الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:11 م

سعيد علي

سعيد علي

A A

التوأم وصلاح.. أكبر كذبة في كرة القدم

محمد صلاح مثل أي لاعب، الكل سواسية في منتخب مصر، بهذه القاعدة عبّر التوأم حسام وإبراهيم حسن عن فلسفتهما في التعامل مع نجم منتخبنا المصري وليفربول الإنجليزي محمد صلاح.

بعد أن شاهد بيب جوارديولا، أسطورة التدريب في العصر الحديث، عبر لقاء تلفزيوني، الأرجنتيني خوليو فيلاسكو،  مدرب الكرة الطائرة الشهير الذي أحدث ثورة في إيطاليا بإحرازه كل الألقاب الممكنة في أوروبا، أصر على قطع مئات الأميال لمقابلته.
وعن تلك المقابلة التي أحدثت تحولًا كبيرًا في مسيرته التدريبية يقول: "اتفقت معه حول أن أكبر كذبة في كرة القدم هي أن جميع اللاعبين سواسية، فلكل لاعب نمط مختلف، يتطلب معاملة تناسب ذلك النمط".

الجميع عند خوسيلو سواسية في "الاحترام فقط"، لكن ليس في المعاملة، ولا طريقة التواصل، وعملية التدريب، والتقييم، هناك من يجب دعوته لعشاء، وآخر يعشق الحديث عن الجانب الخططي، وثالث لا يطيق ذلك.

لتضمن أفضل ما في كل لاعب، عليك أن تبذل جهدا كبيرا لتفهم شخصيته، وتتوصل للطريقة المثالية للتعامل معه، كانت تلك القاعدة التي انطلقت منها إنجازات المدرب الأرجنتيني، وعلى دربه سار جوارديولا في عملية إدارة غرفة اللاعبين.
ليس طبيعيًا أن يعامل ميسي معاملة الآخرين، مؤكد أنه حظي بكم مديح واهتمام من جوارديولا طوال مسيرته لم يلقاه لاعبًا آخر.
كان صيف 2008 مشتعلًا في كامب نو، خوان لابورتا تحدى الجميع وعيّن الشاب بيب جوارديولا مديرًا فنيًا رغم إجماع الإدارة على تعيين المدرب الأفضل في العالم آنذاك جوزيه مورينيو، في الوقت ذاته برشلونة يحرم النجم الصاعد ليونيل ميسي من حلم تمثيل بلاده في أولمبياد بكين، والبرغوث أوشك على الاكتئاب.

داخل مكتب الرئيس خوان لابورتا تحدث بيب: "سيدي الرئيس أعلم أنك محاط بالشكوك بعد تحديك الجميع بشأني، لي طلب واحد، وأعدك بأننا في نهاية الموسم سنفوز بكل شئ، اترك ميسي يشارك في الأولمبياد مع الأرجنتين".

في التدريبات قال بيب لميسي: "ستذهب للأولمبياد، وتعود لنفوز معًا بكل شيء".

عرف جوارديولا كيف يفوز بقلب وعقل ووجدان ميسي منذ اللحظة الأولى، حقق حلمه بذهبية الأولمبياد، وعاد ليسجل 91 هدفًا في موسم لم يقدمه أي لاعب في التاريخ، والبقية تعرفونها.
لكي يفوز حسام حسن بقلب وعقل ووجدان صلاح، عليه أن يفهم أنه ليس مثل البقية، أن ما يملكه وفعله ويفعله لا يجعله في نظره، محل تقييم.

إنه لشيء يدعو للخجل أن يصرح مدرب منتخب مصر بأن تقييمه لصلاح سيعود للجهد المبذول، والمعيار الفاصل عنده بينه وبين اللاعبين هو حجم عطاءه، وكأنه يشكك في مدى جديته.

حتى وإن كانت هناك رؤى تقول بأن صلاح لا يبذل ولا يجتهد ولا يعطي للمنتخب، فلا يجب أن يؤمن بها مدرب المنتخب، وإن آمن بها لا يجب أن يصرح علنًا بهذا الإيمان في إنطلاقته ومؤتمر تقديمه.

لقد وقع "العميد" في أكذوبة الكل سواسية، بل والأكثر من ذلك هو اعتقاده بأنه أعلى مرتبة من صلاح ومن اللاعبين حين قال: "صلاح والجميع عليهم العلم بأنهم يلعبون تحت قيادتنا، الالتزام هو معيارنا".

مدرب المنتخب ليس في حاجة لتوضيح أنه القائد، وإيصال رسالته بهذه الصيغة ليس في محله، هنا سيعلمه فيلاسكو في حديثه مع جوارديولا ثاني أهم القواعد التدريبية: "علينا الإيمان أننا لسنا أعلى درجة من اللاعبين، فنحن نعتمد على عطائهم في الملعب".

مثل غيري انتابتني شكوك من صيغة التعامل التي قد تجمع التوأم مع صلاح، وبعد وقائع المؤتمر الصحفي وما حملته بين السطور، تزايدت تلك الشكوك لدرجة قد تصل حد اليقين في استحالة أن يقدما معًا عملًا جيدًا دون أن يبدل حسام حسن أفكاره عن القيادة، وطريقته في التعامل مع صلاح.
"صلاح" بحاجة إلى معاملة تليق بميسي، تقدير خاص، إشراكه في كل قرار يخصه، هو ليس مجرد لاعب عادي، ووصل من الاحترافية لدرجة تفوق الجميع علمًا، فالعناد ليس في صالح العميد ولا صلاح ولا صالح الكرة المصرية.

إن فلسفة فلاسيكو وجوارديولا هي فلسفة حياة، كل القواعد ليس شرطًا أن تنطبق على موظفيك كافة، هناك العاطفي، والعقلاني، والشغوف، والكسول، الموهوب، ومحدود الموهبة، لكلًا منا سماته وخصائصه، والمدير الرائع من يفهمها ويفهم كيف يوظفها ويستخرج من المجموعة أفضل ما فيها.

search