أرني سلوت.. "المخنّث" يعتلي عرش أنفيلد من أول مرة

في موسم أول استثنائي على رأس القيادة الفنية لنادي ليفربول، توّج الهولندي أرني سلوت، بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، ليُعيد "الريدز" إلى المجد المحلي بعد غياب، ولقبهم العشرين في البطولة، معادلًا بذلك رقم مانشستر يونايتد القياسي.

وفاز فريق الريدز  على نظيره توتنهام، بنتيجة 5-1، ليحقق لقب البريميرليج لهذا الموسم قبل 4 جولات.

وتستعرض “تليجراف مصر” قصة مدرب ليفربول، أرني سلوت، بعد تحقيقه لقب البريميرليج كالتالي:

يُنظر إلى المدرب سلوت الذي ولد في قرية بيرجينثيم الصغيرة في هولندا، منذ ما يقرب من 47 عامًا، على أنه أحد أفضل المدربين في أوروبا بالوقت الحالي.

بدأ مسيرته الكروية كلاعب مع نادي زفوله الهولندي، وفاز بلقب الدوري معه عام 2002، كما لعب لناديي ناك بريدا وسبارتا روتردام، قبل أن يعود إلى نادي زفوله واختتم مسيرته كلاعب هناك، محققًا لقبًا آخر في الدوري الهولندي عام 2012.

كان يسير مسافة ميل تقريبًا إلى ملعب Sportpark Moscou في قريته، حيث كان يقضي وقتًا في اللعب حتى تم اكتشافه من قبل كشافي نادي زفوله، عندما كان في الثانية عشرة من عمره.

انضم بعدها إلى فريق زفوله تحت إشراف المدرب يان إيفيرس، ولسنوات عدة، كان والده، أريند، يعد من أبرز الشخصيات في المجتمع الهولندي، إذ كان مديرًا لمدرسة في القرية، ويمتلك سمعة كبيرة كلاعب كرة قدم.

كان أريند عضوًا في الفريق الهولندي، الذي كان قريبًا من التأهل لدورة الألعاب الأولمبية، في مونتريال عام 1976.

ملكة جمال

لكن في أيام لعبه الأولى، كان أرني في سن المراهقة يُلقب بـ“ملكة جمال”، وأطلق عليه اسم "Juffrouw Slot" - والذي يُترجم إلى "Miss Slot"، بسبب الطريقة التي لعب بها، وكيف أنه لم يقم أبدًا بتدخل قوي على المنافسين، مما جرّ عليه وابل من الأوصاف المتنمرة، تصل إلى حد “المخنّث”.

كما كان متهمًا بأنه لاعب كرة قدم غير لائق وكسول وبطيء ويرفض أن يتسخ قميصه.

وكان مدرب نادي زفوله في ذلك الوقت، يان إيفرس، أحد أهم الأشخاص في حياة سلوت المبكرة، ولكنه يعترف بأن علاقتهما لم تبدأ بشكل جيد.

وقال المدرب إيفيرس لصحيفة "صن سبورت": “لا أحد يستطيع اللعب بلمسة واحدة مثل أرني، لكن مؤهلاته البدنية، لم يكن سريعًا، طريقة ركضه بدت كسولةً”.

وأضاف “إذا كان الطقس سيئًا، أو كان الملعب موحلًا، كان دائمًا نظيفًا، كان بإمكانك عدم غسل قميصه”.

وتابع "إذا مررت له الكرة، ففي كل مرة تقريبًا، كان يحدث شيء ما، كان يتمتع بتقنية ممتازة، لكنني كنت صريحًا معه، قلتُ له أرني، أنت من أفضل اللاعبين، لكن مشكلتك أن خصمك سيتفوق عليك دائمًا'.

وأكمل "عليك أن تبذل جهدًا كبيرًا في لياقتك البدنية، أنت متساهل جدًا، كسول جدًا، في البداية لم تكن علاقتنا جيدة جدًا لأنه لم يكن يلعب".

وواصل "لذا كان غاضبًا مني، لكنه كان ذكيًا بما يكفي ليفهم السبب، وهو يستغل ذلك الآن، أنا متأكد من أنني غيّرت رأي أرني بشأن كيفية التصرف كلاعب كرة قدم".

