد)، تعاني ويلات الحروب الأهلية والأزمات الاقتصادية.

وبكلمات تاريخية أطلقها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، في خطابه يوم 26 يوليو 1956، أعلن تأميم قناة السويس، لتصبح ملكًا للشعب المصري، قائلًا: ""هذه أموالنا ردت إلينا.. هذه حقوقنا التى كنا نسكت عليها عادت إلينا".

القرار الذي لا يزال يشكل نقطة تحول فارقة في التاريخ المصري الحديث، إذ من هنا بدأت رحلة الإيرادات الاقتصادية لقناة السويس، التي ظلت ركيزة مهمة للاقتصاد المصري طوال العقود التي تلت.

وفي التقرير التالي تستعرض “تليجراف مصر” إيرادات قناة السويس منذ إعلان تأميمها وحتى تطويرها في عام 2014…

التأميم وبداية العوائد المالية

في السنوات الأولى بعد التأميم، كان دخل قناة السويس أكثر من مجرد مصدر إيرادات، بل رمزًا للسيادة الاقتصادية والسياسية لمصر.

وفي عام 1957، كانت الإيرادات تبلغ حوالي 35 مليون جنيه مصري (ما يعادل في ذلك الوقت حوالي 100 مليون دولار)، وذلك وفقًا لخطاب الرئيس الراحل عبدالناصر.

وهذا الدخل كان يمثل حوالي 3.5% من إجمالي الناتج المحلي المصري في تلك الفترة، وهو رقم ضخم مقارنة بحجم الاقتصاد وقتها.

إغلاق القناة في 1967

إغلاق قناة السويس بعد حرب 1967، كان له تأثيرًا مباشرًا على الاقتصاد المصري، إذ أن توقف حركة التجارة عبر القناة أثر سلبًا على الإيرادات التي كانت تمثل جزءًا كبيرًا من عوائد الدولة.

وفي 1975، بعد إعادة افتتاح القناة استأنفت الإيرادات نموها تدريجيًا، وكان دخل القناة في هذا العام يبلغ حوالي 400 مليون دولار، وبذلك بدأت القناة في استعادة مكانتها كمصدر رئيسي للعوائد المالية.

نمو الإيرادات في العقود الأخيرة

خلال فترة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، تزايدت حركة الملاحة بشكل ملحوظ بفضل التطور الكبير في حجم التجارة العالمية، خاصة مع تزايد حركة الشحن الجوي والبحري.

وفي عام 2000، سجلت قناة السويس إيرادات بلغت أكثر من مليار دولار، وهو ما يعكس الانتعاش الكبير في حركة التجارة الدولية في تلك الفترة.

مشروع قناة السويس الجديدة

وفي عام 2014، أطلقت مصر مشروع توسيع قناة السويس، والذي تم تنفيذه في فترة قياسية استمرت لمدة عام، وتم افتتاحه في 6 أغسطس 2015. 

وهذا المشروع كان خطوة استراتيجية لزيادة قدرة القناة على استيعاب السفن العملاقة وتعزيز القدرة على التوسع التجاري، حيث إن هذا المشروع تم تمويله من قبل المصريين أنفسهم عبر شراء شهادات استثمارية، وجذب استثمارات ضخمة.

الأرقام وراء مشروع قناة السويس الجديدة

تكلفة المشروع: بلغت 8 مليار دولار.

زيادة الإيرادات السنوية المتوقعة: كان الهدف هو رفع الإيرادات من 5 مليار دولار إلى 13 مليار دولار بحلول عام 2023.

زيادة القدرة الاستيعابية للقناة: أصبح من الممكن الآن استيعاب 49 سفينة في اليوم بدلًا من 44 سفينة.

التوسع في بناء القنوات الجانبية: مكنت هذه القنوات من تقليل زمن عبور السفن بشكل ملحوظ.

إيرادات القناة في السنوات الأخيرة

في عام 2016، بلغت إيرادات قناة السويس حوالي 5.3 مليار دولار، وفي عام 2017، ارتفعت الإيرادات لتصل إلى 5.5 مليار دولار، وهو ما يعكس استفادة القناة من التوسعات الجديدة وزيادة الحركة الملاحية.

وفي عام 2020، سجلت القناة إيرادات تاريخية بلغت 5.61 مليار دولار، على الرغم من أزمة جائحة كورونا التي أثرت على حركة التجارة العالمية.

وشهدت إيرادات قناة السويس لعام 2021 قفزة كبيرة، حيث وصلت إلى 6.3 مليار دولار، في زيادة تُقدر بحوالي 10% مقارنة بالعام السابق. 

وفي عام 2022، بلغ الدخل 7.9 مليار دولار، وهو أعلى مستوى وصلت إليه الإيرادات منذ تأسيس القناة.

رفع رسوم المرور من قناة السويس

في عام 2014، قررت هيئة قناة السويس زيادة الرسوم بنسبة 5% على السفن العابرة، ثم توالت الزيادات في السنوات التي تلتها، حيث تمت زيادة الرسوم بنسبة تراوحت بين 5 و10%، الأمر الذي كان له تأثير مباشر على الإيرادات، وذلك وفقًا لبيانات رسمية صادرة من هيئة قناة السويس. 

