السبت، 05 أكتوبر 2024

11:40 ص

مصر والاتحاد الأوروبي.. شراكة وثيقة ودعم تفرضه لغة المصالح

الرئيس السيسي أثناء لقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية

الرئيس السيسي أثناء لقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية

ولاء عدلان

A A

وافقت دول الاتحاد الأوروبي خلال الشهر الحالي على تخصيص دعم مالي إضافي لمصر، لكن دون الإعلان عن قيمة هذا الدعم، إلا أنه وفق تصريحات سابقة لمسؤولي الاتحاد قد يصل المبلغ إلى 10 مليارات دولار.. فهل يمكن لمصر التعويل على شراكتها مع الجار الأوروبي للمساهمة في خروجها من أزمتها الراهنة؟


قال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر إن تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية عالميا وتحديدا استمرار حرب غزة وما تبعها من تصعيد أمني في البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي، فرض عدة تحديات على الساحة العالمية ومحليا أضاف مخاطر جديدة إلى الاقتصاد المصري المأزوم في الأساس.


لغة المصالح

وأضاف عامر أن الاتحاد الأوروبي ليس من مصلحته أن تواجه مصر مزيدا من الأزمات الاقتصادية لعدة أسباب أهمها الدور الإستراتيجي للقاهرة في المنطقة، والشراكة التجارية الواسعة بين الطرفين والعلاقات السياسية الممتدة منذ عقود والتعاون في ملفات في غاية الحساسية كملف الهجرة غير الشرعية.


وتابع أن لغة المصالح تفرض على الاتحاد الأوروبي الوقوف إلى جانب مصر في الأزمة الراهنة، سواء من خلال تقديم دعم مالي مباشر أو ضخ استثمارات جديدة عبر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.


وخلال العام الماضي ضخ البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، استثمارات في السوق المصرية بنحو 1.3 مليار يورو من إجمالي 1.9 مليار يورو هي حجم استثماراته في منطقة جنوب وشرق البحر المتوسط، وخلال العام الحالي جدد البنك التزامه بضخ استثمارات جديدة في مصر وتحديدا في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسياحة الأمر الذي يعكس أهمية مصر لدول الاتحاد.


أكبر شريك

وأشار عامر إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر شريك تجاري لمصر، إذ تتجاوز الصادرات المصرية إلى أسواق أوروبا 15 مليار دولار، كما وقعت مصر مع دول الاتحاد اتفاقا للتجارة الحرة في عام 2002، هذا فضلا عن حجم ضخم من الاستثمارات الأوروبية المباشرة في السوق المحلية بنسبة تتجاوز 30% من إجمالي الاستثمار الأجنبي بمصر.


وتابع أن الاتحاد الأوروبي وفق المعلن عنه نهاية العام الماضي يعتزم استثمار مليارات الدولارات في مصر خلال العام الجاري، هذا فضلا عن احتمالات أن ُيقدم الاتحاد على جدولة ديون مصر لديه للمساهمة في تعزيز مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات الراهنة. 
 

خلال العام الماضي سجلت الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة نحو 9.5 مليار يورو ما يمثل أكثر من 25 % من إجمالي الصادرات المصرية، وذلك بعد أن شهدت طفرة في العام 2022 عندما ارتفعت بقرابة 79% لتسجل 16.3 مليار يورو.

اجتماع سابق لوزير الخارجية مع مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات في يناير 2024


انفراجة متوقعة 

من جانبه توقع الخبير الاقتصادي خالد الشافعي أن تفي بروكسل بتعهداتها الخاصة بضخ دعم مالي إضافي لمصر خلال هذا العام، لا سيما وأن الاتحاد الأوروبي والمؤسسات التابعة له مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يعد من أهم المستثمرين في مصر.

 
وأضاف أن هذا الدعم الأوروبي سيمنح الاقتصاد المصري دفعة إيجابية ستسهم في تخفيف حدة أزمة نقص الدولار المستمرة منذ 2022 لا سيما مع تداعيات حرب غزة التي تبدو واضحة في تراجع إيرادات قناة السويس خلال الفترة الأخيرة.

 
وانخفضت إيرادات قناة السويس خلال يناير الماضي بنحو 46% مع تراجع معدل مرور السفن في القناة بنسبة 36% على أساس سنوي، على خلفية اتجاه شركات الشحن لتغير مسار سفنها باتجاه طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب العبور في البحر الأحمر خشية التعرض لهجمات من جانب جماعة الحوثي عند العبور من مضيق باب المندب قبالة السواحل اليمينة. 


حلحلة متزامنة

مطلع الشهر الجاري قررت قمة دول الاتحاد الأوروبي الموافقة على مخصصات مالية إضافية إلى دول الجوار بما فيها مصر، وذلك ضمن الميزانية الأوروبية للفترة 2021-2027.

ورأى الخبير المصرفي محمد بدرة أن مصر تقترب من الحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد وبمجرد الإعلان عن تفاصيل اتفاقها الجديد مع إدارة الصندوق ستحدث انفراجة متزامنة تتمثل في إعلان الاتحاد الأوروبي عن قيمة هذا الدعم الإضافي وسط توقعات أن يكون بحدود 10 مليارات دولار.

 
وتابع أن أموال الصندوق إلى جانب الدعم الأوروبي ستمنح الحكومة المصرية قدرة أكبر على سد الفجوة التمويلية والتحرك باتجاه العديد من الإصلاحات الاقتصادية والنقدية وفي مقدمتها تحريك سعر الصرف الأمر الذي سيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحسين التصنيف الائتماني للدولة. 


بحسب تقديرات حكومية تتراوح الفجوة التمويلية بين 6 و8 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي، ولديها التزامات خارجية مستحقة هذا العام بنحو 42.3 مليار دولار، وسط أزمة خانقة عنوانها الرئيس نقص موارد الدولار وتراجع الاحتياطي النقدي إلى نحو 35.2 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي من مستويات 40.9 مليار دولار نهاية 2021 .

search