وأردف "لكنه كان صبورًا، رأيته يتدرب باجتهاد كبير وقلت لمساعدي، انتظر بضعة أشهر وسيكون أرني هو اللاعب الذي نريده".

استمع سلوت لنصيحة مدربه وأدرك أنه بحاجة إلى أن يصبح أكثر لياقة وديناميكية، وبمجرد أن أثبت نفسه أصبح في التشكيلة الأساسية لفريق المدرب إيفيرس.

مساعد ناجح

تصرف أرني سلوت كمدرب منذ سنواته الأخيرة كلاعب في نادي زفوله، حيث بدأ مسيرته التدريبية بعد اعتزاله في 2013. 

عمل كمدرب للشباب لمدة عام، ثم أصبح مساعدًا لهينك دي يونج في نادي كامبور، قبل أن يتولى المهمة بشكل مؤقت بعد إقالة المدرب ماس في 2016. 

خلال فترة إشرافه، قاد الفريق لتحسين نتائجه، حيث صعد من المركز الرابع عشر إلى الثالث في الدوري، ووصل إلى نصف نهائي كأس هولندا لأول مرة في تاريخه.

في 2017، انتقل إلى ألكمار كمدرب مساعد لجون فان دن بروم، بعد موسمين ناجحين مع الفريق، تولى منصب المدرب الرئيسي في 2019. 

في موسمه الأول، حصد 19 نقطة في أول 8 مباريات بالدوري، وقاد الفريق للوصول إلى دور الـ32 من الدوري الأوروبي، كما حقق فوزًا تاريخيًا على نابولي في الدوري الأوروبي في موسم 2020.

في ديسمبر 2020، تم إقالته من منصبه في ألكمار بسبب اهتمامه المفرط بالتفاوض مع فينورد، ورغم ذلك، سجل سلوت أعلى معدل نقاط في تاريخ النادي الهولندي.

هناك في هولندا

في 15 ديسمبر 2020، أعلن نادي فينورد تعاقده مع أرني سلوت ليصبح مدربًا للفريق بدءًا من موسم 21-2022، خلفًا للمدرب المخضرم ديك أدفوكات.

 خلال موسمه الأول، قاد سلوت فينورد إلى دور الـ16 في الدوري الأوروبي بعد 20 عامًا، ووصل الفريق إلى نهائي البطولة، ليخسر أمام روما 1-0، كما حصل على جائزة رينوس ميشيلز كأفضل مدرب في الدوري الهولندي لعام 2022.

في موسم 22-2023، جدّد سلوت عقده مع فينورد حتى 2025، وقاد الفريق للفوز بلقب الدوري الهولندي لأول مرة منذ 2017، مع تحقيق انتصارات كبيرة في الدوري الأوروبي.

في مايو 2023، قرر البقاء مع فينورد بعد تكهنات حول انتقاله لتوتنهام هوتسبير، كما حصل على جائزة رينوس ميشيلز لأفضل مدرب للمرة الثانية على التوالي.

في موسم 23-2024، خرج فينورد من دوري أبطال أوروبا ومن ثم من الدوري الأوروبي على يد روما، لكن الفريق فاز بكأس هولندا للمرة الرابعة عشر في تاريخه.

على الرغم من الخروج المبكر من البطولات الأوروبية، وصف العديد من الخبراء سلوت كأحد أفضل المدربين في تاريخ فينورد بفضل أسلوبه الهجومي والنتائج الممتازة التي حققها.

تقنيات تدريب ثورية

يقول ماكس ليفلانج، اللاعب السابق تحت قيادة سلوت: “إذا لعبتَ كرةً واحدةً سيئة، كان يوقف الحصة التدريبية ويقول: الكرة التالية يجب أن تكون جيدة، وعندما تفكر تدرك أن هذه هي المعايير صعبة للغاية، وأن المدرب بارعٌ جدًا". 

وتابع: "هذا الإصرار على الكمال في بداية مسيرته التدريبية لم يُصقل أسلوبه فحسب، بل هيأه أيضًا لمراحل أكبر".

وتعد فلسفة سلوت التدريبية قائمة على المهارة الفنية والذكاء التكتيكي، ولكن بلمساته الفريدة التي غالبًا ما تُطور اللاعبين وتُحسّن أدائهم.