وكانت الزيادة في عام 2017 من أبرز القرارات التي ترافقت مع تطويرات كبيرة في القناة، إذ فرضت الهيئة زيادة تتراوح بين 5 و10% حسب حجم السفن، بما يضمن تكاليف تشغيلية وصيانة أكبر لمواكبة احتياجات السفن الحديثة.

وفي أبريل 2025، أعلنت هيئة قناة السويس، فرض رسوم جديدة لجمع وإدارة المخلفات الصلبة من السفن العابرة، حيث تتراوح الرسوم بين 200 و1200 دولار، حسب حجم الحمولة الصافية للسفينة، كما تم تحديد رسوم إيجار صال ذات محرك بواقع 70 دولارًا للساعة الأولى، و200 دولار لكل ساعة إضافية.

وفقًا للبيانات الرسمية، بلغ متوسط إيرادات قناة السويس نحو 8.2 مليون دولار يوميًا خلال العام المالي 19-2020، مع حمولة صافية للسفن العابرة تصل إلى 2.3 ألف طن، وسفينة واحدة تعبر القناة كل 25 دقيقة.

التصريحات الأمريكية حول قناة السويس

وفي وقت سابق، أشار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى أن السفن الأمريكية لا ينبغي أن تدفع الرسوم الجمركية لعبور قناة السويس، مستندًا إلى ما اعتبره حق السفن الأمريكية في عبور الممرات المائية العالمية بحرية.

إلا أن هذا التصريح أثار ردود فعل قوية في مصر، حيث أظهرت الدراسات أن أي تخفيض في الرسوم قد يؤدي إلى تراجع إيرادات القناة بشكل كبير، وبالتالي التأثير على خزينة الدولة المصرية.

تأسيس أمريكا وعجزها عن تحصيل الضرائب

في عام 1776، أعلن المؤتمر القاري الثاني في فيلادلفيا، استقلال المستعمرات الأمريكية عن بريطانيا، تحت قيادة الجنرال جورج واشنطن خلال الحرب الثورية.

وفي عام 1783، تم تحديد حدود الدولة الجديدة عبر معاهدة السلام، إذ تم تأسيس الاتحاد الذي أنشأ حكومة مركزية، لكنها لم تكن قادرة على ضمان الاستقرار، حيث كانت تفتقر إلى القدرة على جمع الضرائب ولم يكن لديها سلطة تنفيذية.

ويُذكر أنه في 25 أبريل 1859، بدأ دي لسبس حفر قناة السويس في عهد محمد سعيد باشا، إذ واستمر العمل في القناة لمدة عشر سنوات حتى انتهى في عهد الخديوي إسماعيل. 

وفي 17 مايو 1869، سافر إسماعيل إلى أوروبا لدعوة الملوك والأمراء ورؤساء الحكومات، بالإضافة إلى الشخصيات البارزة في السياسة والعلم والأدب والفن، لحضور حفل افتتاح القناة الذي قرر إقامته في 17 نوفمبر 1869، أي أن مع افتتاح قناة السويس، كانت أمريكا قد تأسست من 86 عامًا (أي كانت دولة حديثة العهد).

بداية فرعونية

وبحسب كتب التاريخ، فإن أول من فكّر في ربط البحرين الأبيض والأحمر، بطريق غير مباشر، عن طريق النيل وفروعه هو الفرعون سنوسرت الثالث، من الأسرة الثانية عشرة، وذلك بهدف توطيد التجارة وتيسير المواصلات بين الشرق والغرب.

وقتها كانت السفن القادمة من البحر الأبيض المتوسط تسير في النيل حتى الزقازيق ومنها إلى البحر الأحمر عبر البحيرات المرة التي كانت متصلة به في ذلك الوقت، وما زالت آثار هذه القناة موجودة حتى اليوم في جنيفة بالقرب من السويس.

إعادة شق القناة (610 قبل الميلاد)

في عام 610 قبل الميلاد امتلأت هذه القناة بالأتربة وتكون سد أرضي عزل البحيرات المرة عن البحر الأحمر لافتقارها إلى الصيانة فترة طويلة من الزمان، فبذل الفرعون نخاو الثاني المعروف باسم نيقوس، غاية جهده لإعادة شق القناة، فوفق إلى وصل النيل بالبحيرات المرة ولكنه فشل في وصلها بالبحر الأحمر.

وفي 510 قبل الميلاد اهتم دارا الأول ملك الفرس بالقناة، فأعاد ربط النيل بالبحيرات المرة، غير أنه لم ينجح كسلفه في وصل البحيرات المرة بالبحر الأحمر إلا بواسطة قنوات صغيرة لم تكن صالحة للملاحة، إلا في موسم فيضان النيل فقط.

ويبدأ التاريخ الحقيقي لقناة السويس من فرمان الامتياز الأول وما تلاه من فرمانات مرورًا  بضربة الفأس الأولى في أعمال الحفر وصولاً إلى انتهاء أعمال الحفر (18 اغسطس 1869) والتي توجت بحفل الافتتاح في 17 نوفمبر 1869.

search