"الفن مخاطرة".. النجوميّة في العيادة النفسية

الفنان أحمد فهمي كان آخر من يمتلك شجاعة الاعتراف باللجوء إلى طبيب نفسي، لينضم بذلك إلى قائمة طويلة من الفنانين الذين أقرّوا بترددهم على العيادات النفسية، وبعضهم خاضوا تلك الرحلة لسنوات طويلة ولم يتعافوا حتى الآن.

يلجأ كثير من النجوم للطبيب النفسي بحثًا عن سلامة صحتهم النفسية.. البعض يعاني بسبب تراكم المشكلات والأزمات الأسرية والاجتماعية، والبعض الآخر يعاني نفسيًا لدرجة قد تصل إلى الاكتئاب بسبب ضغوط المُجتمع وتسليط الأضواء عليهم، أو بسبب كثرة تجسيدهم لشخصيات مُختلفة - قد تكون بالغة التعقيد- ما يخلق لديهم حالة من الانفصال عن الواقع وشخصيتهم الحقيقية.

ولعل أبرز من أعلنوا أخيرا الذهاب لطبيب نفسي، الفنانة غادة عبد الرازق، وإلهام شاهين، وشيرين عبد الوهاب، وأنغام، ومنة شلبي، ومنى زكي، وهند صبري، والقائمة تطول بين النجوم العرب والأجانب أيضًا.. تتعدد الأسباب لكن يظل الطبيب النفسي دائمًا هو الملجأ والملاذ الآمن لهم.

“عُقد طفولة”

أعلنت الفنانة غادة عبد الرازق، أخيرا، أنها تلجأ لطبيب نفسي مُنذ ثلاثين عامًا.

وقالت "يجب أن أجلس وأتحدث مع شخص.. هناك أمور مهما حدث لن أستطيع الحديث عنها مع المقربين مني".

“الطبيب النفسي يصل لمخزون نفسي قد يعود لمرحلة الطفولة، وأنا أتابع مع طبيبي النفسي مُنذ 30 عامًا دون انقطاع وأتناول الدواء بانتظام، وأخبرني الطبيب أن التمثيل زاد من معاناتي النفسية”،.. كانت تلك كلمات غادة عبد الرازق خلال حديثها عن رحلتها في تلقي العلاج النفسي، ببرنامج “معكم” الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي.

الغياب عن الأضواء

الفنانة إلهام شاهين أعلنت أيضًا ذهابها لطبيب نفسي بسبب قلة الأدوار الجيدة التي يتم عرضها عليها للتمثيل، قائلة “كان لدي اكتئاب وذهبت إلى طبيب نفسي، وعندما أحاول الضغط على نفسي والموافقة على أي عمل دون اقتناع لمُجرد التواجد، أدخل في حالة من الاكتئاب".

تضيف إلهام "لكنني في النهاية لا أوافق على هذه الأعمال وأرفضها، فأنا لا يمكنني التنازل، لذلك أتراجع في اللحظات الأخيرة، وهو ما يتسبب في غضب البعض مني”.

تقبيل يد الطبيب

قبل عام ونصف، أعلنت المُطربة شيرين عبد الوهاب ذهابها لطبيب نفسي، وظهرت بصحبته خلال حفلها بقرطاج عام 2022، ووصل الأمر إلى قيامها بتقبيل يده أمام الجمهور!

وعلقت شيرين:"أحب أشكر دكتوري هو اللي عالجني، وقبل أسبوعين قولتله مش هطلع أغني.. قالي هتقدري وأنا هاجي معاكي".

وظهر الدكتور نبيل عبد المقصود الطبيب المعالج الذي كانت تقصده “شيرين” في أكثر من لقاء تليفزيوني متحدثًا حينها عن طبيعة ما تعانيه “شيرين”، قائلًا "شيرين تعاني من مُشكلة اجتماعية كبيرة أثرت عليها وعلى سلوكياتها وردود أفعالها بالانعزال، وكانت تحتاج لمن يساندها ويضعها من جديد على الطريق".

التقمص يؤذي الفنان

وتعقيبًا على هذا الأمر، تحدث الدكتور حسين نجاح الأخصائي النفسي في تصريحات خاصة لـ"تليجراف مصر" عن أبرز العوامل النفسية التي تؤثر على عدد كبير من الفنانين وتدفعهم للذهاب للطبيب النفسي.

قال “نجاح” إنه هناك أكثر من سبب وراء اتخاذ عدد كبير من النجوم لهذا القرار، منها كثرة تجسيدهم لشخصيات مختلفة، وهو ما يؤثر على  الحالة النفسية للفنان الذي يعيش جميع الحالات النفسية للشخصية التي يجسدها، وأكثر الذين يعانون هم الفنانين الذين ينتمون لمدرسة التقمص وليس الأداء.

روشتة علاج

"يجب أن يكون الفنان على دراية كاملة بكيفية إدارته لنفسه ولمشاعره قبل وبعد تجسيده للشخصيات، ومن المُفترض أن يتعلم ويتدرب جيدًا  على الدخول  في حالة انفعالية بعينها والخروج منها".. كانت تلك الكلمات جزء من روشتة العلاج التي يقدمها الأخصائي النفسي للفنانين.

وأضاف الدكتور حسين نجاح “كثيرًا ما يحتاج الفنان إلى الخروج من حدود الطبيعي والمألوف والواقع والحقيقة، بأن يتصور شخصية غير الحقيقية ويستطيع العيش مع مشاعرها، ويعبر عنها لفظيًا وحركيًا وأدائيًا، وحتى يتمكن من ذلك يجب أن تكون لديه القدرة بخلاف أدائه أن يتأمل ويتصور الشخصية”.

ويؤكد أنه بالتالي هذا الأمر قد يسرقه من انتمائه للواقع والحقيقة ويؤثر على عاداته ومعيشته وانفعالاته تجاه الواقع، لذلك قد  يحتاج إلى مساعدة في استعادة حياته  الطبيعية وأن يحافظ على صحته النفسية، من خلال خروجه من الشخصيات التي يجسدها وتؤثر عليه بالسلب.

وعلق “نجاح” على مدى تأثير الشهرة على الفنان، قائلًا "كل الفنون والجوانب الإبداعية يحاوطها مخاطرة نفسية، وحياة النجومية لها تأثير والجمهور يركز على الفنانين، وهذا يشكل ضغوطًا اجتماعية عليهم، وتنتج عنها آثارًا سلبية تصيب صحتهم النفسية".