كما يفضل أساليب التدريب المبتكرة، بما في ذلك استخدام تقنية الطائرات بدون طيار لتصوير جلسات التدريب، إذ استخدمها لأول مرة في فينورد. مثّل هذا النهج في التدريب وتحليل المباريات كان نقلة نوعية عن الأساليب التقليدية.

يملك سلوت إصرارًا على عدم الاكتفاء بلعب كرة القدم بشكل جيد، بل إلى فهمها بعمق.

عصر جديد في ليفربول

مع توليه دفة القيادة في ليفربول، لا يقتصر سلوت على عبقريته التكتيكية فحسب، بل يمتلك أيضًا سجلًا حافلًا في تطوير اللاعبين والفرق.

رحلته من زفوله إلى ملاعب الدوري الإنجليزي الممتاز الصاخبة، ليست مجرد تطور في مسيرته المهنية، بل هي شهادة على رؤيته ومثابرته.

وبدأ سلوت مشواره مع ليفربول بفوز 2-0 على إيبسويتش تاون، في الدوري الإنجليزي الممتاز، ليصبح أول مدرب منذ جيرارد هولييه يحقق هذا الانتصار في أول مباراة له.

وفي مباراته الثالثة، فاز 3-0 على مانشستر يونايتد في أولد ترافورد، ليصبح ثاني مدرب في تاريخ النادي يحقق هذا الإنجاز.

واستمر الهولندي في تحطيم الأرقام، ليصبح أول مدرب في الدوري الإنجليزي الممتاز، يحقق ست انتصارات متتالية خارج أرضه.

في نوفمبر 2024، قاد ليفربول للفوز 2-0 على ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، منهيًا سلسلة من 15 عامًا بدون انتصار ضد حامل اللقب الأوروبي.

وفي الشهر نفسه، فاز بجائزة مدرب الشهر في الدوري الإنجليزي الممتاز. مع بداية عام 2025، كان ليفربول متصدرًا للدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، وبلغ نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية، رغم خسارته 2-1 أمام نيوكاسل يونايتد.

في 27 أبريل 2025، حقق ليفربول أول ألقابه في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 19-2020 تحت قيادة سلوت، ليصبح خامس مدرب في تاريخ الدوري الإنجليزي يفوز باللقب في موسمه الأول مع الفريق.

ورد الهولندي الجميل إلى الألماني يورجن كلوب، ليغني له مدرب نادي ليفربول، في أمسية التتويج، بعد أن رحب به الألماني على طريقته الخاصة، عندما حرّف الهتاف المخصص له من جماهير ليفربول، ليجعله مناسبًا للهولندي.

أفضل من كلوب

قال رئيس نادي بيرجنثايم، بيرت نيجينهويس، في القرية التي نشأ فيها، والذي لعب مع أرني سلوت طوال عقود، وعبّر عن فخره الكبير بابن قريته: "أرني ذكي، واسع المعرفة، قوي تكتيكيًا، ويتمتع بقلب كروي كبير". 

وتابع: "كما أن لديه أخلاقيات عمل قوية ومنضبط، وقادر على تحسين أداء اللاعبين"، مضيفًا أن سلوت نشأ تحت إشراف والده، الذي كان مدربه، ورافقه في اجتماعات الفريق منذ صغره.

ورغم التكهنات حول بناء تمثال لسلوت في القرية الهولندية بعد فوزه بالدوري الإنجليزي، رفض نيجينهويس الفكرة، قائلاً: "أرن رجل متواضع ولا يهتم بالتماثيل".

فيما يخصّ أسلوب التدريب، أكد إيڤرس أن فلسفة سلوت تركز على تحضير اللاعبين عقليًا للمباريات، وهو ما أظهره خلال فتراته كمساعد في أندية كامبور وألكمار.

كما قاد سلوت فينورد إلى نهائي الدوري الهولندي 2022، وفاز بلقب الدوري في 2023، ما جعله هدفًا رئيسيًا لليفربول، مؤكدًا أنه مدرب أفضل من كلوب.

وأتم نيجينهويس بأن أمنيتهم الكبرى هي أن يشهدوا مباراة بين ليفربول وفريق بيرجنثايم في قريتهم، رغم صعوبة تحقيق ذلك.