الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:53 م

"مؤشر الجنيه".. جزء من الحل أم مسار بديل للتعويم؟

عملات مصرية وأجنبية

عملات مصرية وأجنبية

ولاء عدلان

A A

حملت الأيام الماضية مؤشرات جديدة عن قرب إعلان تفاصيل الاتفاق الجديد بين القاهرة وصندوق النقد الدولي، ما عزز توقعات الأسواق بشأن حسم ملف سعر الصرف قريبًا ليطفو على السطح مجددًا الحديث عن مؤشر الجنيه المصري باعتباره جزءًا من الحل.. فماذا تحمل الأيام المقبلة للجنيه المثقل بالأزمات؟

 
الخبير الاقتصادي، حسام عيد، قال إن البنك المركزي يدرس منذ نهاية 2022 خطوة استحداث مؤشر للجنيه وكان من المتوقع أن يقدم على هذه الخطوة خلال العام الماضي، إلا أن ذلك لم يحدث، رغم تأكيدات المركزي بأن الخطوة تستهدف تعزيز تنافسية الجنيه وفك الارتباط بالدولار.

خطوة مطلوبة

وأوضح عيد أن المقصود بالمؤشر هو تحديد قيمة الجنيه أمام سلة من العملات الرئيسية، وليس مقابل الدولار فقط كما هو الآن، بما يضمن الوصول إلى قيمته العادلة ويمهد الطريق أمام جذب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية المترددة في دخول السوق المصرية بسبب وجود  أكثر من سعر للدولار. 
وتابع أن استحداث المؤشر في الوقت الراهن يعد خطوة مهمة للغاية كجزء من شرط مرونة سعر الصرف الذي تبدي إدارة صندوق النقد تمسكا به، مشيرًا إلى أن سرعة إطلاق المؤشر في هذا التوقيت تحديدًا من شأنها تضييق الفجوة بين السعر الرسمي للدولار البالغ 30.9 جنيه للدولار وسعره في السوق الموازية (64.7 جنيه للدولار).
وأضاف أن تضييق هذه الفجوة سيسمح للمركزي بتحريك سعر الصرف (خفض قيمة الجنيه) بنسبة بسيطة قد تصل بالسعر الرسمي إلى 37 جنيها للدولار، دون الحاجة لخفض عنيف أو تعويم كامل وبالتبعية الوفاء بشروط صندوق النقد، الأمر الذي يقود إلى انفراجة في الأزمة الراهنة.
وتتفاوض الحكومة حاليًا مع إدارة الصندوق لرفع قيمة قرض الـ3 مليارات دولار المتفق عليه نهاية 2022 إلى مبلغ يتراوح بين 7 و12 مليار دولار، وبحسب تصريحات لمديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا مطلع الأسبوع الحالي، التمويل الإضافي للقاهرة سيكون بحجم كبير، وفق عدة شروط أهمها كبح التضخم واعتماد سعر صرف مرن وليس تعويمًا كاملًا للعملة (أي ترك سعر الجنيه للتحرك وفق قواعد العرض والطلب من دون تدخل من المركزي). 

تعزيز أداء الجنيه 

وتوقع حسام عيد أن يعزّز إطلاق المؤشر أداء الجنيه مقابل الدولار بعد تراجعه الحاد طوال العامين الماضيين، ويخفف من ضغوط السوق الموازية، إضافة إلى زيادة جاذبية السندات المصرية، خصوصًا تلك الصادرة بالعملات التي سيشملها المؤشر.
واتفق معه رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية الخبير الاقتصادي، عادل عامر، مضيفًا أن إطلاق مؤشر للجنيه المصري يعد خطوة إيجابية للغاية لتجنيب الدولة مسار التعويم وما قد يخلفه من أعباء تضخمية جديدة، وأشار إلى أن مصر حاليا لديها عدة نقاط قوة تمكنها من إطلاق مؤشر الجنيه لاسيما بعد توسعها في اتفاقيات مبادلة العملات مع عدد من الدول خلال الفترة الأخيرة وانضمامها رسميا لعضوية مجموعة البريكس مطلع العام الجاري. 
وأوضح أن المجموعة تضم كبار الشركاء التجاريين لمصر وأبرزهم الصين والهند وروسيا والإمارات، بالتالي يمكن للدولة أن تطلق مؤشرًا للجنيه مقابل سلة من العملات تضم الدولار واليورو إلى جانب عملات دول البريكس، بما يسهم في تخفيف الضغط على الدولار، لا سيما مع حقيقة اعتماد مصر على الاستيراد لتأمين غالبية احتياجاتها من السلع الأساسية. 
وبحسب تصريحات سابقة لمصادر مطلعة تكلمت لصحيفة “الشرق الأوسط” الشهر الحالي، يقترب المركزي خلال هذه الفترة من الانتهاء من تطوير مؤشر للجنيه مقابل سلة عملات أبرزها الدولار واليورو الين واليوان، وسط توقعات بالإعلان عن المؤشر بالتزامن مع الإفصاح عن تفاصيل الاتفاق الجديد بين القاهرة وصندوق النقد. 

شركات الصرافة

هيمنة الدولار

وأشار عامر إلى أن إطلاق مؤشر للجنيه سيعزز تنافسية الجنيه إلى جانب تحريره من التبعية للدولار الأمريكي تدريجيًا، وتحديد قيمته وفق ما تقتضية المصلحة المصرية اقتصاديًا وتجاريًا. 
من جانبه، يرى الخبير المصرفي أحمد شوقي، أن إطلاق مؤشر للجنيه سيسمح بتحديد قيمة الجنيه وفق سلة تضم مجموعة من العملات بأوزان نسبية تحدد في ضوء علاقات مصر مع الشركاء التجاريين، بالتالي لن يكون أداء العملة الوطنية مرتبطًا بشكل مباشر بحركة الدولار، فلن نشاهدها تتراجع بمجرد ارتفاع مؤشر الدولار عالميًا على غرار ما شهدناه في أعقاب رفع المركزي الأمريكي لأسعار الفائدة منذ مارس 2022، الأمر الذي عزز أداء الورقة الخضراء وأضر بغالبية العملات بما فيها الجنيه.
وخلال عامي 2023 و2022،ـ تراجع الجنيه بنحو 25% و60% على الترتيب، وبحسب شوقي، فإن أي خفض جديد لقيمة الجنيه لن يحل الأزمة الراهنة بقدر ما سيفرض تحديات إضافية وسيترجم على الفور إلى زيادة قوية في معدلات التضخم ورفع لأسعار الفائدة، بالتالي مزيد من الضغط على معدلات النمو الاقتصادي. 

وتواجه مصر منذ عامين أزمة شح دولاري ناجمة عن خروج أموال ساخنة بقرابة 20 مليار دولار منذ 2022، ما دفع احتياطي النقد الأجنبي للتراجع إلى 35.2 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي نزولًا من 40.9 مليار دولار بنهاية 2021، بينما تصل الديون والالتزامات الخارجية التي يجب سدادها هذا العام إلى 42.5 مليار دولار، في وقت قفز سعر الدولار بالسوق الموازية بأكثر من 100% مقابل سعره الرسمي. 

search